رغم عدم وجود أى مظاهر عامة للاحتفال بشهر رمضان الكريم فى بلاد الإغريق، لاسيما فى العاصمة أثينا، إلا أن المسلمين الذين ينتمون إلى أصول عربية ويعيشون فى اليونان، يحاولون بقدر ما لديهم من إمكانيات إحياء هذا الشهر الفضيل، سواء فى التجمع حول موائد إفطار جماعية أو إقامة صلاة التراويح أو الإعداد للقاءات رمضانية خيرة.
ويختلف شهر رمضان هذا العام هنا فى اليونان عن قبله من الأعوام، فالأول مرة يتم السماح لرابطة المسلمين باليونان الصعود إلى جبل بيندلى والتمكن من دخول مركز الأرصاد هناك لرؤية هلال رمضان، وذلك خلافاً لما كان معتادا عليه قبل ذلك، وهو اتباع دار الإفتاء فى شمال البلاد التابعة لدار الإفتاء بتركيا، أو اتباع ما يتم الإعلان عنه من دور الإفتاء فى الدول العربية والإسلامية، وهو ما كان يتسبب فى اختلافات وانشقاقات.
من جهة آخرى، وقبل أيام تزاحمت المحال التجارية والتى تبيع مستلزمات رمضان، من قبل الأسر المسلمة وأيضاً من القائمين على الإعداد لموائد الإفطار، والتى عادة ما تكون فى الزوايا والمصليات المتناثرة فى أحياء العاصمة اليونانية أثينا.
وتشهد الأحياء والمتاجر فى العامصة أثينا التى تمتاز بتجمع معظم المسلمين الذين يتراوح عددهم أكثر من 200 ألف تقريباً، حركة ونشاطاً ملحوظاً مع قدوم رمضان، حيث يزين أصحاب المحلات التجارية العربية والآسيوية محلاتهم بزينة رمضانية مستقدمة من بلادهم، كما تتنافس المحلات فى توزيع الإمساكيات التى تحمل أسماء محلاتهم، وينتهز التجار موسم الصيام لاستيراد التمور، وصناعة الحلويات الشرقية التى تشهد إقبالاً شديداً عليها.
ويحرص مسلمو اليونان على الذهاب لأداء صلاة التراويح بعد تناول الإفطار التى يندر تناولها فى المطاعم، حيث لا تقدم فيها الأطعمة الحلال، وتقام الصلاة خلال الشهر الكريم فى مصليات وزوايا أثينا، وفى قاعات السكن الجامعى فى المدن الأصغر، مثل سالونيكى، وباترا وكريت، حيث توجد أعداد كبيرة من الطلبة الجامعيين من دول عربية مختلفة.
أما السفراء العرب ورؤساء البعثات الدبلوماسية فيدعون إلى مآدب إفطار رمضانية، عادة ما تكون فى فنادق أو مقر الإقامة، يشارك فيها رموز من الجاليات العربية والمسلمة وبعض الشخصيات اليونانية، كما يتم خلال هذا الشهر تبادل بطاقات التهنئة وتصفية النفوس من الخلافات.
أما على الصعيد الأسرى، فقد اعتادت الأسر العربية المسلمة والمقيمة بأثينا، على الإفطار الجماعى مع أسر أخرى صديقة، بحيث يجلس الكبار والصغار سوياً على مائدة واحدة، فيما يتمتع الأطفال بروحانية الشهر الكريم، عندما يلتقون أطفالا مثلهم على مائدة الإفطار.
وفى اتصال هاتفى لـ "الشرق الأوسط" مع مسعود الغندور رئيس رابطة المسلمين فى اليونان، ذكر أن الرابطة تقدمت بطلب إلى السفارة المصرية بأثينا بإحضار أحد الدعاة من الأزهر لإلقاء محاضرات دينية خلال هذا الشهر فى أماكن التجمعات الإسلامية، وخاصة فى المركز اليونانى العربى للحضارة والثقافة والذى يسع لأكبر عدد ممكن من المصلين.
وأضاف الغندور أنه بالرغم من حرية المسلمين فى إقامة المصليات، فإن الأمل مازال يساورهم فى أن يصلوا يوماً فى مسجد جامع معترف به رسمياً من قبل الحكومة، الأمر الذى تفقده العاصمة اليونانية أثينا لأسباب عديدة، إلا أن السلطات أعلنت منذ نحو عام عن إقامة أول مسجد إسلامى فى منطقة اليونان وسط أثينا، إلا أنه لم يتم الانتهاء من تشييده.
وأشار ناصر المصرى، أحد أعضاء الجالية المسلمة اليونانية، إلى أن بعض المصليات الصغيرة والمتواضعة تسعى فى شهر رمضان إلى دعوة بعض المشايخ المعروفين من البلاد الإسلامية، حيث سبق أن زار البلد دعاة، مثل: الشيخ المحلاوى والشيخ وجدى غنيم، وغيرهما، ويساهم هؤلاء بشكل كبير فى توضيح دور المسلمين فى البلاد الغربية .
تجدر الإشارة إلى أن المصليات الصغيرة تستخدم فى أغراض عديدة، حيث تقام فيها موائد الإفطار الجماعى التى يساهم أهل الخير فى تغطية تكاليفها، ويستفيد منها عدد كبير من العمال والطلبة، كما تقوم تلك المصليات بجمع زكاة الفطر والصدقات من المتبرعين، وتوزعها على بعض العائلات الفقيرة، كما يحرص القائمون عليها على عمل المسابقات الثقافية والفقهية ومسابقات حفظ القرآن التى يقبل الشباب بشكل خاص عليها.
يذكر أن المسلمين اليونانيين يتمركزون فى مناطق الشمال الشرقى (كسانثى، كوموتينى، الكساندروبولى) ولهم مفتى فى كل مدينة كان ينتخب مباشرة من المسلمين فى المنطقة، إلى أن صار يعين من قبل الحكومة بخلاف ما نصت عليه المعاهدات التى أبرمتها اليونان وتركيا بشأن الأقليات الموجودة فى البلدين، ويشار إلى أن 96% من اليونانيين من الأرثوذكس، ولم يعتد الشعب اليونانى بعد على التعايش مع الأديان الأخرى، وتبدو له جميع المشاعر الدينية الأخرى غريبة ودخيلة، وليس لديهم المعلومات الصحيحة عن هذه الأديان.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة