إبراهيم داود يكتب: أحزان البراءة!

الأحد، 03 أغسطس 2008 09:36 م
إبراهيم داود يكتب: أحزان البراءة! ابراهيم داود: فى مصر معارضون بدون حماية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البراءة السوداء (كما سمتها البديل) جعلت فوز الأهلى على الزمالك فى مباراة السوبر بلا معنى، وجعلت حمدين صباحى يرى أنه لم يعد بمقدور أى مصرى أن يفخر بأنه برىء، لأن هذه الصفة ستضعه مع ممدوح إسماعيل فى خانة واحدة "فى الكرامة"، وذكرت وحيد حامد "وعبدالله السناوى بعده" بأحكام دنشواى، وجعلت حمدى رزق يتساءل: لماذا لم تطبق المادة 134 من قانون العقوبات بشأن الحبس الاحتياطى فور وقوع الحادث على صاحب العبارة، ومن الذى أخر النظر فى طلب رفع الحصانة أربعين يوماً كاملاً، حتى تمكن إسماعيل من الهرب إلى الخارج.

زادها خمسة حتى تمكن من نقل إقامته من باريس إلى لندن، لتفادى اتفاقية تسليم المطلوبين بين القاهرة وباريس؟ ويرى أكرم القصاص فى العربى، أنه لا يمكن تحميل القاضى هذه المسئولية، وحتى لو قبل الطعن فإن الحكم لم يكن يتجاوز بضع سنين، أى أن كل روح تساوى خمس دقائق فى الحبس.. الدكتور إبراهيم درويش هو الذى دعا إلى تحويل المتهمين إلى محاكم عسكرية، قال لنور الهدى زكى فى العربى إنه ضد إحالة أى مدنى إلى محكمة عسكرية، ولكن رئيس الجمهورية باعتباره حكما يحيل قضايا أقل بكثير من جريمة قتل (أكثر من ألف مدنى) إلى محاكم عسكرية، والأجدر به الآن أن يحيل هذه القضية إلى محكمة خاصة، أو محكمة عسكرية على سند أنها جريمة إبادة جماعية، وعلى سند أن ممدوح إسماعيل عضو اللجنة التى تمنح شهادات الصلاحية، أى أن المجرم يحدد سبب الجريمة وسبب البراءة، ويعلم أنه اشترى السفينة من أجل تكهينها، وبالغش رفع عليها علم بنما، وشحن عليها أكثر من حمولتها، ولم يوفر لها أسباب النجاة، وإنما وفر لها أسباب الجريمة.

على الجانب الآخر، اعتبر المستشار أحمد مكى القاضى أحمد النجار الضحية رقم 1035، وذكّرنا المستشار رجاء العربى بمحرقة مسرح بنى سويف، وقال لروز اليوسف "المجلة"كيف كان الحكم فى البداية وإلى ماذا انتهت الأحكام فى النهاية؟

المستشار عادل زكى أندراوس - رئيس محكمة استئناف القاهرة - قال إن ما يحدث فى الصحف والفضائيات تجاه الحكم الصادر عن محكمة جنح سفاجا، يمثل إرهابا للقضاة، ويجعل أيديهم ترتعش بعد ذلك، وقال المعنى نفسه جمال زايد فى أهرام الأربعاء، باعتباره ممثلاً لـ"لعقل"فى النهاية، بعيداً عن مانشيتات "الدستور" و"صوت الأمة" و"العربى"، التى تعتبر مبارك شخصيا مسئولاً عن الحكم "الحرام - الصدمة - الأسود - الفاسد".

أرى أن توقيت الحكم (مباراة الأهلى والزمالك المحدد موعدها سلفا، الصيف، سفاجا، لا توجد دراسة فى الجامعات) توقيت مختار بعناية، وفيه قصد، على أمل أن يمر الحكم بسلام، ولكن شيئاً ما تغير فى مصر فى السنوات الثلاث الأخيرة، جعل هذه الألاعيب لا تخيل على الرأى العام، الذى اعتبر الحكم إهانة له، لأن 1034مواطناً ماتوا بسبب الإهمال والفساد ولم يحاسب أحد، وأظن أن هذا الحكم وضع النظام فى ورطة، أمام طوفان الغضب الذى يجتاح الناس، ولا أستبعد "تدويل" هذه القضية، التى اعتبرها القضاء جنحة رغم علم الجميع أنها جناية.

يوم صدور الحكم مات يوسف شاهين أحد أعمدة الثقافة المصرية، والذى تكمن قيمته الحقيقية فى انحيازه للتقدم، وقدرة مصر على استيعاب موهبته، فهو المسيحى الذى قدم صلاح الدين الأيوبى بقلب مسلم، المعارض طوال الوقت لأنه فنان، ولقد حزنت جداً على وفاته، وحزنت أكثر عندما علمت أن وصيته بأن يخرج من عمر مكرم "وهى ليست شائعة" لم تنفذ، لأن هذه الرغبة لا تتعارض مع الدين ولا تتعارض مع أمن الدولة، لأن يوسف شاهين من الشخصيات التى لم ينظر إليها - طوال تاريخه - من هذا الثقب الضيق، الذى يطل على الفتنة.

الأسبوع الماضى كان مليئاً بالأحداث، ولكن العبّارة، ويوسف شاهين وأحزان الناس التقليدية، لم تجعل أحدا يهتم بصراعات حزب الوفد، أو رحلة الرئيس إلى جنوب أفريقيا وأوغندا، ولا بدارفور، ولا بصراع حماس فتح، الذى لن ينتهى إلا بانتهاء القضية الفلسطينية.

الادعاء الكاذب، والإساءة لسمعة مصر، تسببا فى "طس" مدير مركز ابن خلدون سعد الدين إبراهيم سنتين مع الشغل وغرامة 10 آلاف جنيه، الغرامة "أمرها هين" أما الحكم سيبعد الناشط عن مصر، لأنه سيعمل أستاذا زائرا فى هارفارد - كما قالت زوجته بعد الحكم - وأنا لست من المتعاطفين مع المتهم، لأنه "يستقوى" بقوى خارجية يحمل جنسيتها ضد بلده، ويوجد فى مصر معارضون بدون حماية، يدفعون ضريبة أقسى مما يدفعها الرجل، وهذا ليس دفاعا عن الحكم الصادر، ولكنه دفاع عن الدولة لا عن الحكومة.. ومن المفارقات "الظريفة" أننا أمام رجلين هاربين.. أحدهما برأته محكمة فى سفاجا، بعد أن تسبب فى قتل 1034 "بنى آدم" فقير، والآخر لأنه لعب مع الرئيس مبارك شخصياً.. لكنه لم يقتل أحداً!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة