"السوبر مان" هذه الشخصية الخيالية التى بدأت أوائل الأربعينيات من القرن الماضى، واستمرت رمزاً لكل ما هو خارق وخيالى ومغاير للمنطق وقوانين الطبيعة، كل تلك الصفات لا تمثل ذرة من المهارات الخارقة التى تمتلكها شخصية سعد الدالى التى نسجها وليد يوسف بعيداً عن المنطق وطبيعة الأشياء والخلفية التاريخية التى تسير عليها الأحداث، رغم أن المسلسل من المفروض أنه أقرب إلى الواقع بسبب الأحداث التاريخية الحقيقية المنسوجة فى سياق الدراما.
فمن الجزء الأول بين خلفية الأحداث التاريخية من أحداث التأميم والهزيمة وانتصار أكتوبر إلى الجزء الثانى حادث المنصة، نجد شخصية استثنائية تحيطه ظروف تم تفصيلها على المقاس جاءت بصاروخ من كوكب آخر لتتكاتف الأحداث والنتائج والشخصيات جملة واحدة فى لحظة لتخدمه، ثم تنقلب عليه فى اللحظة التالية لتطيحه أرضاً ثم تعود وتصالحه، ونكتشف فى النهاية أنه بدهاء الفأر "جيرى" كان كل ما حدث من ترتيبه وجاء بمعرفته، وطبعاً خرج فى النهاية منتصراً على الجميع.
وطبيعة هذه الشخصية بدأت من الجزء الأول منذ حادث الاعتداء عليه بعد أن فرغت خزينة بندقية آلية رصاصها فى صدره وقام دون أى إصابات أو حتى عاهات مستديمة، ورغم سعيه لمعرفة مرتكب الحادث إلا أن الصدفة هى التى قادته لمعرفة القاتل، وفى النهاية وعندما صارحه ابن عمه فوزى الدالى، نكتشف أن سعد كان على علم بحقيقة الأمر ومع ذلك تماسك، رغم أن ضحية الحادث كان ابنه، وانتهى الأمر باعتذار فوزى كأنه داس على قدمه دون قصد.
ومع بداية الجزء الثانى الذى لا يفصله عن الأول فارق زمنى كبير، نجد الشخصية مازالت تحتفظ بقدراتها الخارقة أكثر من الجزء الأول ساعد فى ذلك ظهور شخصية سوليمان اليهودى الذى يقف أمام نجاح رجل الأعمال المصرى، ولكى تحتفظ شخصية سعد الدالى بدهاء الفأر "جيرى" كان لابد أن تكون شخصية سوليمان هذه فى غبائها ورعونتها أقرب إلى القط "توم"، لتتحول حلقات الدالى من حلقات "سوبر مان" إلى مغامرات "توم أند جيرى"، وهو ما ظهر فى الحلقات الأولى عندما ذهب الدالى إلى باريس ليبيع شركاته هناك فيدفع سوليمان شريك سعد إلى عرقله الصفقة.
وعندما تتعقد الأمور تنشق الأرض ويخرج منها شاب فرنسى من أصل عربى يكتشف الدالى أنه ابن أحد أصدقائه، وهى شخصية أقرب فى منطقها إلى الكلب البولدج الذى كان يساعد الفأر دائماً، ويعاونه الشاب على بيع الشركات فيضطر سوليمان إلى توريطه فى قضية تهريب سلاح، وهى قضية تصل عقوبتها فى فرنسا إلى السجن المؤبد، وبمساعدة صديقه يصل إلى اتفاق مع سوليمان أن يبيع الدالى شركاته بسعر زهيد مقابل أن يخرج من السجن وبعد أن يصل إلى الميناء استعداداً للرحيل، نكتشف أن الدالى خدع سوليمان وكان قد باع الشركات لشخص آخر.
طريقة "توم أند جيرى" الذى يدور على طريقتها، الصراع بين الدالى وسوليمان أفقدت المشاهد دوافع المتابعة للمسلسل.
وتبقى شخصية خالد الدالى الذى كان المشاهد ينتظر أن يكون انتقام سعد الدالى منه هو العقدة الدرامية فى الجزء الثانى، إلا أن غياب هذه الشخصية مع أولى حلقات الجزء الثانى بقتل سوليمان له، جعل المشاهد لا ينتظر شيئاً من الأحداث، خاصة وأن شخصية سوليمان لا تملك من الدينيماكية ما يجعلها محور اهتمام لتحفيز المشاهد، كما أنها ليست شريرة بالدرجة التى تشد المشاهد بل هى خفيفة الظل فى بعض الأحيان تتسم بالشياكة والذكاء فى أحيان وبغباء الأطفال فى أحيان كثيرة، مما يجعلها أقرب إلى الشخصيات الكارتونية الضاحكة.
وبنفس السذاجة يذهب سعد الدالى إلى مباحث أمن الدولة ليعترف بجريمة القتل التى ارتكبها فوزى الدالى فى الجزء الأول، ورغم أنه فى هذه الحالة مدان بتهمة التستر على قضية أمن دولة، إلا أن طبيعة الدالى الخارقة لا يمكن أن تعرض لأى مساءلة قانونية.
أما السوبر مان سعد الدالى فتدريجياً يفقد تعاطف المشاهد معه الذى كان متوفراً بشدة فى الجزء الأول فى كل مرة تثبت الأحداث صدق السيدة رشا "وفاء عامر" التى تدعى أنها زوجة فوزى الدالى فى ادعائها أمام ظلم سعد الدالى.
شخصية الدالى بين فظاعة السوبر مان ودهاء الفأر جيرى، تحولت إلى شخصية مشوهة درامياً تفقد علاقتها بالمشاهد تدريجياً مع كل حدث يتم افتعاله، لاستكمال الأحداث التى باتت غير مقنعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة