"رمضان شهر الخير والبركة"، هذا ما يقوله الناس دائماً عن رمضان، ولكن مع دخول رمضان فى كل عام، ترتفع أسعار السلع الرئيسية. وهذا العام ارتفعت الأسعار بنسبة 35%. وفى هذا أوضح الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن الزيادة فى المواد الغذائية شملت اللحوم بنسبة ٢٤% والأسماك والألبان والبيض بنسب أخرى متفاوتة، فى حين لم تتجاوز الزيادة فى الدخول 7%.
فالمرتب الحكومى الذى يقدر بـ 300 جنيه، لا يكفى لأسرة تتكون من 3 أفراد أكثر من أسبوع، وهذا فى أصعب الأحوال. ومكونات الإفطار تكون فى الغالب نصف كيلو لحمة، بجانب الخضروات. أما إذا زاد العدد إلى 6 أفراد، فلن يكفى المرتب إلا لأربعة أيام فقط.
رغم كل هذا ورغم الارتفاع الشديد فى الأسعار، "المصريين بيقضوها ويتصرفوا.." دون أى شكوى من ارتفاع الأسعار أو الفقر أو أى شىء، جدعان والله .. بعض الأسر تعتمد على مرتب يتراوح بين 500-700 جنيه، وهى النسبة الأكبر. فهى تعتمد على "اللحمة" مرة والحدة فى الأسبوع، أما باقى الشهر: مكرونة وأرز كما تقول السيدة منى حسين، موظفة حكومة، بينما السيدة نجاة عبد الله، عاملة بمصنع، فتقول: "إنها بتقضى هى وزوجها و4 أبناء ربع الشهر على الأقل فى أكل الفول، "علشان يكون السحور فول والافطار فول" .. هذه هى حالة المصريين.
عزومة رمضان
لكن رغم ذلك العزومة عادة مترسخة لدى المصريين. فهم يعتبرون رمضان فرصة من الناحية الدينية لزيادة الثواب والتكفير عن السيئات، وعملاً بالحديث الذى يقول: "من أفطر صائماً فله أجره"، فإن المصريين يحرصون على إفطار الصائمين، خاصة الأقارب، باعتبار أن هذه الزيارات تزيد الروابط الأسرية.
من ناحية أخرى، مرتب الموظف الحكومى الذى يبلغ 500 جنيه لا يكفى إلا لعزومتين لثمانية أفراد، تقول شيماء على وهى ربة منزل أن تكلفة 8 أفراد "أى أربعة ضيوف فقط" لأن أسرتها تتكون هى الأخرى من أربعة أفراد" تصل إلى 250 جنيهاً، 3 كيلوات لحمة بـ120 جنيهاً، بجانب الخضار والطماطم والبطاطس والأرز والمحشى والمشروبات والفاكهة.
العزومات أصبحت هم على القلب
لم تعد العزومات الرمضانية فى كثير من الأحيان هدفها التقارب مع الآخرين، وبعض الأسر بدأت فى تقليد جديد وهو العزومات الجماعية، فيقوم العازم بدعوة جميع أصدقائه فى يوم يخصصه هو، على اعتبار ضمان الحصول على الثواب والأجر. وبعد المغرب ينصرف الجميع لتتحول العزومة من جلسة للمودة، إلى تجمع للأكل والطعام فقط.
عزومات جماعية أخرى (إفطار جماعى) تقام فى صوان كبير يقيمه أحد الأفراد ويدعو فيه "أهل الحتة"، وقد يصل العدد فى بعض الأحيان إلى أكثر من 300 شخص. ولكن ينصرف الجميع بعد الإفطار مباشرة. ويقول أسامة محمد إنه دعى أكثر من مرة لعزومة من هذا النوع ورفض حضورها، لأنه يعتبرها عزومات "فشخرة كدابة قدام الناس". "فلان عزم الناس كلها ومحدش بيشبع فيها!!"، بينما يشجع حسام إبراهيم الذهاب لهذه العزومات لأنها على حد قوله "بتجمع الفقرا".
الدكتور رشاد عبد اللطيف أستاذ علم الاجتماع يقول إن العزومة ما زالت تدل على نوع من التكافل الاجتماعى، وهى عادة مصرية وإسلامية لن تنقطع مهما كانت الحالة الاقتصادية لأفراد المجتمع. زادت فى الفترة الأخيرة العزومات الجماعية، ولها ما يبررها لسببين: الأول توفير الوقت والثانى توفير الجهد على سيدة البيت. فبدلاً من أن تجهد نفسها، بجانب الميزة الاقتصادية الذى تدفع الأسرة إلى ذلك، خاصة أن تكاليف العزومة الجماعية تزيد كثيراً عن ثلاث أو أربع عزومات فردية.