تعرضت أسهم مجموعة "طلعت مصطفى" لموجات متتالية من التراجع أفقدت الأسهم لأكثر من نصف قيمتها خلال أيام، على إثر اتهام رئيس مجلس إدارتها هشام طلعت مصطفى بالتحريض على قتل المطربة سوزان تميم، وهو ما تبعه حالة من الهلع والخوف بين المستثمرين فى البورصة، خصوصاً صغار المساهمين فى المجموعة، وهم الأقل خبرة والأسرع استجابة لمثل هذه التخوفات، وهو يجعلهم يقبلون على التخلص من أسهمهم أثناء تراجعها خوفاً من زيادة التراجع، ولذلك تعرض معظمهم لخسارة أكثر من80% من أموالهم خلال الأزمة.
الخبراء قالوا إن ضعف خبرة المستثمرين وعشوائيتهم ليست السبب الوحيد فى تعرض صغار المستثمرين منهم للخسارة الكبيرة، ولكن هناك أسباب أخرى على رأسها عدم تطبيق مبادئ وقواعد الحوكمة فى الشركات المدرجة فى البورصة حتى يمكن حمايتها من الانهيار، بالإضافة إلى الحفاظ على حقوق أصحاب الأسهم والمساهمين فى هذه الشركات التى قد تتعرض لمثل أزمة طلعت مصطفى.
أشار الخبراء إلى أن "مبادئ الحوكمة" يمكن أن توفر الحماية اللازمة لصغار المساهمين وخفض مخاطر سوء الإدارة ومحاربة الفساد إلى جانب زيادة الثقة فى الشركات، وفى الاقتصاد بشكل عام، بالإضافة إلى أن هذه المبادئ تحدد مسئوليات مجلس إدارة الشركة وتضع الضوابط القانونية التى تحكم عمله، وأن الإجراءات التى اتخذتها بورصة القاهرة والهيئة العامة لسوق المال بإلزام الشركات المقيدة بالبورصة بتطبيق مبادئ الحوكمة قد ساهمت كثيراً فى الحفاظ على استقرار الشركات ومنع انهيار البورصة فى أوقات الأزمات، إلا أن الكثير من الشركات خصوصا الشركات العائلية غير المدرجة فى البورصة مازالت لا تطبق قواعد الحوكمة بصورة كاملة.
ومعروف أن الحوكمة هى مجموعة القواعد والنظم التى تحدد العلاقة بين إدارة الشركة ومجلس الإدارة والمساهمين فيها وأصحاب المصالح الأخرى المرتبطة بها، كما أنها تحدد كيفية تشكيل مجلس الإدارة وطريقة عمله واختصاصاته والتزاماته المرتبطة بالإفصاح والشفافية ولجان المجلس واختصاصاتها.
كما تحدد إجراءات الإفصاح وإتاحة المعلومات للمساهمين وسياسات توزيع الأرباح والتصويت فى الجمعيات العمومية، وإتاحة المناقشة لكافة الحضور، كما تحدد أسلوب تعيين مراقب الحسابات واستقلاليته والتزاماته والرقابة الداخلية والتزامات إدارة المراجعة الداخلية.
كما أن تطبيق مبادئ الحوكمة يمكن أن يحقق نتائج ايجابية متعددة، أهمها زيادة قدرة الشركات على الحصول على التمويل بتكلفة أقل، وحماية أموال المساهمين ومحاربة الفساد داخل الشركات ورفع ربحيتها ومعدلات نموها، ودعم قدرتها التنافسية وتعبئة المدخرات ورفع معدلات الاستثمار.
وقال عيسى فتحي رئيس شركة الإستراتيجية للأوراق المالية إن الأزمات الأخيرة تدعو إلى ضرورة تطبيق قواعد ومبادئ الحوكمة فى جميع الشركات سواء المقيدة بالبورصة أو غير المقيدة، وأيا كان شكلها القانونى وذلك لحماية صغار المساهمين فيها، مشيراً على ضرورة إلزام الشركات العائلية غير المقيدة بالبورصة بهذه المبادئ، وأن تشترط البنوك توافر هذه المبادئ فى أى شركة تلجأ للإقتراض.
كما يجب أن تمتد هذه المبادئ إلى الشركات التى تبيع بنظام التقسيط وتحصل على دفعات مقدمة من العملاء، مؤكداً ضرورة أن يتم حصر قواعد الحوكمة فى قانون الشركات الموحد المزمع إصداره، وأن تفرض عقوبات رادعة فى حالة مخالفتها، لافتاً إلى أن تطبيق مبادئ الحوكمة هو السبيل الوحيد لزيادة الثقة بالشركات، وفى الإقبال على الاستثمار فى مصر وتحقيق الشفافية وحماية المستثمر الصغير.
يذكر أن الهيئة العامة لسوق المال أصدرت القواعد التنفيذية لحوكمة الشركات المقيدة ببورصتى القاهرة والإسكندرية فى 23 نوفمبر2006، وذلك لتحويل مبادئ الحوكمة الصادرة عن وزارة الاستثمار فى أكتوبر2005، من مجرد معايير وأدلة إرشادية، إلى قواعد ملزمة، وإصدار أدلة للتطبيق لمعاونة الجهات المعنية على تنفيذ هذه القواعد، كما أسست إدارةً لحوكمة الشركات وألزمت مراقبى الحسابات بإعداد تقرير عن مراجعته لمدى التزام الشركات بتطبيق قواعد الحوكمة الصادرة عن الهيئة الواردة بقواعد القيد بالبورصة، وعلى مراقب الحسابات إخطار الهيئة بصورة من تقريره الخاص بالحوكمة قبل تاريخ انعقاد الجمعية العمومية.
بسبب غياب قواعد حوكمة الشركات
صغار المساهمين الأكثر تضرراً من أزمة طلعت مصطفى
السبت، 13 سبتمبر 2008 05:14 م