بعد النجاح الذى حققته قطر فى لم الشتات اللبنانى، دخلت الدوحة مجدداً على الخط لحل الأزمة الدارفورية، التى استعصت على المجتمع الدولى والإقليمى والداخلى للسودان.
ويرى البعض، أن لقطر مميزات كبيرة فى إدارة الأزمة، نظراً لعلاقاتها القوية بالغرب، فى حين يرى فريق آخر أن قطر من خارج الجوار السودانى، وليس لديها الخبرة الكافية لإيجاد حل للأزمة الدارفورية، إلا أن قطر وثقلها الدولى، ومقدرتها على التنمية وإعادة التأهيل والبناء بدارفور يؤهلها لذلك، والسؤال هنا هو: هل الدوحة قادرة على هذا الحل فى وجود دولة محورية مثل مصر يتشابك أمنها القومى مع هذه الأزمة؟، التقرير التالى يرصد مدى نجاح وإخفاق قطر فى الحل، ومدى استجابة الحركات المسلحة للمبادرة بعد رفضها لتبنى الجامعة العربية لها.
أكد إدريس سليمان نائب رئيس البعثة السودانية بالقاهرة، أن اختيار قطر لحل أزمة دارفور هو اختيار موفق، نظراً لحيادها التام فى الأزمة. وقال سليمان إن مشكلة دارفور لها أبعاد إقليمية ودولية وتنموية، وأن قطر صلاتها مع الأطراف الدولية ممتازة، وبعلاقاتها يمكنها تنمية الإقليم والمساعدة فى سد التعويضات التى تطلبها الحركات المسلحة، مضيفاً أن وجود قطر خارج دول الجوار السودانى لا يؤثر سلباً فى حل الأزمة كما يتصور البعض، وأن اللجنة التى كونتها الجامعة العربية بقيادة قطر بها كل الأطراف المعنية، مصر وليبيا والاتحاد الأفريقى، وهى عبارة عن آلية جيدة للحل لأنها لم تستثنى أحد، موضحاً أن الحركات المسلحة بدارفور لم ترفض المبادرة كما هو معلن، ولكنها تركت الباب موارباً ومع كثير من الاتصالات والمشاورات سوف يتغير رأيها بالموافقة.
أما رقية عبد القادر ممثلة حزب الأمة السودانى بالقاهرة فأشارت إلى أن قطر دولة مؤثرة وعلاقاتها مميزة بالدول العربية، وأنها قياساً بدول الخليج لها علاقات جيدة مع الغرب، مؤكدة أنه لو أتيحت الفرصة كاملة لقطر فسوف تحل الأزمة فى دارفور، وقالت رقية إن رفض الحركات المسلحة فى دارفور للمبادرة، جاء لأن الجامعة العربية هى التى تتبناها، نظراً لعلاقات الجامعة السيئة بهذه الحركات، فصندوق إعمار دارفور فى الجامعة لا يشاركون فيه على عكس الحكومة، بالإضافة إلى تصريحات الجامعة بعد أحداث أم درمان بأن حركة العدل والمساواة التى قامت بالهجوم هى حركة إرهابية.
وترى رقية، أن اعتراض الفصائل المسلحة فى دارفور ليس اعتراضاً على قطر وإنما اعتراضاً على الجامعة العربية. وقالت إن قطر كدولة لديها فرصة جيدة لو عملت بمعزل عن الجامعة العربية، ودعت ممثلة حزب الأمة قطر بالعمل لدعوة قادة الحركات الدارفورية إلى الدوحة والتشاور معهم تمهيداً للمبادرة وإحساسهم بالجدية، وكذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر إقليمى لدول الخليج لتنمية دارفور. وقالت رقية، إن ليبيا لم تصلح للحل بالإقليم لأنها أصبحت جزءًا منه، بالإضافة إلى التلميحات بتورطها فى أحداث أم درمان. أما مصر فانحيازها إلى جانب الحكومة السودانية جعل الحركات المسلحة ترفضها وسيطاً للحل.
