"المستكة" و"الفول المبخّر" أبرز ما يميز موائدهم الرمضانية

الحجازيون يحيون تراثهم القديم فى رمضان

الجمعة، 12 سبتمبر 2008 02:36 ص
الحجازيون يحيون تراثهم القديم فى رمضان
(عن الشرق الأوسط)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازالت خديجة على تنهج نهج والدتها فى طقوس تميز شهر رمضان الكريم عن باقى شهور السنة، والتى ينفرد بها المجتمع الحجازى (غرب السعودية) دون المجتمعات الأخرى، إذ تحرص دائماً على شراء أجود أنواع المستكة لتستخدمه فى إضفاء طعم مختلف لماء الشرب. وتقول: "بعد وضع الفحم على النار أقوم بغسل الأكواب وتجفيفها، وإضافة المستكة على الفحم المشتعل، ومن ثم تبخيرها، وينبغى قلبها على منشفة بعد فردها فى صينية حتى تثبت الرائحة فى الأكواب".

وتضيف: "عادة ما تعطى رائحة المستكة طعماً مختلفاً لماء الشرب، خاصة إذا كانت الأكواب مصنوعة من المعدن، والمشتهرة باسم (كاسات التوتوة)، ما يساعد ذلك فى فتح شهية الصائم لتناول وجبة الإفطار". ولا يقتصر استخدام المستكة على تعطير أكواب الشرب فقط، إذ تستخدمه أريج جلال فى تبخير الجرار الفخارية التى تملؤها بالماء طيلة الشهر المبارك، وتقول: "أملأ الجرّة المبخرة بماء زمزم، وأضعها على طاولة الطعام فى درجة حرارة الغرفة العادية، لا سيما أن الفخار يمتلك خاصية حفظ البرودة، ما يعطى طعماً مختلفاً للماء".

ويستخرج المستكة من شجر صغير دائم الخضرة وله ثمر أحمر مر الطعم، والذى عادة ما ينمو فى حوض البحر المتوسط، وهو عبارة عن العصارة الراتنجية التى يزداد إفرازها بعمل شقوق طولية فى جذع الشجرة والأغصان الكبيرة للنبات، أو بإزالة شرائح من اللحاء، حيث تسيل العصارة التى ما تلبث أن تجمد سريعاً عند تعرضها للهواء، فتبقى على هيئة دموع هشة بيضاوية معلقة بالشجرة، أو حبوب طويلة لونها أصفر، فى حين يتساقط الباقى على الأرض. فيما تهتم لمياء صالح بإضافة بضع قطرات من ماء الكادى على إبريق الماء، وتقول: "ترتبط نكهة ماء الكادى بالمائدة الرمضانية لدى أفراد عائلتي، إذ إن ذلك يعد ضرورياً جداً فى حال عدم وجود ماء زمزم فى المنزل"، مشيرة إلى أنها تراعى أذواق جاراتها أثناء دعوتهن على مائدة الإفطار، حيث إنها فى بعض الأحيان تستبدل ماء الكادى بماء الزهر أو الورد.

وترى روان أحمد أن الفول المبخر هو ما يميز مائدتها الرمضانية كل سنة، وتقول: "أحضر الفول بشكل مختلف، حيث أقوم بتسخينه على النار، وحفر حفرة صغيرة فى منتصف القدر لأملأها بزيت الزيتون والقليل من البصل المفروم، ومن ثم أضع قطعة فحم مشتعلة داخل الحفرة وأغلق القدر"، لافتة إلى أنها لا ترفع الغطاء عن القدر إلا بعد مرور ما لا يقل عن عشر دقائق، حيث إن دخان الفحم المنطفئ بزيت الزيتون يعطى نكهة لذيذة للفول. وتضيف: "أغرف الفول فى أوان فخارية كنوع من أنواع التغيير، إضافة إلى أن مادة الفخار تضفى على النكهات طابعاً تقليدياً قديماً، يذكرنا بعبق الماضى الأصيل".

ولا تنحصر العادات الحجازية الرمضانية فى إطار الموائد فحسب، وإنما تمتد إلى ديكورات المنازل والتى عادة ما تكون مستقاة من المجتمع المصرى، حيث هناك عائلات حجازية تزين أركان المنزل بفوانيس رمضان. وتقول إحدى السيدات، فضلت عدم ذكر اسمها: "تحضرها لى إحدى صديقاتى المقيمات فى مصر، غير إننى أحرص دائماً على اختيار ألوان تتلاءم مع أثاث منزلى".مشيرة إلى أنه تم ابتكار أشكال متعددة من الفوانيس والتى عادة ما تستخدم فى الإنارة وتغيير إضاءات المنزل.

وتضيف: "قد توجد تلك الفوانيس فى السعودية، إلا أنها تباع بأسعار مبالغ بها مقارنة بسعرها الحقيقى فى بلدها الأصلى". وعلى الرغم من تمسك الحجازيين بعادات قديمة توارثونها عبر الزمن لتتميز فيها الأجواء الرمضانية، غير أن ثمة صوراً اندثرت مع مرور الزمن، حيث إنها لم تعد مواكبة لحداثة العصر.

ويحكى على أحمد أبرز المشاهد الرمضانية التى لا تزال عالقة فى ذهنه حتى الآن، ويقول: "كان وجود المسحراتى يزيد الليالى الرمضانية جمالاً، إذ إنه كان يحمل مسئولية إيقاظ سكان الحى لتناول وجبة السحور على أنغام طبلته وعصاته الغيرة والمسماة بـ "المقرع"، والتى يضرب بها الطبلة ثلاث ضربات مجتمعة وضربة واحدة منفردة، إضافة إلى الأهازيج التى كان يرددها على مسامعهم، مشيراً إلى أن المسحراتى كان يحمل معه حقيبة من القماش تسمى "الكنف" والتى يجمع بها ما يقدمه الناس له من التمر والخبز والمأكولات. ويضيف: "يقوم هذا الرجل بمهمته على أكمل وجه طيلة شهر رمضان المبارك، ليبشرهم بقدوم ليلة عيد الفطر حينما يقدم لهم التهانى مقابل إعطائه العيدية التى عادة ما تختلف باختلاف إمكانيات كل عائلة"، لافتاً إلى أن تلك اللوحة اندثرت فى مكة المكرمة قبل حوالى 45 عاماً، فيما كانت المدينة المنورة والطائف آخر المناطق التى ودعت المسحراتى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة