3 شركات كبرى تتاجر فى 311ألف فدان على ضفتى ترعة السلام

سيناء فى ثلاجة رجال الأعمال ورجال "أباظة"

الثلاثاء، 26 أغسطس 2008 01:05 م
سيناء فى ثلاجة رجال الأعمال ورجال "أباظة" سيناء تحتاج إلى إنقاذ من الإهمال والفساد -تصوير سامى وهيب
كتبت عبير عبد المجيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تسقيع ..تلاعب ..إهدار مال عام .. تخبط حكومى .. تبادل اتهامات هذه، هى الأوصاف التى يمكن إطلاقها على ما يحدث داخل المشروع القومى لاستصلاح أراضى ترعة السلام بشمال سيناء.

المشروع كان الهدف منه هو استصلاح آلاف الأفدنة، طبقا للبرنامج الانتخابى للرئيس مبارك والذى تحول الى كابوس مزعج.

الوقائع خطيرة و مفزعة، وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق المشروع لم يتم استصلاح قيراط واحد فقط.

الأدهى من ذلك أن الدولة متمثلة فى قطاع الأعمال تشارك فى هذه المهزلة، على أعلى مستوى الدولة التى من المفترض أنها تحارب التسقيع تشارك هى بنفسها فيه.

هيئة التعمير التابعة لوزارة الزراعة صاحبة الأرض راحت تتبادل الاتهامات مع الشركة القابضة والتى رسى عليها المزاد، إبان فترة رئاسة المهندس هادى فهمى عام 2005.

الأنكى من ذلك أن الشركات الثلاث التى آلت إليها الأرض باعتها للغير بعقود عرفية، لأنها لم تسدد أصلا قيمة الأرض حتى الآن، و كأنها سمسار فى ظل وصول سعر الفدان هناك إلى 40 ألف جنيه، بدلا من 4 آلاف فقط وقت شرائه.

الشركات الثلاث هى: العقارية المصرية ومساهمة البحيرة والعامة لاستصلاح الأراضى، أما المفاجأة المدوية، فهى أن الشركتين الأولى والثانية، ليس لهما علاقة باستصلاح الأراضى من قريب أو بعيد.

حققت اليوم السابع قضية تسقيع أراضى ترعة السلام، من واقع المستندات الموثقة، وأيضا مع اثنين من سماسرة المنزلة، حيث اضطررنا إلى التخفى فى شخصية وسطاء لتاجر كبير، متخصصين فى بيع مساحات واسعة من الأراضى بعد تصويرها لعرضها على راغبى الشراء من المصريين أو أثرياء العرب، الأمر الذى جعل الأطراف المختلفة تفتح لنا أسرار التلاعبات وتكشف خيوط اللعبة.

فى البداية عرضوا علينا الاختيار بين نوعين من الأراضى، إما وضع يد أو أراضى بعقود لشركات تابعة لجهاز التعمير، مؤكدين أن سعر فدان الشركات يتراوح بين 30 و40 ألف جنيه، حسب قربها من الطريق أو كوبرى السلام ومدى ملاصقتها للترعة أو أحد فروعها، فى حين يتراوح سعر فدان وضع اليد ما بين 4 إلى 5 آلاف جنيه ويتم التنازل عنه بعقود عرفية بين واضعى اليد والمشترى.

من كوبرى الفردان و حتى العريش
استغرقت الرحلة أكثر من 6 ساعات وسط شريط أصفر طويل لا يكاد يحصله مرمى البصر، على بعد مسافة بضع كيلو مترات من كوبرى السلام وحتى بداية مدينة العريش وسط مجموعة من الأراضى الصحراوية لا تفصلها أى أسوار أو حدود سوى بعض الزارعات البسيطة التى لا تكفى لإطعام قطيع من الأغنام، فى محاولة واضحة لفرض تواجد عرفى لأصحاب الأراضى غير الرسميين، دون وجود أى شكل من أشكال الحياة سوى بعض الحراسات على كل قطعة لفرض سياسة الأمر الواقع على طبيعة المنطقة غير المقسم.

فى بداية أول تفريعة لترعة السلام تمتد أكثر من 5 يافطات بحجم كبير على مساحات لا تقل عن 50 فدان، تعلن عن أسماء الشركات أصحاب الأرض،هذه الشركات تحمل أسماء الرحمة والجهاد والأمل والإيمان وتحتها أسماء لتجار من المنزلة وبور سعيد والإسماعيلية، فى حين تنتشر بعض المنشآت الصغيرة التى أطلق السماسرة على بعضها بيوت الحراسة وعلى البعض الآخر مشروعات صغيرة لتصنيع البلاستيك أو الورق، على الرغم من أن مساحاتها لا تتجاوز 50 مترا لكل منشأة.

عندما سألنا عن عقود الأراضى وإمكانية نقل الملكية تلكأ السماسرة فى الرد، ثم أجاب أحدهم فى حدة: إن نقل الملكية يتم بعقود يتم التأكد منها عند سداد قيمة الأرض بعد الاتفاق، أما إظهار العقود الآن مستحيل على حد قوله ولن يوافق علية أحد.

جهاز التعمير بالمحافظة والذى يضم وثائق المشروع الذى لم ير النور، بالإضافة إلى مجموعة من المستندات المهمة الصادرة عن رئيس الجهاز إلى وزير الزراعة تكشف العديد من واقع اللغط داخل هذا المشروع.

فجر أحد التقارير الصادرة عن مكتب محمود عبد البر رئيس هيئة التعمير والتنمية الزراعية أكثر من مفاجأة، فقد أكد أن هذه الشركات قامت بشراء أراضى من الهيئة ولم تسدد ثمنها ولم يتم تحرير عقود بها، وباعتها للغير وحصلت على ثمنها وعند شروع المشترى فى إجراءات نقل الملكية، لم يستطع استكمال إجراءاته، مما أوقعه فى العديد من المشكلات.

هذه الشركات لا يوجد لها سند ملكية من الأساس، وتنفذ فى الوقت نفسه، مجموعة من المشروعات الأخرى داخل مشروع ترعة السلام، حيث تنفذ الشركة العقارية المصرية الأعمال الترابية لمجارى الرى والشركة العامة للاستصلاح، تنشىء مشروع فتحات الرى والصرف، أما شركة مساهمة البحيرة فتقوم بتأهيل محطة صرف الحسينية وكلها مشروعات تتبع الهيئة فى الأساس، ولو أرادت تسوية أوضاعها المالية لقامت بعقد عدة اجتماعات بين الهيئة والشركات واللجنة الوزارية للمشروعات الكبر.

الغريب أنه تم الاتفاق على خصم نسبة 10% من قيمة المستحقات عن العمليات المسندة لها من الهيئة، وذلك لسداد مديونية الأراضى.

يشير تقرير هيئة التعمير أيضا إلى أن، هذه الشركات التابعة للشركة القابضة قامت بشراء أراضى بالمزاد فى أعوام 2004 ـ2005 -2006 من الهيئة أى قبل صدور قرار التخصيص من الهيئة بمشروع ترعة السلام، ولم تقم بتسديد مستحقاتها، وطالبت الهيئة فى خطاب رسمى بخصم قيمة مقدمات المزادات من المستحقات الصالحة بالصرف بالهيئة.

معلومة أخرى تؤكد، أن هذه الشركات حصلت من بعض الأفراد على مبالغ تحت وعد بالبيع للأراضى التى كانت تقوم باستصلاحها، وعندما قامت الهيئة ببيع الأراضى بالمزاد العلنى قام نفس الأفراد بشراء الأراضى ذاتها وطالبوا الشركات بالمبالغ التى قاموا بسدادها فقامت الشركات بمخاطبة الهيئة بخصم هذه المبالغ من مستحقاتهم طرف الهيئة.

ولأن هذه الشركات عليها فى الأصل مديونية للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، فقد فضلوا تسوية هذه المديونيات عن طريق خصم نسبة 25% من كل مستخلص لصالح التأمينات، ولأن كل هذه المستحقات لصالح الهيئة والأفراد والتأمينات أصبحت مبالغ متراكمة قام الجهاز بخصمها من مستحقات الشركات!
وأدى ضعف السيولة لدى الشركات إلى تقاعسها فى تنفيذ المشروعات المسندة إليها من الهيئة وتأخرها فى الانتهاء من الأعمال فى التوقيتات المحددة، على الرغم من الإنذار المتكرر من الهيئة لهذه الشركات وحثها على إحراز بعض التقدم فى الأعمال حتى لا تضطر الهيئة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية.

وينتهى التقرير إلى أن، نتيجة ذلك أدى إلى عدم التنفيذ، مما تسبب فى الإخفاق فى تحقيق الخطة الاستثمارية لعام 2006-2007، حيث بلغ معدل الصرف 30 مليون جنيه من إجمالى قيمة 267 مليون جنيه حتى 31/ 1/2007، بنسبة 11.5% فقط، مما أهدر 237 مليون جنيه على الدولة.

يفيد مستند آخر، بأن قيمة مديونيات هذه الشركات العاملة فى سيناء عن أراضٍٍ تم شراؤها من الهيئة وقروض سابقة وصل فى شركة مساهمة البحيرة إلى 78 مليون و524 ألف جنيه قيمة أراضى، فى حين وصلت قيمة القروض 15 مليونا و93 ألف جنيه، بإجمالى 129 مليون جنيه و617 ألف جنيه، أما الشركة العامة فوصلت مديونيات الأراضى بها إلى 3 ملايين جنيه، بخلاف قروض بقيمة 64 مليونا و584 ألف جنيه ليصل الإجمالى إلى 67 ألفا و584 ألف جنيه، فى حين وصلت مديونيات الشركة العقارية 67 ألف جنيه لم يتم التصرف فيها وقروض بقيمة 48 مليون جنيه.

وعلى الرغم من ذلك فالأجهزة الوزارية لم تتحرك ولم تسحب الأراضى من هذه الشركات ولم تتابع استصلاحها وتركتها للتجار والسماسرة والمنتفعين.

اتحاد التشييد
التقينا مصدرا مسئولا فى اتحاد التشييد، رفض ذكر اسمه، أكد أن هذه الشركات تم تحويلها من القابضة إلى اتحاد التشييد منذ ستة أشهر، نظرا لإلغاء الشركة القابضة والتى كانت تتبعها القابضة للزراعة، فى حين يبعد ذلك عن تخصص الاتحاد والذى وجد نفسه أمام شركات زراعية لا يوجد بها خبير زراعى واحد يمكن اللجوء إليه فى حل أزمة تلك الشركات.

وأشار المصدر إلى أن بعض هذه الشركات سوف يتم تصفيتها وبيعها وإعادة هيكلة البعض الآخر، نظرا لوجود العديد من التعثرات المالية داخلها، وكشف أن الاتحاد الآن بصدد الاستعانة بمجموعة من الخبراء لتصفية هذه الشركات وحل مشاكلها المالية.

وقال إن، الاتحاد لا يعرف شيئا عن تاريخ هذه الشركات، لأنه تم دمجها وهى متعثرة ماليا والآن مطلوب منه حلها وعلاج الأزمة.

وألقى المصدر باللوم على وزارة الزراعة وهيئة التعمير اللتين سمحتا للشركات بالبيع دون تسديد كامل المستحقات للهيئة .

وأوضح أن، العقود المبدئية كان لابد أن يذكر فيها عدم السماح بالبيع، إلا بعد تسديد كامل قيمة الأرض.

وزارة الزراعة باعت للمستثمرين
يؤكد حسام شاهين عضو مجلس الشعب، أن وزارة الزراعة باعت هذه الأراضى للمستثمرين منذ 3 سنوات فى بداية مشروع ترعة السلام، بعد تخصيصها لعدد من الشركات العاملة فى مجال استصلاح الأراضى، إلا أن سعرها الآن قد وصل إلى أرقام فلكية يصل إلى 50 ألف جنيه للفدان، نتيجة استيلاء مجموعة من السماسرة عليها دون إحداث تغيير يذكر فى طبيعتها الصحراوية.

قال شاهين، إن الغريب أن المشترين لا يوجد واحد منهم من أبناء محافظة سيناء، وهؤلاء الغرباء جاءوا إلى سيناء للاستيلاء على أراضيها وتسقيعها فى وقت لا يسمح فيه للمواطن السيناوى بامتلاك بيت يعيش فيه، وما حدث فى هذه الأرض من تلاعب وتسقيع جعل الحكومة تتراجع عن منح السيناوية أراضى فى المشروع القومى منذ عدة أشهر، مؤكدا أن جميع الأراضى الموجودة داخل مشروع ترعة السلام لا يوجد لها عقود وإذا كان هناك، فهى عقود عرفية، ولكن تواجد بعض المنشآت والزراعات التى تعطى شرعية البقاء هناك وليست العقود.

اقترح شاهين إصدار قرارات فورية، لطرد هؤلاء المنتفعين من الأرض وإعادة طرحها لمستثمرين جادين أو لأبناء سيناء.

ومن جانب آخر كشف المهندس نشأت القصاص عضو مجلس الشعب السيناوى عن صور أخرى من التلاعبات داخل سيناء، تتمثل فى تسهيل الاستيلاء على مشروعات شباب الخريجين، التى لم يعد يمتلكها أى خريج بعدما اشتراها سماسرة المنزلة وبور سعيد بعقود عرفية، ويتذكر قضية فساد أخرى بنفس المنطقة منذ عدة أشهر، وهى أراضى شركة الشرق الأوسط، التى استولت على أكثر من 69 ألف فدان من أراضى الدولة، بأسعار تتراوح ما بين 2 و 3 آلاف جنيه فقط.

وقال القصاص، إن هناك أراضى أخرى على ترعة السلام كانت مطروحة للبيع بمزاد علنى منذ عدة أشهر وتقدم أعضاء مجلس الشعب بسيناء بمجموعة من طلبات الإحاطة ضد وقائع الفساد داخل أراضى سيناء، مما أدى إلى وقف المزاد.

ويوضح أن الأخطر من ذلك ما يحدث، نتيجة دخول بعض الشركات الإسرائيلية ومجهولة الجنسية إلى هذه الأراضى، عن طريق السماسرة والذين يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه، وخطورة ذلك استراتيجيا.

لمعلوماتك
10 مليارات جنيه خسائر سنوية تصيب الاقتصاد المصرى، بسبب التسقيع، حسب إحصائية أعدها الدكتور حمدى عبد العظيم العميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية.

50% من الأراضى التى خصصتها الدولة للاستثمار تحولت إلى أراضى تسقيع.

السادس من أكتوبر من أكثر المدن الجديدة تسقيعا، وتليها الشروق، ثم القاهرة الجديدة فالشيخ زايد، فقد سحبت الحكومة العام الحالى 7 ملايين و413 ألف متر مربع، ووقعت الحجز الإدارى على مليون و470 ألف متر، تم تخصيصها فى 4 مدن جديدة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة