عدد من القصص التى عاشها خالد الخميسى مع سائقى التاكسى بالقاهرة قرر أن يدونها فى كتاب، ذلك لأن هذه الشريحة كما يرى الخميسى "أهم ترمومترات" الشارع المصرى "الصايع"، وقد حاول الكاتب أن ينقل تلك القصص كما هى بلغة الشارع دون تسجيل لاسم بعينة، لأن هناك من قال كلاماً خطيراً قد يؤدى لوضعه فى السجن.
الكتاب مقسم إلى 58 قصة بعضها عاشها الخميسى بنفسه والبعض الآخر سمعها من السائقين، الذين تم تقسيمهم فى الكتاب دون أن يقصد الكاتب، فهناك سائق التاكسى الفضولى، كثير الكلام، والمثقف، والصايع ، ومن يتحدث عن الإخوان ويوضح تعاطفه معهم، وآخريتحدث عن العراق ويندب حاله، ومن يريد أن يمسك حكم مصر لساعة حتى يتخذ قرارا واحدا وهو إلغاء الإعلانات، ومن يتحدث عن مشروع توشكى، والآخر الذى لا يعرف من شوارع القاهرة سوى الشارع الذى يسكن فيه، وسائق التاكسى الذى ظل يتحدث عن عالم الجن والعفاريت ويعتقد أنهم معه فى كل مكان يذهب اليه، والآخر الذى ظل لمدة نصف ساعة يسأل ويجيب على نفسه دون أن يعطى فرصة للخميسى حتى يتكلم كلمة واحدة ، والسائق الذى لم يخرج من سيارته لمدة ثلاثة أيام إلا "للتبول" ولم تغمض عيناه خلالها إلا خلسة لأنه يريد تسديد قسط السيارة، والسائق الذى يستمع لشريط "محمد حسين يعقوب" ويحذر فيه من فتنة النساء ويدعو الله أن يكفيه شر "النسوة" وآخرظل يلقى النكات "السخيفة".
كما يؤكد الكاتب الذى يقول إنه كان يضحك على ضحك السائق الذى كان يقول النكتة ويضحك عليها من قلبه إلى أن قال للخميسى تعرف أجمل نكتة هى "أن الشعب المصرى عايش كذبه ومصدقها والحكومة دورها الوحيد هو مراقبة الشعب للتأكد من أنه يصدق هذه الكذبة".
الحكايات التى سمعها الخميسى من سائقى التاكسى كثيرة، أفضلها كما يقول هو سب وزارة الداخلية واحترامها فى نفس الوقت، وهنا تحدث عن السائق الذى ركب معه وكان "هيموت من الغيظ" لأن أحد أمناء الشرطة ركب معه وظل يلف به فى شوارع القاهرة بعدها سأله عن رخصته، ولم يتركه إلا بعد أن أخذ منه عشرين جنيهاً.
وهناك من الحكايات ما أثرت فى الكاتب بشكل كبير مثل سائق التاكسى كبير السن الذى خرج للعمل وهو مريض لأن بيته لم يكن به قرش واحد وخرج مشوارا واحدا حصل فيه على ألف جنيه، مؤكداً أن الرزق بيد الله تماما، والآخر الذى بالرغم من بلوغه سن الخمسين إلا أنه أنيق تماما ورائحته عطرة وصوته هادئ ومطمئن، وعندما تحدث إلى الخميسى قال إنه يقسم يومه إلى ثلاث ورديات، الأولى على التاكسى والثانية مع أولاده فى البيت والثالثة أمام النيل الذى يجلس أمامه أربعة ساعات يومياً، مؤكداً انه لو جلس كل مصرى أمام النيل لساعة واحدة كل يوم سوف تتطهر روحه ولن تكون هناك رشاوى ولا فساد.
الخميسى ختم الكتاب برأى كل من الدكتور عبد الوهاب المسيرى وجلال أمين عن الكتاب، المسيرى قال إنه نوع قديم من الأدب يقدم شخصيات إنسانيه مركبة ويكشف الكثير من أبعادها ،أما أمين فقال إن الكتاب من أروع ما كتب عن وصف المجتمع المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة