أثار إعلان واشنطن الانسحاب من اتفاق التعاون النووى مع روسيا، كعقاب لها على غزو جورجيا، ترقب العديد من المراقبين والمحللين لهذه الخطوة، التى جاءت وسط اتهامات من الرئيس الروسى ميدفيدف، لأمريكا بتسليح جورجيا تحت غطاء المساعدات الدولية، بعد أن وصلت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية إلى ميناء جورجى رئيسى بالقرب من دوريات البحرية الروسية.
ويرى الدكتور ممدوح سالم الباحث بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، أن إلغاء الاتفاق النووى الروسى الأمريكى يعتبر "بلورة لأبعاد علاقة جديدة بين أمريكا وروسيا"، مشيراً إلى أنه بالرغم من أن بعض الدول أدانت غزو روسيا للجمهورية الجورجية، إلا أن البعض الآخر يراه فرصة لموسكو لاستعادة دورها الإقليمى والدولى.
واستنكر سالم لغة الخطاب الأمريكى التى تستهين بروسيا فى ذكر كلمة العقاب، لتدل على رغبة أمريكا فى سيطرتها المطلقة على سياسات العالم، فى خطوة تحاول من خلالها، إثبات أنها القطب الأوحد صاحب حق (المنح والمنع)، لكن استبعد سالم عودة الحرب الباردة، مرجحاً أن ما يحدث الآن ما هو إلا إعادة توازن للعلاقات أو "كود جديد للعلاقة بين الطرفين"، ومحاولة من روسيا لإبلاغ أمريكا أنها موجودة ولا تسمح لأحد بتعدى الخطوط الحمراء لأمورها الخاصة.
فى المقابل، يرى المستشار أحمد الفضالى نائب رئيس الاتحاد الفيدرالى لسلام الشرق الأوسط، أن العالم ينتظر حرباً باردة جديدة، معتبراً أن قرار أمريكا بإلغاء الاتفاق النووى هو تحصيل حاصل، وأمر طبيعى وناتج من أن السلام بينهما لا يقوم على أساس سليم، وأوضح فضالى أنه رغم توقف الصراع ظاهرياً، والذى أخذ مظهر توقف الدعم الروسى لحلفائها فى الشرق الأوسط، إلا أن الاحتقان بينهما موجود بالفعل.
وعلى حد قول الفضالى، إن روسيا لا تحتاج لأمريكا بقدر ما تحتاج أمريكا إليها للتعرف على تسليحها وما لديها من استراتيجيات حديثة وأبحاث علمية، بل إن أمريكا كانت بحاجة لأن تكون قريبة الصلة منها للتعرف على نمط تفكيرها، لكن قرارها الأخير خلق أجواء للحرب الباردة من جديد.
وفيما يتعلق بتأثير التوتر بين موسكو وواشنطن على الشرق الأوسط، أكد الفضالى أن هذا الصراع من شأنه أن يخلق هامشاً ومساحة أكبر لأطراف الصراع العربى الإسرائيلى، بل والعراق ذاته فى التفاوض مع الولايات المتحدة وحلفائها، للضغط عليها والحصول على أعلى مكاسب ممكنة، وأشار إلى أن الشهور المقبلة، سوف تشهد إعادة بلورة للتحالفات بين روسيا وبعض الدول فى الشرق الأوسط، أولها إيران.
يذكر أن الاتفاق النووى الذى تم إلغاؤه، كان يهدف للسماح للشركات الروسية والأمريكية، بتكوين شراكات فى القطاع النووى، ويسمح بالتبادل التكنولوجى بين الجانبين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة