فتحى الشوادفى

أقباط المنطقة الخضراء

الأحد، 14 سبتمبر 2008 05:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصر كلها دويقة .. الحياة فيها عشوائيات والصخور تتساقط عشوائيا لتقصف أعمار قاطنيها الذين ينحتون الصخر عندما يأكلون ويسقطون تحت الصخر عندما يتبولون، سكان مصر الدويقة يتلقون الصخور من هضبة المقطم ومن سكان المنطقة الخضراء الذين لا يبالون بمن يموت ومن يعيش، ولا أين تسقط الصخور، بل ويتعمدون إسقاط الصخور أوقات الزحام، وكلما ازداد عدد الضحايا ينتشون ويشربون نخب حرق الوطن وربما يتقاضون ثمناً يليق بحجم صخرتهم وحجم الخطر الذى زرعوه فى قلب الوطن.

ومن بين عشرات الصخور التى انهمرت على رأسنا فى الدويقة "مصر سابقا" صخرة فى شكل مقال صحفى للأستاذ مدحت قلادة، يعتبر فيها أن شهر رمضان الكريم شهر وبال على رأس المسيحيين فى مصر، لأن المسلمين تفلت أعصابهم ويفتكون بإخوانهم فى الوطن، ولأن الأستاذ مدحت من أقباط المنطقة الخضراء - التى تضم بعض أقباط المهجر وأيضا بعض مسلمى المهجر- فلم يهتم بمن سقطت عليهم المقال الصخرة ولا بمن مات تحتها مسلما كان أو مسيحيا، والفارق بين الصخور المتساقطة من هضبة المقطم والصخور الملقاة من سكان المنطقة الخضراء أن الأولى تسقط عشوائيا والثانية تسقط مع سبق الإصرار والترصد، لأن هذه وظيفتهم التى يقتاتون منها.

المقال الصخرة لا يستحق اعتباره وجهة نظر تستوجب المناقشة، لأنه باختصار نموذج لقلب الحقائق والافتعال والمنطق الفاسد فى الاستدلال ويكفى أن واحدة من بين الحوادث، التى اعتبرها قلادة دليلا على ما يراه من مثالب شهر رمضان، وهى حادثة قرية كفر سلامة التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية بدأت بقيام مسيحى بقتل مسلم وأكرر "قيام مسيحى بقتل مسلم"، فهل يقصد الأستاذ مدحت أن شهر رمضان يفـُلت أعصاب المسيحيين ضد المسلمين. وبالمناسبة فان القضاء المصرى أنهى القضية بالحكم بالسجن على المسيحى.

الرد بالتفاصيل على "لستة" اتهامات قلادة لشهر رمضان سيكون وقوعا فى فخ الدفاع عن التطرف من الجانبين، كما حدث فى قرية دميان أو عن سلوكيات مرفوضة شكلا وموضوعا من قبل جماعات التطرف الإسلامى المسئولة عن الكم الأكبر من "لستة قلادة"، ولذلك لن أتعامل مع لائحة الاتهامات التى أوردها قلادة تهمة تهمة، ولكنى أسجل فقط أن اجتزاءها من سياقها وإهمال عشرات الحقائق لتتحول من أحداث يمر بها وطن مأزوم، تحت وطأة تحالف التخلف والتطرف والاستعمار الجديد إلى اعتبارها سلوكاً جماعياً يقوم به كل الصائمين، ماعدا الفتيات اللواتى يستقبلن قلادة بالقبل ضد كل المسيحيين.

المقال المعاد نشره مجرد صخرة جديدة تسقط على رأس المصريين مسلمين ومسيحيين، ولا أجد سببا لنشره فى موقع محترم لا يعترف بغسيل المقالات، إلا أن الأستاذ مدحت تلذذ بجرح مشاعر المسلمين والمسيحيين الذين يرون أن صخرة قلادة تهدد أمن الوطن ولا تختلف عن قيام معتوه بإلقاء مياه نار على كنيسة فى الإسكندرية، ولا بيانات الجماعة الإسلامية المتطرفة التى يتضرر منها قلادة نظريا وتضررنا جميعا منها عمليا، لأننا من سكان مصر الدويقة وسيادته من سكان المنطقة الخضراء.

سكان الدويقة الوطن يعيشون شهر رمضان، إما شهر للعبادة عند الجانب المسلم أو شهر للوحدة الوطنية عند الجانب المسيحى الذى لا يشاركنا ببطاقات تهنئة أو حفلات إفطار وحدة وطنية، ولكنهم يصومون معا شهر رمضان حرصا على مشاعرنا، ولا أقصد طبعا الصوم الشرعى، ولكنهم يمتنعون عن الطعام بشكل علنى، ولا تجد فيهم من يدخن سيجارة علنا، هؤلاء هم المسيحيون الذين يعيشون معنا فى الدويقة الكبيرة يتمتعون بدرجة من الإحساس الوطنى، بدا فى تعليقات عشرات المسيحيين على صخرة قلادة التى أوجعت قلوبهم، كما أوجعت قلوبنا ويشعرون بالخطر القادم من المنطقة الخضراء مثل جميع سكان الدويقة الكبيرة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة