هذا مقال من وحى لجنة القيد الأخيرة بنقابة الصحفيين، رأيت تأجيله إلى حين أن تلقى الحرب أوزارها، حتى لا يمثل تأثيراً على قرار اللجنة من أى نوع، قد يضار به زملاء تشرف النقابة بعضويتهم، وقد ينتج عنه فتنة، لا تُصِبنَّ الذين ظلموا خاصة!
فهذه أول لجنة فى تاريخ النقابة، تنظر فى طلب العضوية لهذا العدد من المتقدمين، إذ تجاوزوا الـ 250 متقدماً، وهو أمر لم يحدث، حتى فى إحدى المرات التى تم فتح باب القيد بعد أن كان مغلقاً بقرار من المجلس لمدة عام، فى إحدى ولايات الأستاذ مكرم محمد أحمد. وفى تقديرى أن المشكلة ليست فى العدد، ولكن فى وجود عدد كبير من الصحف غير الجادة، والتى تحيط بها الشبهات من كل جانب، وأيضاً فى وجود عدد غير مسبوق من المتقدمين، الذين لا علاقة لهم بالمهنة، إلا فى من خلال استيفاء الأوراق!
ويذكر للجنة القيد أنها اجتهدت من أجل تفعيل "المقابلة"، من خلال توجيه عدد من الأسئلة للمتقدم، حتى يتبين لها الخبيث من الطيب، وكانت من قبل مجرد إجراء شكلى، وعندما جرى تفعيلها فى سنة 1994، لم يكن الأمر يخرج عن سؤال واحد يتيم وهو: من أحسن كاتب عمود يومى فى الصحافة المصرية؟ وقد أبلغ الحاضر الغائب، والداخل المنتظر، وجرى "التغشيش" بأن أحسن كاتب هو سلامة أحمد سلامة!
اللجنة فى أزمة حقيقية، وإذا كانت اللجان السابقة تمارس البلطجة، بحكم أن النقابة سيدة جدولها، وست جيرانها، فستبعد ما تشاء من صحف لا تروق لها، وبدون إبداء أسباب، فإن اللجنة الحالية سعت إلى إعمال اللائحة التى تنص على شرط أن تكون الصحيفة المتقدمة لطلب قيد العاملين فيها، مر على صدورها عام، تستوى فى هذا الصحف اليومية مع الأسبوعية مع الفصلية!
بعض الصحف المتقدمة، بأعداد غفيرة للجنة القيد، مستوفاة للشروط الشكلية، بحكم الظاهر من الأوراق، مع أن المهتمين بالشأن الصحفى، وأحسب أننى واحد منهم، لم يسمعوا بها إلا عندما تم تعليق أسماء المتقدمين للقيد فى مدخل النقابة، والصحف التى يعملون بها!.
قيل إن بعض الصحف تقاضت أموالاً نظير التعيين الشكلى، وهذا ليس جديداً، وفى لجنة قيد سابقة اتصل رئيس أحد الأحزاب الهامشية برئيس لجنة القيد وقت انعقاد اللجنة، وطلب منه عدم قيد من يجلسون أمامه، لأنهم ضحكوا عليه، فقد حصل من كل واحد منهم على عشرة آلاف جنيه، على أمل أن يتم تسديد ثلاثة آلاف أخرى عن كل رأس، ولم يفوا بما وعدوا، وطلب من رئيس اللجنة أن يساعده فى الحصول على المتأخرات، والذى لم يتعامل مع ما قاله، باعتباره يسقط الثقة والاعتبار فى المتقدمين إليه، ويجعل خطابات قيدهم المعتمدة من رئيس الحزب تخلقت فى رحم البطلان، فقد قبل قيدهم على البركة!
فى اللجنة الأخيرة، شهدنا حالة تدافع أسرى نحو القيد، الرجل وأهل بيته، وزوجات وأقارب لمن هم فى حكم أصحاب الصحف التى يعملون بها، ومن لهم خبرة مجيدة فى العمل بالإعلانات، ووصل الحال إلى أن سائق تاكسى كان من بين المتقدمين!
وإزاء هذه الفوضى تحسر البعض على تشدد يحيى قلاش، الذى كان يصل فى كثير من الأحيان، إلى حد التعسف فى استعمال السلطة، مع أن لجنة قيد الزملاء فى جدول المشتغلين كشفت يوم الأحد الماضى عن واقعة فساد نقابية، تمثلت فى قيد شخص "فى السر" من جريدة "الأمة" التى لا تصدر، بجدول تحت التمرين مع أنه عضو فى نقابة أخرى، وهو أمر محظور بحكم قانون نقابة الصحفيين، فضلاً عن أنه يمتلك شركة للإنتاج الفنى!
ولو عددنا الحالات التى دخلت بهذه الطريقة فى لجان القيد السابقة، لاحتاج الأمر إلى مجلد!
ومهما يكن، فقد قُضى الأمر فى اللجنة الأخيرة، وينبغى أن يتم عقد ورشة عمل لوضع ضوابط لعملية القيد، حتى لا يأتى يوم يصبح الصحفيون أقلية فى نقابة الصحفيين، وقد يدرجهم الدكتور سعد الدين إبراهيم فى تقريره السنوى عن "الملل والنحل"، وهم الأقليات، ويدرج ما يتعرضون له من اضطهاد، قد يدفعه إلى طلب تدخل القوات الأمريكية، لرفع الظلم الواقع عليهم من قبل الغالبية من الأعضاء!
وأعتقد أن هذه الورشة ينبغى أن تبدأ بوضع تعريف لمن هو الصحفى، وقبل هذا لا ينبغى أن نلوم لجنة القيد.
عموماً مبروك للأعضاء الجدد، صحفيين وغير صحفيين!