التحذير الشديد الذى أصدرته الكنيسة المصرية لأبنائها من الأقباط الأرثوذكس بعدم التدخل فى أى عمليات تبشير فى مصر، حفاظاً على الأمن القومى والوحدة الوطنية، يتنافى مع ما يشاع بأن هناك كنائس مصرية أخرى تقوم بعمليات تبشير سرية، مثل البطرخانة القديمة وقصر الدوبارة الإنجيلية ويسوع الكاثوليكية وجمعيات أهلية أخرى، متهمة بتلقى معونات أجنبية لدعم عمليات التبشير..
"ماهر الجوهرى" الذى تجاوز 56 عاماً وآخر من أثير حوله الجدل باعتناقه المسيحية، أكد أن الدستور كفل له الحق فى تغيير ديانته واعتناقه أى ديانة، ويقول ماهر " إننى انجذبت إلى المسيحية قبل 34 عاماً عندما كنت طالباً فى أكاديمية الشرطة، لكن العديد من الكنائس رفضتنى، ليس لكونى جاداً فى الأمر، ولكن خشية أن أكون مجرد طعم من أجهزة الأمن المصرية، وأخيراً قبلتنى كنيسة الروم الأرثوذكس، لأصبح منذ ذلك الحين قبطيا، ماهر الجوهرى قديما وبيتر اثناسيوس حالياً"..
ماهر رفع قضية فى المحاكم لتغيير ديانته فى البطاقة من مسلم إلى مسيحى بعد سنوات طويلة من السرية، إلا أن ذلك عاد عليه بالضرر، فهو يتعرض للتهديد من قبل أهله بالقتل، وتركته زوجته، ماهر استنكر تعامل الحكومة مع المتنصرين على عكس الأقباط الذين أسلموا، فتستخرج لهم الأوراق الرسمية بكل سهولة دون أى عناء على خلاف النظرة الغريبة التى ينظرها إليه الجميع.
إعلان ماهر عن ديانته الجديدة جاء بعد فتاوى "على جمعة" مفتى الجمهورية أن المسلم حر فى تغيير دينه، خلافاً للمفهوم السائد فى العالم الإسلامى، حيث يحكم على المرتد بالموت.
وأتاحت هذه الفتاوى للعديد من الكنائس المصرية العمل فى العلن وبصورة مكثفة فى عمليات التبشير، على حد قول محمد العمدة عضو مجلس الشعب، والذى أكد أيضاً أن العديد من الجمعيات الأهلية تقوم بهذا النشاط، مثل جمعية "إيد فى إيد" التى يرأسها مايكل منير - أحد أقباط المهجر- ويقوم بتلقى معونات أجنبية من الخارج لتدعيم حركة التبشير.
التناقَضات عديدة فى قضية التنصير، فهناك من ينفى وجودها، وهناك من يؤكده ومنهم كمال زاخر منسق جبهة العلمانين، قائلاً "إننا لا نعرف منها إلا القليل الذى وصل للمحاكم، فلا توجد كنيسة فى مصر ترفض أى مسلم يريد اعتناق المسيحية ولكن الكنائس تريد أن يتم كل ذلك فى الخفاء، بعيدا عن عيون الإعلام والصحافة، والتحذير الذى خرج من الكنيسة بخصوص عدم الاشتراك فى عمليات تبشير إنما لخوف الكنيسة نفسها، ومحاولة منها لمنع الجدل المثار حولها، وخصوصاً أننا نعيش فى مجتمع غير سليم ومنحرف طائفيا".
وفى جبهة النفى يأتى ممدوح رمزى المحامى القبطى، مؤكداً عدم اشتراك الكنيسة الأرثوذكسية فى القيام بأى عمليات للتبشير، حيث قال إن الكنيسة تواجه نقداً شديداً بسبب عدم مشاركتها فى هذه العمليات، لأنها بذلك تخالف تعاليم المسيح الذى طالب بنشر الإنجيل فى أنحاء الأرض، وهو ما توقف بعد دخول الإسلام مصر. إلا أن رمزى رجح أن عمليات التبشير تحدث فى الغالب فى الكنيسة الإنجيلية أو بعض المبشرين من خارج مصر، مشيراً إلى أن قانون العقوبات لم يجرم هذا الأمر سواء للمسلمين أو المسيحيين، ولكن من الناحية الأمنية هى مباحة للمسلمين وعليها تحفظات كبيرة للأقباط لأقليتهم فى مصر.
القس صليب متى، عضو المجلس الملى، اتفق مع ممدوح رمزى فى أنه ليس من مهام الكنيسة التنصير، كما أن الكنيسة لا تقوم بأى عمليات تبشيرية لأنها ضد مبادئ الكنيسة، والتى تعلم جيداً واجباتها تجاه الوطن الذى يحمل بداخله مسلمين ومسيحيين، وأن هذه العمليات غالبا ما تحدث من خارج مصر.
إلا أن الشد والجذب بين عمليات التنصير والتبشير تطبيقا لتعاليم المسيح، وما يقابلها من فتاوى وخطب لكبار مشايخ الأزهر لمنع انتشارها وتطبيق حد الردة، يعد أقل شراسة من تلك التى على شبكة الإنترنت بين مواقع ومنتديات تطالب بالتنصير وتدعو له، وبين مواقع إسلامية تتصدى لهذا الأمر.
التنصير نفى فى العلن وحرب فى الخفاء وإشعال للفتنة
الجمعة، 29 أغسطس 2008 07:54 م