أوضاع العمالة المصرية بالخارج.. المعونة واتفاقيات السلام.. أبرز الممنوعات

الممنوع والمسموح فى السياسة المصرية

الجمعة، 12 سبتمبر 2008 12:28 ص
الممنوع والمسموح فى السياسة المصرية أداء الخارجية المصرية اتسم بالفتور على مدار العقد الماضى
كتبت آية دوارة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خطوط حمراء، لافتات مكتوب عليها ممنوع الاقتراب، معوقات تلجم ألسنة وزراء خارجية مصر، قائمة طويلة مكتوب فيها ما يجب على الوزراء اجتنابه، تحسبا للعلاقات التى فرضت بقوة القهر الدولى والاقتصادى الذى تقع فيه جمهورية مصر العربية، تمتد ألسنة القهر لتشمل عدة محاذير، أهمها: وضع العمالة المصرية فى الخارج واحتياج الاقتصاد القومى للعملة الصعبة، مما يضع عمال مصر بالخارج فريسة سهلة لانتهاكات حقوقهم الآدمية فى الدول العربية، احتياج مصر الدائم للسلاح الذى لا تصنعه ولا تشارك حتى فى تصنعيه وتطويره فتضطر لمحاباة الدول التى تستورد منها السلاح، المعونة الأمريكية التى تجعل سياسة مصر تجاه الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بقدر كبير من الميوعة وعدم الوضوح، اتفاقيات السلام مع إسرائيل التى تكبل ألسنة الوزراء وتجعلهم يستسلمون للقرارات السيادية العليا، احتياح مصر الدائم للقمح ما يجعل وزراء خارجية مصر يقفون مكتوفى الأيدى أمام بلدان عديدة، وقديما قالوا من لا يملك خيره لا يملك قراره.

القائمة تتسع وتشكل بنود هذه القائمة، ما يشبه فكى الكماشة التى تطبق على شفاه الدبلوماسيين المصريين إن صرحوا بما يتعارض مع هذه البنود، وتلتف لتلوى أزرعهم كلما أرادوا أن يشيروا إلى الحقيقة. فما كان من أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصرى إلا الصمت أمام قضية تعذيب العمال المصريين فى الكويت وليبيا، واستئذان إسرائيل أن ترسل له فيديو مذبحة الأسرى المصريين، متخذا العبرة والدرس من موقف وزير الخارجية المصرى الأسبق إسماعيل فهمى الذى أقيل لعدم موافقته على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس عام 1977، وعندما حاول سلفه محمد إبراهيم كامل الاعتراض على تنازل الرئيس السادات فى بعض النقاط وعدم الأخذ برأيه فى بعض القضايا، انتهى به الأمر إلى مغادرة منصبه بعد أيام قليلة من توليه. وفى عصر الرئيس مبارك كان وزراء خارجية إسرائيل يأتون إلى مصر دون علم عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق، وبعده جاء الوزير أحمد ماهر ليمارس دور الممثل الصامت فى السياسة المصرية، ثم جاء الوزير الحالى أحمد أبو الغيط ليعلنها صريحة أن "الرئيس هو الذى يخطط ويدير محاور السياسة الخارجية المصرية"..

كلهم "ممثلون" يؤدون الأدوار التى تم رسمها لهم، هذا ما نستنتجه من كلام الدكتور عبد المنعم سعيد –مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية- الذى يرى أن الفرق بين كل وزير وآخر فى "الاستايل"..فمصر فى بعض الأحيان تحتاج لوزير خارجية صوته عالى ومرات أخرى صاحب نبرة منخفضة، أما الدكتور جمال زهران فيرى أن الأداء الدبلوماسى يجب أن يتماشى مع احتياجات الدولة، وهى"الحفاظ على النظام القائم " والخط الأحمر من وجهة نظر "زهران" هو "الغضب الأمريكى" ولذلك لا يسمح النظام المصرى بالحديث فى إلغاء المعونة، ولا الكويز، ولا طرد السفير الإسرائيلى، بالإضافة إلى رفض إيران وحماس، وبالطبع الصمت على القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى فرض التعامل ببعض الإيجابية تجاه إسرائيل وأمريكا، لضمان إقرار المعونات بسهولة، وهذا ما أنكره "سعيد" قائلا: مصر لا تحابى أمريكا على الدوام فـ"صحيح أننا مش هنخش معركة مع أمريكا علشان صدام" ومع هذا رفضنا الحرب على العراق، وأكمل: " 17% من نسبة تصويتنا فى الأمم المتحدة أتت متفقة مع التصويت الأمريكى والنسبة المتبقية مخالفة لمواقفها"، وهذا دليل قوى على أننا قد نحتد أو نرفض السياسة الأمريكية، ورفض سعيد اعتبار أن التعامل مع إيران أو حزب الله "خطا أحمر" .. طارحا سؤالا مهما هو: هل التعامل مع حزب الله سيضيف شيئا لنا؟ وأجاب "طبعا لا"، أما إيران فهى بالنسبة له دولة "معادية" لمصر "فلماذا يكون التعامل قويا معها؟!".

مواسم استجداء أمريكا يحددها المراقبون بـ "مناقشة المعونة المصرية فى الكونجرس الأمريكي" التى يقودها السيناتور "جوزيف بايدن" نائب المرشح الأمريكى باراك أوباما، قائلا إن مصر لا تقوم بخدمة المصالح الأمريكية، بما يوازى هذا الحجم من المعونات السنوية. والموسم الثانى هو "زيارة الرئيس مبارك السنوية لأمريكا" ومناسبة لاتهام القاهرة بتعطيل السلام، وتدهور حقوق الإنسان، واضطهاد الأقليات. أحمد ماهر وزير الخارجية السابق يرى أن الحوار مع الدول المهمة فى المحيط الإقليمى مهم جدا "خاصة مع إيران لأنها قوة منافسة"، ويرى أن الموقف الرسمى المصرى طوال الوقت يعلن أننا دولة معتدلة "وأنا أرفض هذا المسمى تماما فهو من صنع أمريكى"، وأكمل أن هذا المسمى فرض علينا تعاملات فى سياستنا الخارجية لها شكل معين، فالهدوء ورفض الجهات المتطرفة -حسب المسمى الامريكى أيضا- من ثمار هذا الاعتدال.

أما عن السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل فهى تتسم بالصوت المنخفض والتزام آداب الحوار حتى مع تجاوزات إسرائيل، فعندما تقتل اسرائيل الأبرياء المصريين على الحدود - قتل خطأ- ترد مصر "من غير محد باخد باله"، كما حلل عبد المنعم سعيد رد الفعل المصرى , بل والمفاجأه أن ماهر شبه هذا الموقف عندما قتل "سليمان خاطر" سبع سائحين إسرائليين فى مصر، فقال "حد من إسرائيل قال حاجة"!!, هذا لم يكن رأى أحمد ماهر فبخبرة تعامله مع هذا الأمر اكتشف أن تجنب المشاكل فى المنطقة قدر المستطاع هو الأفضل, ببساطة نجد أن الممنوع واضح جدا، فالصوت العالى ليس مسموحا به خاصة وأنت تتعامل مع الأقوى..

لسان الانتقاد تجاه دول الخليج انقطع فى السنوات الأخيرة بشكل واضح, هذا التحول ترجعه معظم التحليلات لسببين أساسيين، أولهما أن العلاقات بين بعض دول فى الخليج وأمريكا علاقات مباشرة وتلعب أدوارا ويحتفى بقادتها فى واشنطن، ولننظر مثلا إلى اتفاقيات التجارة الحرة التى عقدت مع الأردن ثم البحرين، لنعرف حجم العلاقات المباشرة مع هذه الدول. "دول الخليج خلاص هى الى بتبعت لنا التكية"، هذا هو التحليل الثانى بالنسبة لدكتور جمال زهران، وهذا أيضا ما اختلف معه دكتور عبد المنعم سعيد بشدة، فهو يرى أن العمالة المصرية فى الخليج هى من "مصلحة مصر العليا" لأنهم يشكلون ما يقارب 75% من إجمالى العمالة المصرية فى الخارج , وأكمل عبد المنعم سعيد "تحويلات المصريين بالخارج 8 مليارات فى السنة"..

هذا يجعلنا نسأل عن ظاهرة تفشت بدرجة لا يمكن غض الطرف عنها.. فلا يمر يوم دون أن تتصدر عناوين الصحف أخبار عن حالات تعدى وانتهاكات فى حق أبناء الجاليات المصرية فى الدول العربية .. "فى المعتقلات الليبية مئات المصريين يواجهون التعذيب ليل نهار، دون أن يسأل عنهم أحد، والسفارة المصرية لا تهتم بما يجرى لهم". كما قال تامر السعيد، العائد من ليبيا أغسطس 2007 بعد فترة اعتقال, هذا بخلاف تعذيب المصريين فى الكويت. لم تعد الرسائل الدبلوماسية الناعمة الصادرة من الدول الشقيقة والتى لا ترقى إلى مرتبة الاعتذار، تشفع مع مثل هذه الانتهاكات، هذا غير مشكلة نظام الكفيل التى تشبه نظام العبودية، ومع ذلك لا تتحرك الأوساط الرسمية المصرية للنقد أو الاستنكار كأنه ممنوع واضح على سياستنا الخارجية.

بدبلوماسية أوضح أحمد ماهر أن الحوار الهادئ خاصة مع "مشاكل مش جذرية زى دى" هو الحل الأمثل، خاصة وأن هذا يجنبنا الخلافات، وأضاف ماهر "الطريقة دى هى مصلحة مصر خاصة الآن", فوزير الخارجية السابق أكد أن معاملة المصريين بالخارج أمر مهم جدا "ولكن لا ينبغى أن نخلق صراعات لهذا السبب" .. على الجانب الآخر علق دكتور عبد المنعم سعيد وببساطة على السكوت عن تعذيب المواطنين فى السجون الليبية أو الكويتية "مصر بتتعامل بشكل طبيعى"، معللا أن هؤلاء المصريين يقومون بأعمال مخالفة للقانون. "انتهى عصر العنتريات"، هذا هو الرأى الأخير الذى قدمه دكتور عبد المنعم سعيد عن الممنوع فى السياسة الخارجية المصرية, ومن الآخر" كلام عبد الناصر خلص فالمعركة التى نستطيع دخولها هى بقدر إمكانياتنا وبقدر تحالف القوى الدولية معنا".

لمعلوماتك:
مصر تتلقى المعونة الأمريكية منذ عام 1978, وهى ثانى أكبر معونة أمريكية تقدم لدولة بعد إسرائيل.
من مبادئ السياسة الخارجية المصرية دعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولى.
1952 الوزير الذى لا ينسجم مع توجهات الرئاسة إما أن يستقيل أو يُقال.
المواد ١٣٨ و١٥٦ من الدستور.. تقر أن الوزير هو الرئيس الإدارى الأعلى لوزارته ويتولى رسم سياسة هذه الوزارة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة