تسبب قدوم شهر رمضان هذا العام مبكراً، فى العمل بالتوقيت الشتوى قبل شهر كامل، ليبدأ فى منتصف الصيف، فى تناقض واضح يعكس أزمة تغيير التوقيت التى تحدث مرتين كل عام. حيث يقابلها إصرار حكومى شديد على استمرار تغييره بدعوى توفير الطاقة، رغم نفى خبراء الاقتصاد لهذا الأمر، وتأكيدهم على أن تغيير التوقيت ليس البديل المناسب لتوفير الطاقة، بل إنه يتسبب فى خسائر اقتصادية كبيرة لتضارب المواعيد بين البنوك والبورصات فى الدول التى لا تتبع نظام تغيير التوقيت.
وبدا التناقض واضحا هذا العام بسبب حلول شهر رمضان قبل الانتقال للتوقيت الشتوى، الذى يبدأ كل عام فى ليلة الجمعة الأخيرة من سبتمبر أو الأولى فى أكتوبر كل عام، ليتجدد الجدل حول تغيير التوقيت، الذى يراه الكثيرون بلا فائدة إلى الحد الذى دفع النائب مصطفى الهوارى عضو الحزب الوطنى، وجمال حنفى النائب الإخوانى، إلى انتقاد التقليد الأعمى فى تغيير التوقيت، رغم عدم جدواه الاقتصادية، والتقدم بمشروع قانون يقضى بعدم تغيير التوقيت، ولكنه واجه معارضة حكومية شديدة، مع تأكيدات بأنه يحقق جدوى اقتصادية كبيرة.
ويرى د.سلطان أبو على- وزير الاقتصاد الأسبق- أن تغيير التوقيت يؤثر سلباً على الاقتصاد المصرى، وعلى المعاملات التجارية، بل وعلى معدلات استهلاك الطاقة، نافياً ما يشاع أنه يؤدى إلى توفير الطاقة الكهربائية والاستفادة من ضوء الشمس. مشيراً إلى تغيير التوقيت يؤثر على المعاملات فى البنوك والبورصة، التى تصل خسارتها إلى 60% من قيمة المعاملات، مما يحدث نوعاً من الخلل، نتيجة تعطل الاتصال بالدول الأخرى لعدم التوافق فى الساعات بين مصر وتلك الدول.
ويتفق د. حمدى عبد العظيم – الخبير الاقتصادى والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية- مع هذا الرأى، ويشير إلى التأثيرات السلبية على الاقتصاد نتيحة تغيير التوقيت بسبب الاضطراب الذى يحدث نتيجة لتغيير مواعيد العمل فى المصالح الحكومية والمدارس وغيرها من الهيئات، لافتا إلى أن تغيير التوقيت عديم الجدوى بالنسبة لحالتنا فى مصر التى لا تتأثر ساعات النهار فيها بالصيف أو الشتاء مثل الدول الأوروبية. ويؤكد د. حمدى أن التوقيت الشتوى يأتى هذا العام فى منتصف الصيف فى مفارقة تثير الضحك والأسى فى وقت واحد، وتدل على أن تغيير التوقيت غير ذى فائدة، ويمكن الاستغناء عنه كما تم تقديمه شهرا كاملا هذا العام.
من جانبه يرى . محمد مهدى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، أن تغير مفهوم الليل والنهار عند المصريين هو ما يستحق التوقف أمامه، حيث تسببت الفضائيات والإنترنت فى تغيير الاستيقاظ عند المصريين، وبالتالى فإن التبرير الحكومى بأن تغيير التوقيت يؤدى إلى توفير فى الطاقة غير صحيح، لأن ساعات السهر الزائدة تؤدى إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك. وانتقد المهدى الإصرار على استمرار العمل بنظام التوقيتين لما يتسبب فيه من "لخبطة" فى مواعيد الطيران، وغيرها من المعاملات التى تستلزم اتصالا بجهات فى دول أخرى لا تتبع نظام التوقيتين.
ومن جانبه رفض النائب الإخوانى د.أكرم الشاعر فكرة تغيير التوقيت، متسائلا "لما تغيير التوقيت بيوفر فى الطاقة كده، أمال ليه أنا مش شايف حركة الإنتاج اتغيرت، والمصانع اشتغلت أكتر؟"، ويضيف الشاعر أن عدم جدوى تغيير التوقيت معروفة للجميع منذ فترة كبيرة، ولكن الحكومة تصر على الاستمرار فيه على سبيل التعود ليس إلا، وقال إنه لو سلمنا بكلام الحكومة عن هدر الطاقة الذى يستدعى تغيير التوقيت، فلابد لنا من تغيير آخر لحكومة نظيف التى أهدرت وبجدارة الكثير من موارد مصر، بما يتخطى كثيرا الطاقة التى تهدرها تلك الساعة التى يصرون على "لخبطة" مواعيد الناس بسببها مرتين كل عام .
يذكر أنه تم تغيير التوقيت لأول مرة فى مصر عام 1941، عندما صدر الأمر العسكرى بتقديم التوقيت 60 دقيقة فى فترة الصيف أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم ألغى بعد انتهائها قبل أن يعود العمل به فى 1957، وتعرض للإلغاء والعودة بعدها أكثر من مرة، ومازال العمل به سارياً حتى الآن.
العمل بالتوقيت الشتوى فى عز الصيف!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة