من عمق تجربة الاغتراب القاسية، تنطلق كتابات فكرى داود السردية، لتعبر عن هذا الزخم الحسى والمعنوى، الذى يجسد مادية الاغتراب وقسوته، والذى تحتشد به التجربة الحياتية والإبداعية المصاغة بنوع مختلف من أنواع المعالجة التى تتألف من جو مشحون بغرائبيته.
بداية من مجموعته القصصية "صغير فى شبك الغنم" الصادرة عن هيئة قصور الثقافة 2001، وضع فكرى داوود أساسا لتجربته فى الكتابة عن الغربة، وإن جاءت فى شكل أقاصيص اعتمدت أسلوب القص الحديث من تكثيف وإيجاز ولغة دالة، وقد تناثرت تلك القصص فى متن المجموعة التى عبرت عن أكثر من اتجاه، منها هذا الاتجاه، وإن ركزت عليه نوعا ما.
فكرى داود فى "عام جبلى جديد" يقدم هذا العالم الغرائبى ـ عالم الغربة ـ بصورة متكاملة، تتوافر لها عناصر العمل الفنى الناضج روائياً، وإن اتخذ له شكلاً، يعتمد بنية النصوص القصصية المنفصلة، المتصلة بخط الجو العام ـ بيئة الصحراء ـ والشخوص، والكائنات المجاورة أو الموازية للشخوص، بحيث من الممكن أن نطلق عليها متوالية قصصية، بنفس القدر الذى نعتمد به رؤيته الكلية، فى إطار النص العام كنص روائى، اجتمعت له عناصر الجو الروائى، من مكان وزمان وشخوص محددة، تتوالى أدوارها فى الظهور، على سطح النص المشحون بمشاعر الاغتراب، مع غرائبية للمكان، تعتبر من خصوصياته المميزة، والضاربة فى غور التجربة..تقسيها، وتعمقها، وتجعل للاغتراب طعما آخر أشد مرارة، وأكثر إيلاما وبشاعة، تحيلنا إلى أجواء المنافى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة