بعد 17 شهراً، تحديداً منذ مارس 2007، عادت شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط مجدداً لتكون ثكنات عسكرية، بعد انقلاب عسكرى هو السادس عشر فى تاريخ هذا البلد منذ انتهاء الاستعمار الفرنسى عام 1960. حيث فوجئ الموريتانيون صباح الأربعاء بتوقف البث الإذاعى والتلفزيونى، لترد بعد ذلك أنباء عن احتجاز عسكريين للرئيس سيدى ولد شيخ عبد الله ورئيس وزرائه يحيى ولد أحمد الواقف، فى انقلاب عسكرى، وذلك رداً على قرار إقالة الجنرالين محمد ولد عبد العزيز قائد الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية الذى يقود الحرس الرئاسى أيضاً، وقائد الجيش الجنرال محمد ولد غزوانى، بدعوى تحريض قيادات برلمانية على إسقاط الحكومة.
وشمل قرار الرئاسة، الذى صدر منذ ساعات، وتراجعت عنه مؤسسة الرئاسة فى وقت سابق بعد اعتقال الرئيس، عدة تعديلات فى صفوف المؤسسة العسكرية، حيث تقرر تعيين العقيد محمد أحمد ولد إسماعيل محل الجنرال ولد عبد العزيز. كما جرى تعيين العقيد عبد الرحمن ولد بوبكر قائداً جديداً للجيش، الذى كان أقيل سابقاً من قيادة الجيش، إثر استلام ولد الشيخ عبد الله للسلطة أبريل 2007.
ويعرف عن الجنرالين المقالين ولد عبد العزيز وولد غزوانى، نفوذهما فى المؤسسة العسكرية، ويروج على نطاق واسع فى الشارع الموريتانى، أنهما وراء تحركات البرلمانيين المناهضين لولد الشيخ عبد الله، كما يرى كثير من المراقبين أنهم وراء استقالة 48 نائباً من البرلمان منذ عدة أشهر.
إنه انقلاب حقيقى، وتم اقتياد والدى من قبل مجموعة "كوماندوز" لمكان غير معلوم، تلك كانت أولى الكلمات التى بثتها وكالات الأنباء لابنة الرئيس الموريتانى آمال شيخ عبد الله. وقالت إن المسلحين ما زالوا يحتلون مقر الرئاسة تحت تهديد السلاح.
ويعد ولد شيخ عبد الله أول رئيس مدنى يحكم البلاد، وعاشت موريتانيا خلال ولايته فترة وجيزة من الديمقراطية، منذ مارس 2007، بعيداً عن حكم العسكر، وذلك بعد وفاء آخر الرؤساء العسكريين العقيد أعلل ولد فال بتعهده بعد انقلاب 2005، واستيلائه على السلطة من الجنرال أحمد ولد طايع.
حينها، تعهد فال بالبقاء فى السلطة إلى أن يتم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بعيدة عن المؤسسة العسكرية، وبالفعل سلم العقيد فال السلطة لسيدى ولد شيخ عبد الله، ليكون أول مدنى يحكم موريتانيا منذ استقلالها، بعد أن جرت انتخابات تشريعية ورئاسية، نالت من إشادات المراقبين الدوليين الكثير.
غير أن موريتانيا شهدت توترات متتالية فى ظل حكم ولد شيخ، فأمام حصول الموريتانيين على هامش كبير من الحريات المدنية والسياسية، فشل ولد فال وحكومته فى تحقيق أى تقدم على المستوى الاقتصادى، ليخرج الموريتانيون فى ما يمكن تسميته بـ"ثورة جياع" فى ديسمبر 2007، ويسقط عشرات القتلى والجرحى فى مظاهرات احتجاجية ضد ارتفاع الأسعار. ما دفع نواب البرلمان إلى ممارسة الكثير من الضغوط، ليقدم رئيس الوزراء يحيى ولد أحمد الواقف، على تقديم استقالة حكومته فى يوليو الماضى، الأمر الذى رفضه الرئيس مكلفاً إياه بتشكيل حكومة جديدة.
هل يقدم ولد شيخ تنازلات للعسكريين، بعد تراجعه عن القرارات التى صدرت صباح الأربعاء، ليعود إلى موقعه، أم سيجلس العسكر مجدداً على كرسى الحكم فى موريتانيا.
ولد شيخ ضحية الانقلاب الـ 16 فى تاريخ موريتانيا - AFP
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة