تحت عنوان "القاتل المقرب للحكم والحصانة" التى رفعت كتب محرر الشئون العربية فى صحيفة هاآرتس تسفى بارئيل مقالاً عن هذا الموضوع تطرق فيه إلى قضية هشام طلعت مصطفى ومدى تأثيرها على الساحة المصرية، ونظراً لأهمية المقال ننشر الترجمة الحرفية له كما ورد فى موقع الصحيفة.
"موقع الإنترنت التابع لشركة TMG (مجموعة طلعت مصطفى) تظهر صاحب الشركة هشام طلعت مصطفى مع الرئيس الأمريكى جورج بوش، وهو اللقاء الذى جرى فى شهر يناير فى فندق الفور سيزون فى شرم الشيخ والذى كانت شركة مصطفى قد أقامته. لم يعرف أى منهما أن مصطفى سيعتقل بعد نصف سنة من ذلك اللقاء بتهمة تدبير عملية قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم فى المنزل الذى اشتراه لها مصطفى فى دبى. قاتل تميم خرج من نفس الفندق وهو ضابط الشرطة السابق محسن السكرى الذى عمل كحارس فى الفندق وحصل وفقاً للشبهات من مصطفى على مبلغ مليونى دولار مقابل قتل المطربة هو المتهم بالجريمة.
للسكرى بالمناسبة ماضٍ فى هذا المجال فقد عمل فى السابق فى العراق لصالح شركة الإلكترونيات المصرية الضخمة التابعة لنجيب ساويرس وبادر إلى عدة عمليات اختطاف للعاملين فى الشركة للحصول على فدية من أصحاب الشركة.
وفقا للشبهات فى آخر شهر يوليو قرع السكرى باب بيت تميم متنكراً فى زى ممثل لمصطفى، وقال لها إنه يحمل خبراً لها. وما أن فتحت تميم الباب حتى انقض عليها وقتلها بسكين، خلال أيام قلائل اكتشف محققو الشرطة فى دبى أن مصطفى هو الذى يقف من وراء الجريمة وطالبوا باعتقاله وتسليمه لهم. الكشف السريع جاء إثر الاستخدام الذى قام به القاتل لبطاقة اعتماد لشراء السكين واعترافه السريع بعد ذلك بأن مصطفى هو الذى أرسله.
إثر كشف ضلوع مصطفى فى عملية القتل دخلت السلطات المصرية فى معضلة مركبة، وهى كيف يدافعون عن "رجلهم" صديق جمال مبارك المقرب بعد هذه الشائعة وأى تحرك رسمى مصرى ضد هشام سيؤدى إلى زعزعة الاقتصاد المصرى وتجنب الاختلاف الخلاف السياسى مع دولة الإمارات واعتقال رجل العقارات الكبير، وفى الوقت الذى كانت فيه السلطات المصرية محتارة فى كيفية التصرف تم التعتيم الشديد على نشر المعلومات حول ضلوع مصطفى فى عملية القتل ولم يكن بإمكان الصحفيين المصريين حتى الأسبوع الماضى أن يكتبوا إلا حول أغانى تميم وأدائها من دون أن يسمح لهم بأى شكل من الأشكال بذكر التحقيق فى عملية القتل. "فى هذه الأيام تحولت صياغة الأنباء والعناوين إلى مهمة خطيرة".
ولقد قال لى محرر فى إحدى صحف المعارضة. "أنا أقدم صياغة كل شىء على صورة الأسئلة. هل هناك ضلوع لرجل أعمال هام فى قتل تميم؟ وهل ستمنح الحكومة ملجأ للقاتل الكبير؟ وهكذا يمكن أن يفهم الجمهور من دون أن تقدمنى السلطات للمحاكمة بتهمة مخالفة القوانين" قال الصحفى، فى الأسبوع الماضى، قام النائب العام المصرى بنفسه باختراق حاجز الرقابة وسمح للصحف بالنشر، الأمر الذى أدى إلى هبوط أسهم شركة طلعت مصطفى بنسبة 30 بالمائة مجتذبة وراءها كل سوق الأسهم المصرى.
هذه الهزة تلقت دفعة جديدة أيضاً فى الأيام التالية وتدحرجت البورصة المصرية نحو الهاوية. التوقعات الاقتصادية كانت متكدرة لدرجة أن الحكومة المصرية قررت التدخل لشراء الأسهم بنفسها حتى تعيد إليها ثقة الجمهور.
حتى هذه اللحظة ليس هناك تفسير بسبب قتل المطربة المشهورة. وفقا لأحد الاحتمالات، تميم كانت فى خصام مع زوجها الثانى عادل معتوق الذى كان منتج أعمالها فى نفس الوقت بعد أن اتهمها بإساءة استخدام الأموال وعدم الالتزام باتفاقيات العمل. يبدو أن تميم فرت بعد ذلك من مصر وهناك تعرفت على مصطفى. خلال ذلك حصلت على الطلاق من معتوق وانتقلت للسكن فى دبى.
الآن يدعى مقربو مصطفى أن من يقف وراء القتل فعلاً هو معتوق، ولكن بعض الجهات الأخرى فى مصر تعتقد أن الأمر مختلف. وفقاً لاعتقادهم مصطفى تزوج من تميم بصورة عرفية وهو نوع من الزواج الذى لا يسجل فى السجلات الرسمية، وإنما من خلال اتفاق بين الزوجين، ولكن نزاعاً حدث بينهما ـ على ما يبدو على خلفية عشيق جديد لتميم. مصطفى الذى أصيب بالجزع من إمكانية تقديم تميم لدعوى ضده فى محكمة فى لندن للحصول على نصف أملاكه أو جزء هام منها، قام بتجنيد السكرى وأرشده لكيفية قتل المطربة. على أية حال الأمر الصحيح حتى هذه اللحظة أن النيابة المصرية لا تشك بتورط مصطفى.
تسجيلات المكالمات الهاتفية بين مصطفى والسكرى التى وصلت إلى يدى صحيفة "المصرى اليوم" تشير إلى الطريقة التى عقدت فيها الصفقة والمبلغ المالى الذى دفع، والطريقة التى اقترح فيها مصطفى تنفيذ عملية القتل ("ربما تقوم بإلقائها من الشرفة" قال مصطفى فى إحدى المكالمات الهاتفية). فى هذه الأثناء تتواصل التقارير الساخنة فى الصحافة المصرية وفى السياق يكتب الصحفيون المحليون عن أن عملية القتل خططت خلال عام عندما أرسل القاتل السكرى بتكليف من مصطفى إلى لندن بمتابعة تحركات المطربة وجمع المعلومات عن طريقة حياتها. الآن يدعى السكرى أنه حاول إقناع مصطفى بالاكتفاء لدس المخدرات فى منزل ثمين وإعلام سلطات دبى بالأمر حتى تعتقل، ولكن مصطفى حسب قوله رفض الاقتراح وطالبه بقتلها.
فى هذه الأثناء مصطفى محتجز فى سجن طرا الذى يحتجز فيه رجال الأعمال المصريين الذين حوكموا بأعمال الفساد، منتظراً محاكمته التى ستبدأ فى الأسبوع الحالى أو فى بداية الأسبوع المقبل. إن أدين مصطفى فسيحكم عليه بالسجن المؤبد.
على أية حالة الأمر المفاجئ فى هذه القضية ليست عملية القتل وحل رموزها وإنما بالأساس السرعة التى قررت من خلالها السلطات المصرية تقديم مصطفى للمحاكمة، والأكثر من ذلك استعداده هو المثول للمحكمة. بعض المحللين فى مصر يعتقدون أنه لم يكن أمام الدولة أى خيار آخر فى هذه القضية. السلطات المصرية قررت تقديم مصطفى للمحاكمة حتى لا تضطر إلى تسليمه إلى دولة الإمارات" وهذا ما أكده صحفى فى صحيفة الأخبار المصرية.
مجرد تقديم مصطفى للمحاكمة هو بشارة جديدة للجمهور المصرى لأنه اعتاد حتى الآن على رؤية رجال الأعمال الكبار وهم يتمتعون بالحصانة شبه المطلقة أمام القانون. الآن يبدو أن عملية القتل والمحاكمة ستشغل مواطنى مصر والإمارات أكثر من المسلسلات التلفزيونية الرمضانية. بمناسبة ذكر التلفاز وفقاً لتقرير جديد فى القضية زوج تميم السابق يقوم الآن بإجراء مفاوضات مع إحدى شبكات التليفزيون الكبيرة لإنتاج فيلم حول حياتها.
هاآرتس: القبض على هشام طلعت مصطفى بشرة خير للمصريين
الخميس، 11 سبتمبر 2008 01:43 م