من جهته، يرى هانئ رسلان الخبير ومدير برنامج السودان وحوض النيل بالأهرام، أن التحرك العربى بشأن دارفور يتسم بالبطء. وقال إن مبادرة الجامعة جاءت متأخرة، وإن اختيار قطر له مزايا وعيوب، ومن مزاياه أن قطر من خارج الإقليم السودانى، وأنها تلقى قبولاً من الجميع لأنها غير منحازة لأى طرف فى الأزمة، ولكن نقل المسألة لقطر هو تجاوز للدور المصرى والليبى، مضيفاً أن الموافقة على قطر رئيساً للجنة التى تقود الحل يعبر عن عدم تفاؤل مصر وليبيا بإمكانية الحل، أو عدم الرغبة المصرية نتيجة الفتور إزاء عدم سماع الخرطوم للنصائح المصرية فى موضوع المحكمة الجنائية الدولية. كما يرى رسلان أن رفض الحركات المسلحة فى دارفور للمبادرة بداية غير مبشرة.
وقالت د. أمانى الطويل الخبيرة بمركز الأهرام الاستراتيجى، إنه لابد على قطر أن يكون لها اتصالات مع مصر بسبب خبرتها فى الملف، بالإضافة إلى متطلبات الأمن الإقليمى، مضيفةً أن الخبرة السابقة لقطر فى إحراز تقدم على صعيد الأزمة اللبنانية يمكن أن يكون فاعلاً ومؤثراً فى الحل، وأنها قد تحوز على قدر من الرضا من جانب الفصائل المسلحة.
وترى أمانى، أن الدور القطرى لن يكون بمعزل عن فرنسا، وأن الأخيرة كان لها العديد من الاقتراحات بشأن مذكرة توقيف الرئيس البشير الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، وقالت إن تضافر الدورين القطرى والفرنسى يمكن أن يسير قدماً بهذا الملف إلى الأمام، مشيرةً فى هذا الصدد إلى أن رفض الفصائل المسلحة لقيام الجامعة بدور فى دارفور أمر غير موفق، لأن الجامعة أول من تحرك حيال الأزمة فى عام 2004، وأصدرت تقريراً وقتها يدين الانتهاكات فى دارفور ويدين الحكومة السودانية وقتها، الأمر الذى أدى إلى عدم حضور الرئيس البشير للقمة العربية وقتها بالجزائر، وأن الجامعة ضمنت فى المبادرة تفعيل العدالة والمحاسبة لمنتهكى جرائم الحرب بالإقليم، وأخذت بمبدأ القضاء الوطنى، وهذا معمول به فى ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، كما ضمت ضرورة المصالحة الشاملة.
وأضافت أمانى، أن نظرة الحركات للجامعة على أنها تدخل لصالح البشير نظرة تقفز على الوقائع، لأن الجامعة مهتمة بالدولة السودانية وبالحل السياسى المتوازن فيها، على اعتبار أن الشرذمة ليس فى مصلحة أى طرف.
وأوضحت أمانى، أن قطر مرشحة للحل بسبب علاقاتها القوية بالغرب، ويمكنها فتح قنوات اتصال مع كل الأطراف. وأكدت أمانى على الدور المصرى الذى يدعم كل الأطراف بعكس ما تجده الفصائل المسلحة وقالت إن الأساس لدى مصر هو دولة سودانية موحدة، وأن مصر رفضت ما حدث فى معسكر كلمة بدارفور مؤخراً، وقالت فى بيان لوزارة خارجيتها إن الاعتداء بالمعسكر هو استخدام مبالغ للقوة، وأضافت أمانى أن رفض الحركات للمبادرة غير أصيل، وأنها ترى من وراء ذلك الفرقعة الإعلامية، مؤكدةً أن هناك اتصالات مع هذه الحركات للانخراط فى المبادرة.
نجحت فى لم شتات لبنان وتقترب من حل أزمة دارفور:
قطر تسحب بساط الزعامة الإقليمية
السبت، 13 سبتمبر 2008 06:35 م
الشيخ حمد بن خليفة الثانى أمير دولة قطر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة