ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الأحد، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت سيحاول خلال لقائه الأحد، الضغط على الرئيس الفلسطينى محمود عباس، لقبول خطته "الحل الدائم" التى قدمها له قبل شهر تقريباً.
وأفادت مصادر إسرائيلية أن أولمرت سيسعى للحصول على غطاء دولى للتنازلات فى المفاوضات حول القدس، ويقترح التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين فى الأسابيع القريبة يتضمن تحديد آلية للمفاوضات حول الأماكن المقدسة فى القدس وجدولاً زمنياً لإنهاء المفاوضات، ويقترح أولمرت إشراك جهات دولية تحظى على صفة استشارية لمنح غطاء للاتفاق.
وأضافت أنه حسب خطة أولمرت فإن "قضية القدس تختزل فى الأماكن المقدسة فقط، إلى جانب رفض حق عودة اللاجئين ورفض الاعتراف بالمسئولية التاريخية عن التهجير ونكبة الشعب الفلسطينى، والحدود التى يقترحها هى حدود جدار الفصل إلى جانب ضم التكتلات الاستيطانية الرئيسية لإسرائيل"، موضحة أن خطة أولمرت تتضمن أن تجرى المفاوضات حول السيادة على الأماكن المقدسة فى القدس بموافقة ما سماه "غلافاً دولياً" تشارك فيه حكومات وجهات ذات شأن، بحيث تكون المفاوضات ثنائية ومباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ولا تملك الجهات الدولية الحق فى فرض الحل، وتقتصر مهمتهم على منح الغطاء للاتفاق بين الجانبين فى المفاوضات المباشرة، وحسب اقتراح أولمرت يتم تحديد جدول زمنى يمتد على خمس سنوات لإنهاء التسوية حول القدس.
وأوضحت أن الغلاف الخارجى الدولى الذى يتحدث عنه أولمرت والذى يحظى بصفة استشارية يكون شاهداً على ما يتم التوصل إليه والفكرة مأخوذة من تجربة مفاوضات كامب ديفيد التى فشلت عام 2000، حيث قال الرئيس الفلسطينى الراحل عرفات إنه لا يملك الحق فى التنازل عن الأماكن المقدسة، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يسعى أولمرت إلى إشراك الرباعية الدولية والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والأردن الذى يشمل اتفاق السلام معه اعترافاً بمصالح إسرائيل فى القدس.
ويهدف أولمرت من هذه الخطوة إلى توفير غطاء دولى للتنازلات فى القدس، على اعتبار أن المفاوضات باتت تتركز بالنسبة لإسرائيل حول الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
وقالت مصادر إسرائيلية إن أولمرت عرض على وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، خلال زيارتها لتل أبيب الأسبوع الماضى، خطة الحل التى يقترحها وأبلغها أنه عرض الخطة على عباس قبل نحو شهر، إلا أنه لم يبد متحمساً ولم يتلق رده بعد.
وأوضحت المصادر أن رايس بحثت الخطة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مشيرة إلى أولمرت مارس مؤخرا ضغوطاً على عباس لقبول خطته وأرسل له مبعوثين لإقناعه بقبولها من بينهم نائب رئيس الحكومة حاييم رامون وعضو الكنيست يوسى بيلين وصديق أولمرت رجل الأعمال الأمريكى دانى أفرامس، إلا أن عباس ومستشاريه أعربوا عن تحفظهم على عدة نقاط فى الخطة، موضحين أن الاتفاق الجزئى من شأنه أن يضعف رئيس السلطة، فيما زعم المبعوثون أن الاتفاق يتيح لعباس أن يعرض إنجازاً فى الانتخابات الرئاسية فى السلطة الفلسطينية التى ستجرى فى سبتمبر 2009.
وكشفت الصحيفة فى السابق أن أولمرت سلم أبو مازن اقتراحاً مفصلاً لاتفاق مبادئ حول قضايا الحدود الدائمة واللاجئين والترتيبات الأمنية التى سيعمل بها بين إسرائيل والدولة الفلسطينية.
ولا يشمل الاقتراح قضية القدس، كما يرفض تحقيق حق العودة، وفى حين تضم إسرائيل إليها 7% من مساحة الضفة الغربية (بدون القدس والأغوار)، فإنها تعرض عليهم مناطق بديلة فى النقب بمساحة تصل إلى 5.5%، كما ينص الاقتراح على الضم الفورى لهذه المناطق، فى حين أن تسليم الفلسطينيين مناطق بديلة سوف يتأجل إلى حين سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة مجدداً.
وأشارت إلى أن المفاوضات الحالية التى بدأت منذ نوفمبر 2007 تهدف إلى التوصل إلى اتفاق يضع الأساس للدولة الفلسطينية، إلا أن تنفيذه سيتأجل إلى حين تكون السلطة الفلسطينية قادرة على ذلك.
وبحسب مسودة اقتراح أولمرت، فإن المنطقة التى ستضم لإسرائيل، ستكون الكتل الاستيطانية الكبيرة وتكون الحدود محاذية لمسار جدار الفصل العنصرى، وتحصل إسرائيل على "معاليه أدوميم" و"غوش عتسيون" و"غلاف القدس" و"معراف شومرون"، أما بالنسبة للمستوطنات التى ستبقى خلف الحدود فسوف يتم إخلاؤها على مرحلتين، المرحلة الأولى مع التوقيع على اتفاق المبادئ، حيث تبادر الحكومة إلى سن قانون "الإخلاء والتعويض الطوعى" للمستوطنين الذين سيوافقون على الانتقال إلى منطقة أخرى أو إلى الكتل الاستيطانية.
أما المرحلة الثانية فتنفذ عندما يستكمل الفلسطينيون الإصلاحات الداخلية وتكون السلطة قادرة على تنفيذ الاتفاق وعندها تقوم إسرائيل بإخلاء المستوطنين الذين سيبقون شرق الحدود.
كما يتضمن اقتراح أولمرت بالنسبة لتبادل المناطق مرحلة أخرى، حيث تحصل إسرائيل فوراً على الكتل الاستيطانية فى حين أن تسليم المنطقة البديلة للفلسطينيين وتفعيل المعبر من غزة إلى الضفة سوف يتأجل إلى حين تسيطر السلطة الفلسطينية مجدداً على قطاع غزة.
وأضافت الصحيفة أنه بذلك يستطيع أولمرت، أن يقول إن إسرائيل تحصل على 7% من مساحة الضفة الغربية، فى حين أن التنازل الإسرائيلى سوف يتأجل إلى حين القضاء على سلطة حماس فى قطاع غزة، فى حين يستطيع عباس أن يدعى أنه تمكن من الحصول على 98% من مساحة الضفة الغربية وعلى تعهد بإخلاء جميع المستوطنين شرقى الحدود.
وتابعت أن الاقتراح المقابل الذى عرضه الفلسطينيون تحدث عن تبادل مناطق بمساحات أقل بكثير، حيث اقترحوا على إسرائيل ضم 2% من مساحة الضفة مقابل مساحة بديلة.
وبالمقارنة مع المفاوضات السابقة التى أجريت مع الفلسطينيين، فإن اقتراح أولمرت يأتى بين اقتراحين قدمهما رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك إلى الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات فى كامب ديفيد 2000 وفى طابا خلال يناير 2001، أما الاقتراح الفلسطينى فيذكر بالاقتراحات منذ فترة عرفات والتى تحدثت عن ضم مستوطنات منفردة لإسرائيل مع طرق مؤدية إليها وترفض مبدأ الكتل الاستيطانية، إلا أن عملية بناء جدار الفصل فى الضفة الغربية خلقت واقعا جديدا فى المناطق التى استكمل فيها.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل سلمت الفلسطينيين نموذجاً مفصلاً للترتيبات الأمنية التى قام ببلورتها طاقم برئاسة عيدو نحوشتان، وتم تسليم الاقتراح للإدارة الأمريكية، وذلك بهدف الحصول على دعمها لموقف إسرائيل فى المفاوضات، مشيرة إلى طلب إسرائيل بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح بشكل مطلق وألا يكون لديها جيش، وفى المقابل طلب الفلسطينيون أن تكون قوات الأمن جاهزة للدفاع أمام ما وصف بـ"تهديدات خارجية".
أما بالنسبة لحق العودة، فإن اقتراح أولمرت يرفضها تماماً، وينص على أن اللاجئين يستطيعون الاستقرار فى الضفة الغربية، إلا فى حالات غير عادية فى إطار لم الشمل.
وقال رئيس دائرة شئون المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن عباس سيطلب من أولمرت إعادة مبعدى كنيسة المهد من الخارج ومن غزة إلى الضفة الغربية والإفراج عن الأسرى والنواب ومن بينهم مروان البرغوثى ورئيس المجلس التشريعى عزيز الدويك والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات وفؤاد الشوبكى.
ومن المقرر أن أولمرت يلتقى الأحد، محمود عباس فى القدس الغربية لمواصلة المباحثات حول القضايا الجوهرية المتعلقة بالتسوية الدائمة بعد زيارة رايس للمنطقة الأسبوع الماضى.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، أن المباحثات ستجرى بحضور رئيسى فريقى التفاوض حول الوضع الدائم وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى وعن الجانب الفلسطينى أحمد قريع.
صحيفة هاآرتس: أولمرت يحاول الضغط على عباس لقبول خطته -AFP
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة