قرأت فى جريدة "المصرى اليوم" حواراً بين معالى وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى وسيدة خمسينية فى مستشفى رأس التين، يسألها عن رأيها فى شهادة خلو الموانع التى يأخذها الشباب لكى يتزوجوا، ولما سألها عن ذلك قالت إنه غير مهم ويبدو أن الوزير لم تعجبه الإجابة العاقلة من السيدة، فأراد أن يوضح لها فداحة ما تقول، فسألها مستنكراً هل تقبلين أن تتزوجى أعمى أو واحد مابيسمعشى؟ فأجابته السيدة الحكيمة والتى قد تكون غير متعلمة بنعم أقبل، وأوضحت له أن "الراجل ما يعيبهوشى غير جيبه".
وهنا نتوقف قليلاً مع الوزير الطبيب، ونسأله ما المانع لديك فى زواج العميان واللى مابيسمعوشى – على حد قولك؟ واسمح لى يا معالى الوزير المتعلم أن أسألك، أيهما أفضل الأعمى أم من يطبق قانوناً مثل قانون المرور الجديد؟ الذى لا يرى بعينه أن الأمور لا تحتاج كل هذا ولا يتبصر ببصيرته أن واحداً من المواطنين لن يتأتى له أن يستخدم حقيبة الإسعاف مثلاً، ولم يستجب إلا بعد كثير من النداءات، وكانت استجابته محدودة بأن أجل الالتزام بها، وكأن هذا هو الحل .. أجبنى يا وزيرنا أيهما أفضل الأعمى أم من يتجاوب مع هذا القانون ويضع المواصفات لهذه الحقيبة المسعفة التى تحتاج لمسعف متمرس يستخدمها؟ ويصمت ولا يقول إن وجودها سيكون زى عدمه ولا يعى المسئولون أنه من الممكن أن يتدخل إنسان فيودى بحياة مواطن مصاب، لأنه معه الحقيبة السحرية هذه.
قل لى يا معالى الوزير.. من الأفضل الأعمى أم من يحتكر الحديد فى بلادنا؟ والذى يتربح بالمليارات ويزاوج بين ماله وسياسته، والأعمى أم من يحتكرون السلطة لأكثر من خمسة وعشرين عاماً ويفهمون الناس أن فيه أحزاب سياسية فى البلاد وهم فى الحقيقة حزب واحد منفرد بالسياسة؟
لن أسألك يا وزيرنا الحبيب عن طه حسين الذى كان وزيراً قبل أن تدخل المدرسة وعن إن كنت تعلم أنه كان أعمى أم لا، بل سأسألك عن الأعمى الذى صار وزيراً للداخلية فى حكومة بريطانيا التى تضرب حكومتنا الإلكترونية مائة مرة، واخد بالك يا معالى الوزير، الأعمى كان وزير داخلية ولم يضع مثلثات عاكسة ولا حقائب إسعاف ولا غرامات ولا حبس، ولم يحدث فى عهده قتل وسرقة الصائغين، ولا نعرف من هم الجناة للآن فى جريمة مثل الزيتون التى يبدو أن البصراء نسوها ويا بصراء مصر اسمحوا أن أهمس لوزير داخليتنا بخبر هام، قد لا يكون على علم به أن الزيتون يجرى بها عمليات سرقة بطريقة مستمرة، حتى أن إحدى المواطنات سرقت مرتين فى أقل من شهرين، وفى المرة الأخيرة لم يذهب أحد للمعاينة بدعوى أن فى هذا الأسبوع تم عمل سبعة محاضر لعلميات سرقة.
ونعود للمقارنة بين العميان وبعض الناجحين، ونسأل أيهما أفضل.. الأعمى أم من سرق أموال بنوك وهرب على بره؟ الأعمى أم من أغرق الناس فى العبارة السلام 98 أو من تلاعبوا بأموال التأمينات؟ واسمح لى أخيراً أن أسألك سيادة الوزير لو كان قدر الله لك ولدا أعمى كما قلت هل كنت ستزوجه أم لا؟ سأنتظر ردك مهما طال بنا العمر يا معالى الوزير وربنا يفتح بصيرتك على مصائب مستشفياتنا، والتى تحتاج بحق وزير بصير ومبصر حتى يُصلح ما أفسده الدهر سامحنى سيادتك سأنتظر ردك. مختصر القول ليس العجز هو العمى، بل العجز هو أن تعجز عن تحمل العمى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة