جاء الحكم الذى أصدرته محكمة سفاجا، ببراءة ممدوح إسماعيل مالك العبارة السلام 98، التى غرقت عام 2006 فى حادث راح ضحيته 1034 قتيلاً، كصدمة للشعب المصرى بأكمله، لم يكن الخبر صدمة لأهالى الضحايا فحسب، بل للرأى العام بأكمله، والذى كان ينتظر الكشف عن المسئول الحقيقى فى جريمة موت أكثر من ألف شخص.
والسؤال الآن: كيف يموت 1034 مواطناً بسبب الإهمال والفساد ولا يحاسب أحد؟ وهل مجرد تعويض مالك العبارة لأهالى الضحايا ودفعه مبالغ الدية كفيل بتوقف العدالة عن مطاردته؟ وهل تقف مسئولية مالك العبارة عند هذا الحد؟ وهل تطفئ أموال الدية التى قام بدفعها، نيران كل من فقد عزيز لديه، حتى وإن كانت أضعافاً مضاعفة؟!
إن الحكم بالبراءة يدفع المصريين إلى فقدان الثقة فى كل شىء، خاصة وأن المحكمة برأت ممدوح إسماعيل، باعتباره غير ملزم بنقل وإسعاف المصابين والضحايا، ولكننى أرى أنه باعتباره مالكاً لشركة النقل صاحبة العبارة، فإنه يعد مسئولاً بشكل أو بآخر، فهو مسئول عن كل من يعملون تحت قيادته، وعن كل نتائج أخطائهم حتى وإن لم يكن لديه علم بها.
إننى لا أشكك هنا فى أحكام القضاء، لأن مجرد التشكيك فى أحكامه أمر من شأنه أن يفسح المجال للفوضى من حولنا، كما أننى ضد الحملة التى شنها البعض ضد القضاة فى أعقاب هذا الحكم، والتى أعتبرها ذات أثر سلبى، غير أننى أرى أن ما أوصلنا لهذه الوضع، هو قصر اتهام مالك العبارة منذ البداية على التأخير فى الإبلاغ، مما تسبب فى وفاة الضحايا، وهو الاتهام الذى أراه غير كاف. وكان من الضرورى أن توسع دائرة الإتهام من البداية حتى تتسع القضية لاستعراض كل الاتهامات، وينال كل مسئول عقابه.
والسؤال الملح الذى يطرح نفسه الآن، هو لماذا تأخذ العدالة وقتاً طويلاً، لتسير فى مجراها؟ ولماذا يضيع دائماً حق الضحايا؟ لقد انتظر أهل الضحايا عامين للنطق بالحكم، غير أنه جاء فى النهاية مخيباً لآمالهم؟ فهل تحققت العدالة بالفعل؟!
والأهم من ذلك، هل يمنع كل هذا الحديث عن الحكم والقضية، من وقوع كوارث أخرى مماثلة؟ الواقع يشير إلى أن ذلك أمر غير مؤكد، فمنذ أيام كانت حادثة مزلقان مطروح، والتى أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من مائة شخص. يجب أن نركز تفكيرنا فى كيفية منع وقوع مثل تلك الحوادث، فماذا نريد أكثر من مقتل ألف شخص كى نفيق ونقف فى وجه أى كارثة قد تنتج عن الإهمال أو الفساد؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة