الفشل فى تحديد مكان الفوج المختطف بمصر أو السودان يكشف:

منافذ غير رسمية لمصر خارج سيطرة الدولة

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2008 11:10 ص
منافذ غير رسمية لمصر خارج سيطرة الدولة حدود مصر الجنوبية ليست تحت السيطرة
كتب وائل ممدوح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنباء عن اختطاف سائحين أجانب بالوادى الجديد جنوبى مصر.. تضارب حول مكان احتجاز المختطفين.. أقوال ترجح وجودهم فى المنطقة الحدودية الجنوبية، وأخرى تشير إلى احتمال عبور المختطفين بضحاياهم إلى الأراضى السودانية، النتيجة كارثة بكل المقاييس، فحدود مصر - بحسب التصريحات المتضاربة للمسئولين الرسميين - بلا ضابط أو رابط، ويبدو أن مسألة الدخول والخروج من السودان فى غاية السهولة لدرجة أن أى من مسئولى الدولة لم يستطع تحديد مكان المختطفين.. هل هو داخل الأراضى المصرية أم السودانية!

المنافذ الحدودية الرسمية معروفة، وتستحوذ على النسبة الأكبر من الاهتمام، فى المقابل تبقى المنافذ غير الرسمية بعيدة عن دائرة الضوء والاهتمام، رغم أنها الأهم والأخطر على أمن مصر الداخلى، والقومى على السواء. رفح شرقا، والسلوم غربا، وأسوان والوادى الجديد جنوبا هى بوابات مصر من الجهات الثلاث، وفيها أهم منافذ مصر الرسمية التى تلقى كل اهتمام على حساب المنافذ غير الرسمية المهملة دون أسباب واضحة.

بسهولة شديدة يمكنك الخروج من مصر والعودة إليها دون أن تمر على أى من منافذها الرسمية، ودون حاجه إلى أوراق رسمية أو تأشيرات خروج أو دخول، والأمر فى غاية البساطة، جنوبا – حيث اختفى الفوج السياحى – يمكنك العبور إلى السودان دون أن تعبر على البوابات الرسمية، حيث تفرض طبيعة المنطقة الخاصة استسهالا أمنيا على الحدود لوجود العديد من القبائل السودانية المختلطة بسكان الجنوب، وبعض هذه القبائل يسيطر بشكل تام على مناطق عدة مثل "وادى حلفا" الذى يمتد بين جنوب أسوان والسودان. ويستخدم الطريق النهرى بوادى حلفا فى عمليات التبادل التجارى بين مصر والسودان عن طريق النيل، ويستخدم هذا الطريق النهرى فى التهريب عن طريق القوارب الصغيرة التى يستغلها المهربون فى نقل حمولاتهم بين الجزر العديدة المنتشرة فى عرض النيل.

طريق حلايب وشلاتين هو الأكثر شهرة واستخداما من قبل المهربين لنفس السبب المتعلق بضعف التواجد الأمنى، رغم وجود نقطتين حدوديتين به "مصرية وسودانية"، إلا أن المهربين يلتفون حول هذه النقاط بمهرباتهم سواء كانت بشرا أو سلاحا أو مخدرات بينما تعبر سياراتهم بشكل طبيعى لتلاقيهم شحناتهم بعد مسافة آمنة من نقطة التفتيش، الأكثر خطورة من ذلك هو المسافة بين الحدود الغربية جنوب الواحات وحتى منطقة حلايب وشلاتين والتى تمتد لأكثر من 500 كيلو مترا أغلبها طرق غير ممهدة وتسكنها بعض القبائل السودانية التى تعيش على التهريب بكافة أشكاله دون أن تستطيع الجهات الأمنية التعامل معها بحسب مصدر أمنى رفض ذكر اسمه، مضيفا أن الأمر يخضع لحسابات سياسية تتمثل فى ضغوط مصرية على الحكومة السودانية بهذه القبائل، إضافة إلى القبال التى تسكن وادى الحلفا، فيتراجع الجانب السودانى عن أى مطالبات خاصة بحصص المياة والسد العالى فى مقابل الإبقاء على الوضع الشاذ لهذه القبائل مع ما يترتب على ذلك من مشكلات أمنية خطيرة .

الدعاوى القائلة بأن السودان امتداد طبيعى لمصر، أو "الحديقة الخلفية" التى لا يمكن فصلها عن بيت "مصر" بحسب د. محمد الجوادى – خبير الأمن القومى- الذى أكد أن فتح الحدود مع السودان لا يمثل خطرا على أمن مصر كونها تشترك مع مصر فى التاريخ والحدود، إضافة إلى أن كثيرا من ساكنى شمال السودان بالقرب من الحدود المصرية يحملون الجنسية المصرية والعكس فى بعض السودانيين الذين يسكنون جنوب مصر. وهو ما يختلف معه صلاح خليل الباحث السودانى المقيم بأسوان، مؤكدا أن فتح الحدود يسهل كثيرا من عمليات التهريب التى تبدأ بالبشر وتنتهى بالسلاح مرورا بالبضائع المختلفة. إضافة إلى أن السودان منطقة صراعات مسلحة، تنتشر فيها تجارة السلاح الذى يجد طريقة إلى مصر عبر الحدود المشتركة.

لن يختلف الأمر كثيرا إذا انتقلت شرقا، فلن تتعدى العقبات التى تواجهك أكثر من 750 جنديا مصريا بطول 237 كيلو مترا هى المسافة من العلامة الدولية رقم 7 وحتى إيلات الإسرائيلية، يمتد بطول هذه المسافة سلك شائك بارتفاع متر ونص على الجانب المصرى، ومثله على الجانب الإسرائيلى، ويفصل بينهما طريق ممهد بطول خط الحدود يسمى "المنطقة العازلة".

بمجرد وصولك لأية نقطة فى إطار هذه المنطقة بصبح عبورك فى منتهى السهولة، خاصة وأن الجانب الإسرائيلى لا يمانع كثيرا فى عبور اللاجئين الأفارقة إليه، بل إنه يقيم مجمعات بالقرب من الحدود لجمعهم تمهيدا لتحديد وسيلة التعامل معهم، وفى الغالب ينتهى الأمر بقبولهم لاجئين على أرضها . بينما يستخدم نفس الطريق فى تهريب المخدرات إلى مصر بمباركة إسرائيلية، وتعاون بين حرس الحدود الإسرائيلى والمهربين. كما أن التواجد الأمنى المحدود فى سيناء سمح بوجود مناطق كثيرة خارج التغطية الأمنية، ومنها طرق سيناء الداخلية مثل الطريق الأوسط الواصل بين الإسماعلية ومركزى "لجفجافة" و"العوجة" بوسط سيناء، وهناك أيضا طريق العريش- الجورة. بالإضافة إلى الطرق والمدقات الجبلية الملتفة حول القرى الحدودية بامتداد سيناء.

الجانب الغربى بدوره لا يختلف كثيرا عن الشرقى والجنوبى، فالمنفذ الرسمى الوحيد به هو منفذ السلوم بمدينة السلوم التى تقع فى أقصى الشمال الغربى. العجيب أن المنافذ التى تستخدم فى التهريب من هذا الجانب لا تبعد عن المنفذ الرسمى إلا بكيلو مترات قليلة. ويتم التهريب بطريقتين، عن طريق البحر بالالتفاف حول المنفذ والعبور لشاطئ مدينة مساعد الليبية، أو عن طريق البر من هضبة السلوم، ومرورا بالسلك الحدودى الشائك الذى "يقص" ليعبر عنه المهربون. بعد عبورهم حقل الألغام المنتشر بطول الشريط الحدودى، والذى يطلق عليه بدو المنطقة "التربان". بعدها يجد المهرب أو المتسلل نفسه فى مدينة مساعد الليبية. ويتلقفه على الجانب الآخر أبناء القبائل الليبية الذى يعملون فى التهريب بالتعاون مع مهربى الجانب المصرى.

عدم قدرة جهة أمنية أو سياسية تحديد مكان مختطفى الفوج السياحى – قبل إطلاق سراحهم – هل كانوا فى مصر أم السودان إن دل على شئ، فإنما يدل على كارثة تتعلق بحدود مصر غير المؤمنة. ويدل بالطبع على أن أشياء أكبر من مجرد فوج سياحى مختطف تجد طريقها بسهولة من السودان إلى مصر والعكس، وهو ما دفعنا لسؤال الخبير الأمنى والرئيس السابق لجهاز أمن الدولة اللواء فؤاد علام عن مسئولية تأمين الحدود، ليؤكد أنها ليست مسئولية وزارة الداخلية وأن جهات أخرى تسأل فى ذلك، دون أن يحدد هذه الجهات.


لمعلوماتك :
طريق درب الأربعين على الحدود المصرية السودانية هو الأشهر فى تهريب السلاح من السودان إلى مصر، ويمتد من غرب أسيوط مرورًا بواحة الخارجة وواحة سيوة حتى مدينة الفاشر غرب السودان، ويستخدمه المهربون لتشعب مسالكه وصعوبة السيطرة عليه. وعبره وصلت الكثير من الشحنات المهربة للأسلحة بكل أنواعها.

تعد منطقتا الكونتلا ونخل "بين العلامة الدولية رقم 52 والعلامة رقم 60" أشهر مناطق التهريب فى وسط سيناء، ويقوم على عمليات التهريب بعض أبناء القبائل التى تعيش على الحدود. وتتعلق فى الغالب بالمخدرات وبعض البضائع، إضافة إلى تهريب الأفارقة إلى الجانب الإسرائيلى.

الحدود مع قطاع غزة بين العلامة الدولية الأولى والعلامة السابعة، وتستخدم هذه المنطقة "عن طريق البر والأنفاق" فى تهريب السلاح لحركة حماس التى أكدت أن عدد الأنفاق بين النقطتين الأولى والسابعة التى لا تتعدى المسافة بينهما 13 كيلومترا تبلغ 850 نفقا.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة