أحمد عليبه

سقوط نظرية 11سبتمبر

الأربعاء، 10 سبتمبر 2008 11:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سبع سنوات كاملة مرت على أحداث الحادى عشر من سبتمبر، ومع كل عام مر كانت الذكرى تعيد إنتاج الألم والمآسى التى خلفها الحدث المهول فى كل مكان فى العالم. ولكنى استغرب أن جملة من الأسئلة لم تراوح مكانها فى أذهان الذين شغلهم الخطب، الذى قسم العالم إلى قسمين فى كل شىء، قسم التاريخ إلى ما قبل وبعد الحادى عشر من سبتمبر، وفصل القوى بين قوى "الإرهاب" وقوى "الحرب على الإرهاب"، وعالم ما قبل نهاية التاريخ وعالم فى أوج نهايته، وعالم صراع الحضارات وعالم ما قبله.. وباسم هذه الدعايات شنت حروب وأريقت دماء .. وبقيت تلك الأسئلة كما هى على حالها..

من الذى فعلها .. تنظيم القاعدة .. أمريكا وإسرائيل .. هما مجتمعتين ؟ أتصور أن عدم وضع حد قاطع لتفسيرات الحدث حتى اللحظة الراهنة، ربما لأن الجزر المنعزلة فى التفسيرات والتأويلات هى التى صنعت هذا الخلاف، فى حين أن الجهة الوحيدة المطلوب منها تقديم هذا التفسير لم تقدمه قاطعاً حتى الآن، وهى جهاز الأمن القومى الأمريكى، هذا الجهاز الذى نتخيل أنه يعرف دبة النملة فى كل مكان فى العالم، لم يقدم أكثر من تقرير حول الحدث .. ولنترك هذا فالسؤال لم يعد له جدوى..

الأمر الثانى هو الحديث عن العدو المجهول "تنظيم القاعدة"، وكل الحروب التى قامت على غرار الحدث بدأت باستهداف التنظيم وانتهت إلى صالحه، بعد ما تحول تنظيم القاعدة إلى "تنظيمات القواعد" قادتها يجوبون الأرض.

الأمر الثالث.. وهو فكرة إعادة إنتاج الخطاب الدينى المحافظ، فكل فريق ظل له خطابه "المتشددون يحكمون الأرض ويثيرون الرعب فى العالم"، فريق المحافظين الجدد وفريق القاعدة، ولايختلفان.. لا فى الخطاب ولا فى الأداء، وكل منهم يصفى حسابه بعيداً عن الآخر، فكل الضربات التى وجهت للقاعدة أخرجت من ظهورها من يتعاطف معها، والمحافظون الجدد فى أمريكا لا يزالون يكررون نفس النهج، وآخر المقولات فى ذلك لا تزال تهمس فى أذن الناخبين فى مؤتمر الحزب الجمهورى الأخير الذى تم فيه اختيار السيدة سارة بالين كنائبة للمرشح الجمهورى ماكين، والتى قالت فى خطاب مراسم الترشيح أمام الملايين وعبر كل فضائيات العالم: إن الولايات المتحدة أرسلت قواتها لاحتلال العراق بناء على "تكليف إلهى". وكأنها تتلقى الوحى من السماء، وربما يكون وحيا منافسا لوحى بن لادن والظواهرى، اللذين يتحدثان باسم الإسلام وأهله وأمته، فرفعا معاً رايات الحرب المقدسة بنفس الشعارات..

إذن ما الذى تغير؟.. الذى تغير فى اعتقادى هو أنه حتى مع قابلية تجدد الخطاب الدينى، إلا أنه لم يعد ينطلى حتى على البسطاء، فسقط هذا الخطاب، ولحق بسقوط هذه الفكرة قائمة "محور الشر"، التى سقطت فى نفس الهاوية، فكل الدلائل تشير إلى إطار تفاهم أمريكى مع إيران ومع سوريا من طرف خفى، وحتى الدول التى كانت فى ذيل القائمة مثل ليبيا دخلت فى اتفاقية العهد الجديد مع واشنطن، والسودان يحاول، بالإضافة إلى دروس أفغانستان والعراق..

والأهم من وجهة نظرى فى هذه التغيرات هى أن فكرة عالم ما قبل وما بعد الحادى عشر من سبتمبر سقطت مع عودة المواجهة الأمريكية الروسية فى القوقاز، التى أعادت هى الأخرى إنتاج ملامح الحرب الباردة، لإسقاط هذا التصور التاريخى القائم على فكرة نهاية التاريخ التى تراجعت بقوة فى الأدبيات الأمريكية نفسها، وهناك مطالبات أمريكية حقيقية بوقفة صريحة أمام دعوات المد الدينى، والعودة إلى السياقات المدنية وحقوق الإنسان فى كل مكان على الأرض، وليس فى أمريكا وحدها..

سقوط نظرية الحادى عشر من سبتمبر ارتسمت ملامحه، ولكن ستثبت رؤيته بثبوت رؤية الانتخابات الأمريكية، فهل سينتصر الجيل الثانى من المحافظين الجدد أم سيتغير الوضع ويفوز الأسود، وتفوز معه الحقوق المدنية التى تقبل بأفريقى وأسود وله أصول إسلامية..





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة