فى تأبين درويش .. "جدارية" شعرية وتجذير لحب الأرض

الجمعة، 22 أغسطس 2008 08:44 م
فى تأبين درويش .. "جدارية" شعرية وتجذير لحب الأرض ليلة مصرية وفاءً للشاعر الفلسطينى محمود درويش
كتب محمد البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأت ليلة تأبين الشاعر الكبير الراحل محمود درويش الخميس فى ساقية الصاوى، بقصيدة جدارية، استمر إلقاؤها ساعة ونصف الساعة، ألقاها كل من: أيمن مسعود، ومحمد منصور، ومصطفى على.

شارك فى ليلة التأبين التليفزيون الألمانى، وتضمن مداخلة نقدية للدكتور حسام عقل، وصف فيها شعر درويش بأنه السهل الممتنع، "فما إن تسمعه حتى تشعر أنك تستطيع أن تغمس القلم وتنظم مثل شعره، لكن عندما تحاول فعل ذلك تجد أن جهده فيه يستحق الإعجاب والإكبار، وأن درويش فى بدايته يكتب بـ"نفس" المقاومة، وعن المدينة الغائبة والمفقودة، مثل باقى الشعراء الفلسطينيين، "يحملون أوطانهم داخل الحقائب".

وفى طفولته، يحكى درويش فى مذكراته أن معلمته اليهودية بدأت تستل من أصوله الكراهية رغم أنها يهودية، فبدأ يقرأ التلمود على أنه نص أدبى، ويقرأ لشعراء يهود كبار مثل حاليم نجمان باليك، ليجد بعد ذلك نفسه فى عملية إفراغ للذاكرة الوطنية، "إذ أنه فى دراسته كان لا يدرس إلا أقل القليل عن الأدب والتراث العربى، ومن هنا بدأ اهتمامه الأكبر بالتراث العربى، فـ"النفس" الذى كان يحمله درويش - كما يقول دكتور حسام عقل- يحمل نكهة يتميز بها شعر المقاومة، وهو الربط بين الجرح الفلسطينى والجرح الأندلسى.

ويشير الدكتور حسام عقل، إلى أنه بالنسبة لشعراء فلسطين، نشأ تياران الأول يتشبث بالأرض ويغنى لها، والثانى يغرد للموت ويعتبره البداية الطبيعية لحياة أوفر كرامة، "ومحمود درويش تقلب دائما فى أشعاره بين التيارين، وتحدث كثيرا عن الوطن الرؤيوى، إذ أنه كان عاجزا عن أن ينعم بحدوده وقيمته، فكان يرحل إلى مخيلته ويبحث فيها عن وطنه المفقود".

وقال عقل فى مداخلته، إن بعض التقنيات التى استخدمها درويش مثل التكرار والنفس الملحمى بقصائده وتوظيف المكان فى شعره، والتى تحتاج إلى وقفة خاصة من قبل النقاد والباحثين، متوقفا عند قدرته على نحت مفرداته الخاصة به ومعجمه الواسع الذى لا يشبه أى شاعر حديث.

الناقد أحمد عبد الحميد قال إن درويش شاعر المفاجآت بامتياز استطاع سريعا أن يعتلى مقام شاعر المقاومة، ولكن نفض عن نفسه ذلك، وقال هذا شعر للهجاء السياسى، وأعاد تسمية المسميات مرة أخرى، وكان متسقا مع تجربته حتى أنه عندما طبع أعماله الكاملة حذف ديوانه الأول وبعض قصائد ديوانه الثانى.

الناقد أحمد حسن قال إن درويش بدأ متماهيا مع ضمير الجماعة، ولكن كان ممزقا بين إخلاصه لماهية الشعر والتجذر فى معاناة الأرض، ليتحول من تحميل القضية فى الشعر إلى شاعر القضية، وأراد أن يبحث عن ينابيع القوة فى الماضى ويستشرف آفاق المستقبل. واستنكر مهاجمة النقاد له بشدة، الأمر الذى دفعه إلى الإشارة إلى ذلك فى مقال له بعنوان "ارحمونا من هذا الحب القاسى"، وفى قصائده ومنها قصيدته فى ديوانه الأخير أثر الفراشة، التى يقول فيها "يغتالنى النقاد أحيانا وأنجو من قراءتهم".

فيما قدم الشاعر وائل السمرى شهادة عن الشاعر درويش عنوانها "مت.. فمثلك لا يفاوض خادما" جاء فيها: "التاسع من أغسطس حمل للشرق مصيبتين، الأولى إلقاء قنبلة هيروشيما، والثانية موت درويش، وبينهما أكثر من 60 عاما، وعن سبعة وستين عاما مات درويش ليذكرنا بمأساة العروبة الأبدية، وتجرع الهزيمة النكراء، مات درويش ليؤكد الهزيمة وكنت أحسبه "خالدا".

وأضاف السمرى: كلما كنت أسمع خبرا سيئا عن صحته أقول لنفسى "لن يقدر عليه موت" وأقول "الموت ليس بهذا الحمق ليأتيه متسللا فى المساء كلص خائف"، وأقول "ماذا سيكسب الموت إن سبى هذا القلب الجميل، وماذا سيكسب ممن أراد أن يسلبه حياته فأحيا موته، وماذا سيخسر إن تركه وتغافل عنه مثلما فعل سابقا، ليعلم جدراننا أن يقول الحقيقة بلا ارتعاش أو تذبذب". وقرأ السمرى خلال حفل التأبين، قصيدة له وأهداها إلى محمود درويش، واختتمت الاحتفالية بقصائد بصوت درويش.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة