عماد عمر

بلد المليون هشام

الأربعاء، 10 سبتمبر 2008 08:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يصدق أحد أن قضية هشام طلعت مصطفى وسوزان تميم ستكون الأخيرة من نوعها؟ ربما لن يختلف اثنان على أن الظروف التى شكلت ملامح هذه المأساة مازالت قائمة.. ولن تكون مفاجأة أن نستيقظ مجدداً على نسخة مثيرة جديدة بأسماء مختلفة ووجوه جديدة.

هذا الإحساس بأننى سأصدم فى الصباح بخبر جديد يكشف قصة أخرى من كوارث تحالف المال مع السلطة، هو الذى يمنعنى من الاطمئنان إلى أن يد العدالة فى مصر لا يكبلها قيد.. كنت أتمنى أن تملأ الفرحة قلبى لأن نفوذ، وجاه، ومال هشام طلعت مصطفى لم يعصمه من يد العدالة. وكنت أتمنى أن تملأ الفرحة قلبى.. لأن محسن السكرى ضابط أمن الدولة السابق طالته يد العدالة رغم علاقاته وارتباطه السابق بهذا الجهاز الحيوى والخطير، رغم علامة الاستفهام التى تملأ رأسى عن سبب عدم نشر صورته فى وسائل الإعلام.

على أية حال، مشاعر الفرحة تختنق تحت جبل الخوف الذى يطبق على صدرى كلما فكرت فى حجم الحرية التى يمكن أن يتمتع بها شخص يجمع بين المال والسلطة فى بلدنا.. أو ينتمى إلى جهاز أمنى خطير مثل أمن الدولة.. هذه المساحة من الحرية والإحساس بالأمان من الحساب والمساءلة هو أخطر ما يفوح من قضية مقتل المطربة سوزان تميم، والاتهامات الموجهة لهشام مصطفى بتحريض محسن السكرى على تنفيذ الجريمة.

وسواءً أدين مصطفى والسكرى أو صدر حكم ببراءتهما، فالمهم أن الأجواء السائدة أو النظام السائد.. إذا سمّينا الأشياء بمسمياتها.. تتوافر به مساحة تسمح بتنفيذ مثل هذه الجريمة وغيرها كثير، والقائمة بالطبع طويلة لأسماء رجال الأعمال الذين انتهى الأمر بهم وراء القضبان بعدما تمتعوا لفترات طالت أم قصرت بحماية شخص أو أكثر من أصحاب السلطة، وسيبقى نفوذ أصحاب السلطة دون رقابة حقيقية، طالما بقى برلماننا الموقر عاجزاً عن لعب الدور الحيوى المنوط به فى مساءلة الحكومة، ومحاسبة المسئولين المقصرين، وطالما بقى أهم ما يقدمه البرلمان هو الحصانة التى يحتمى بها الأعضاء، ويستغلها البعض منهم أسوأ استغلال. ووسط كل هذا يبقى الإعلام الحكومى مكمماً هو الأخر عن محاسبة حقيقية للمقصرين، ويبقى دوما بانتظار الإشارة ليهاجم هذا، وليغمض عينه عن ذاك، وإذا لم تتغير هذه الأجواء فلن يكون غريباً أن يظهر فى هذا البلد هشام آخر.. بل ومليون هشام آخر.

الحرية بدون مساءلة تتحول ببساطة إلى تسيب وفجور، وهذا هو الفارق بين الدول الديمقراطية وجمهوريات الموز.. فالديمقراطية تعنى إعلاء حكم القانون وتساوى الجميع أمامه، لكن فى ظل انتشار ثقافة التحايل على القانون فلن يكون غريباً مثلاً أن ترى مخالفة واحدة يرتكبها عشرة أشخاص فى شارع واحد.. فتكون النتيجة عشر نهايات مختلفة لكل منهم، وليس غريباً أن ترى الفساد يستشرى بداية من مسئولين كبار، وقيادات فى الحزب الحاكم، حتى أعضاء المجالس المحلية وصغار الموظفين.. فأنت فى أمان طالما أنك "تعرف سكة للمرور" مهما فعلت، وهذه ببساطة هى الوصفة السحرية لظهور مليون هشام آخر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة