رواية الجوائز، هكذا يمكن وصف "تغريدة البجعة" للكاتب مكاوى سعيد، فمؤخرا فازت الرواية بجائزة الدولة التشجيعية، كما نال عنها "عشرة آلاف دولار" نظير اختيارها ضمن القائمة القصيرة لجائزة "البوكر العربية" التى فاز بجائزتها الأولى الروائى الكبير "بهاء طاهر" ومقدارها خمسون ألف دولار. الرواية تناقش الأوضاع والتطورات السياسية والاجتماعية التى شهدتها مصر فى السنين الأخيرة، من خلال "مصطفى" المحرر الصحفى والشاعر، الذى يقيم فى منطقة وسط البلد، مقتربا من شرائح مجتمعية مختلفة كمثقفى وسط البلد، والأجانب، وأولاد الشوارع الذين يعانون من ظروف تشردهم، ويتحايلون لاكتساب لقمة عيشهم بأى صورة، لذلك فهم يردون على إساءات المجتمع لهم بمنتهى العنف والتمرد والقسوة.
كثير من الشخصيات المتقاطعة فى ظروف حياتها تضمها الرواية، فنجد عصام الفنان التشكيلي، صديق مصطفى الذى يخسر حبيبته "السنغافورية" سامنثا، فيحاول أن يلم شتات نفسه باتباعه للفرق الصوفية، فيشبهه "الراوي" بالبجعة فيقول (كنت أراه كالبجعة فى أيامها الأخيرة حين تستشرف الموت فتتجه إلى شاطئ المحيط وتنطلق فى رقصتها الأخيرة وتغرد تغريدتها الوحيدة الشجية ثم تموت) أما "البطل" "مصطفى" فتطارده ذكرى موت حبيبته "هند" التى توفيت إثر إصابتها بـ"دانة" مدفع محفوظة بمتحف كذكرى لأيام حرب 73. وفى عرضه لتدخل الفكر الوهابى فى الحياة المصرية، يأتى الكاتب بشخصية أحمد الحلو الذى كان فى شبابه زعيما للحركة اليسارية أيام الجامعة، إلا أنه يسافر إلى السعودية ويرجع منها متطرفا.
ومن خلال انضمامه لمظاهرات المعارضة فى وسط البلد يحاول مصطفى أن يرفع صوته ضد ضرب الأطفال فى لبنان بالقنابل وضد حرق المثقفين فى بنى سويف، وهو ما تشاركه فيه "مارشا" صديقته الأمريكية التى تجوب منطقة وسط البلد حاملة كاميرتها، لتصور فيلما وثائقيا عن ظاهرة أولاد الشوارع مستترة بمشروعها البرئ عن هدفها الحقيقى، وهو تشويه سمعة مصر، على حد قول الراوى! الرواية غزيرة بالأحداث وتطرح العديد من القضايا، ولذلك فقد حازت على كثير من الاحتفاء النقدى، كما أن طبعتها الأولى نفذت فى شهرين فقط، ومازالت طبعاتها المتلاحقة تتوالى حتى وصلت الآن إلى الطبعة الخامسة.