أيام تفصلنا عن المؤتمر السنوى الخامس للحزب الوطنى، وسط توقعات بتغيرات جذرية فى صفوف الحزب تصب فى صالح الحرس القديم، تصحبها تنبؤات بتعديل وزارى وشيك. لكن منصب ووضع جمال مبارك فى الحزب سيظل أهم ما ينتظره الشارع المصرى.
مؤتمر الوطنى، المقرر عقده بداية نوفمبر المقبل، سيشمل ـ إلى جانب التوصيات المعتادة بتفعيل اللامركزية وتمكين المرأة وغيرها ـ جدول أعمال آخر أكثر سخونة بدأ الإعداد لتنفيذه الآن وراء الستار، هذا الجدول خاص ببورصة التصعيد والتجميد التى تنتظر قيادات الحزب, والتى زاد من سخونتها سقوط كل من هشام طلعت مصطفى وفريد خميس كمتهمين فى قضايا لا تزال رهن التحقيق.
طلعت مصطفى وفريد خميس، من أبرز شخصيات الحزب الوطنى, وإن كان الأول أحد أعضاء فريق الحرس الجديد بخلاف الثانى المحسوب على الحرس القديم. فمن المتوقع أن يؤثر ما حدث لكليهما على سير الأحداث داخل أروقه الحزب، خاصة أن سقوط هشام تحديدا اعتبر ضربة موجعة لفريق الحرس الجديد, بل وذهب بكثيرين إلى حد توقع أن يوقف ما حدث زحف أعضائه نحو التحكم فى مقاليد الأمور داخل الحزب, باعتباره كان أحد أبرز رجال جمال مبارك, بل وكان المنافس الرئيسى لأحمد عز.
عودة الحرس القديم
ربما يأتى المؤتمر المقبل بمفاجآت تتمثل فى إعادة بعض الوجوه القديمة إلى قلب الصورة، بعد أن ابتعدت لفترة، لتتولى مره أخرى مسئولية إدارة شئون الحزب, وأبرز من يتوقع لهم العودة هو كمال الشاذلى النائب المخضرم، والذى يرى البعض أن إبعاده عن الصورة كلف الحزب الكثير، وأن الوضع الحالى للحزب وما يدور بداخله من صراعات بين القوى المتنافسة يحتاج لشخصية مثله لضبط الأمور.
فى السياق نفسه، يأتى الحديث عن أسماء أخرى سيبقى لها- رغم كل ما حققه الحرس الجديد من انتصارات مؤقتة – قوة لا يستهان بها تستمد وجودها من وجود الرئيس مبارك نفسه, ومنها صفوت الشريف وذكريا عزمى وأيضاً مفيد شهاب، والذين يُتوقع لهم أن يحتفظوا بمواقع ثابتة داخل الحزب حتى لو اختلفت المسميات.
هبوط مؤشر عز!
يبدو غريباً للوهلة الأولى أن يتصدر أحمد عز قائمة توقعات التجميد فى الفترة القادمة, إلا أن إمبراطور الحديد الذى ملأ المشهد السياسى بأخباره وتحركاته وكان محل تركيز الجميع للشعور بكونه المتحكم الأساسى فى معظم السياسات الاقتصادية فى مصر من خلال موقعه فى الحزب وكذلك فى مجلس الشعب, والذى احتل كل أبعاد الصورة وحده إبان الارتفاع الجنونى الذى أصاب أسعار الحديد، والذى تحتكر مصانعه 60% من إنتاجه المحلى, وأصاب الكثير من الأنشطة الاقتصادية فى مقتل، كان دوماً جراء كل هذا فى خصومة مباشره مع الرأى العام, وصلت إلى ظهور أصوات من داخل الوطنى تفيد بأن ممارسات عز أصبحت عبئاً على الحزب, وسبباً مباشراً فى زيادة انخفاض مصداقيته لدى الناس.
المشهد الأكثر سخونة جاء عندما وقف عز فى مجلس الشعب بالمرصاد ضد قانون منع الممارسات الاحتكارية الذى تقدم به رشيد محمد رشيد وزير الاستثمار, هنا بدا صراع القوى داخل الحزب فى أشد صوره ووصل إلى تهديد رشيد بالاستقالة من منصبه, وانتهى الأمر بانتصار عز وتمرير القانون بالتعديلات التى حددها لتكون أكثر ملاءمة لمصالحه وطموحه!
وتحولت القضية إلى جرس إنذار لقيادات الحزب بأنه قد آن الأوان للوقوف فى مواجهة عز, ومن هنا برزت التوقعات التى تشير إلى البدء فى تحجيم دوره سواه بإبعاده عن أمانه التنظيم بحجه انشغاله, أو الحد من سلطاته وإبعاده عن الصورة بشكل تدريجى لحين أن يهدأ الرأى العام, وحتى لا ينقلب الأمر ويتحول عز إلى ضحية لسياسات ومصالح لا يتعدى دوره فيها كونه جزءا من كل!! وعندها سيلحق عز بغريمه هشام طلعت إلى خارج الصورة لكن دون الحاجة إلى جريمة قتل.
جمال مبارك
بالطبع لن يكتمل الحديث عن مؤشرات التصعيد والتجميد التى ينتظرها المؤتمر القادم للحزب الوطنى دون التذكير بنصيب جمال مبارك من التوقعات، والتى تركزت فى ثلاثة سيناريوهات.. الأول وهو الأقرب للحدوث يتحدث عن تصعيده إلى منصب الأمين العام للحزب خلفاً لصفوت الشريف, فى خطوة ستدعم كثيراً تنبؤات التوريث, والثانى قد يحمل مفاجأة بتنحى الرئيس مبارك عن رئاسة الحزب لجمال, والتى ستكون أيضاً بمثابة إعلان مباشر عن بدء تنفيذ خطوات انتقال السلطة إليه.
أما الثالث والذى يتمناه كثيرون ويتوقعه قليلون, فيقضى بأن يفاجئ جمال مبارك الجميع ويقرر التنحى عن أى منصب قيادى فى الحزب, ويعلن اعتزاله للسياسة والعمل العام مثلما فعلها سيف الدين القذافى نجل الرئيس الليبى, وأنهى بها كل الجدل المثار حول التخطيط لتوريثه الحكم فى ليبيا. يبقى فى النهاية أن نُذكر أن كل ما سبق كان رصدا لأهم التوقعات التى تنتظر نتائج المؤتمر السنوى الخامس للحزب الوطنى, لا نملك لها أدلة سوى حسابات أنتجها الشارع السياسى وأحلام تراود المواطنين.. وسننتظر أياما أخرى لنرى كيف ستسير الأمور.
الحرس القديم ينتظر "رد الاعتبار" فى مؤتمر "الوطنى"
السبت، 13 سبتمبر 2008 02:11 ص
كمال الشاذلى أبرز قيادات الحرس القديم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة