ما زلت مصرة، ما يحدث هو بفعل فاعل، ولابد من إعلان براءة القضاء والقدر، وتعويض الأضرار النفسية لحضرة الماس الكهربائى، وإخلاء سبيل المختلين عقلياً، وقراءة الفاتحة لروح قائد العبارة الغارقة، بالإضافة لإخلاء طرف حظر النشر فى كل القضايا، حتى نستطيع أن نرى ونفهم ونعرف.. ماذا يحدث يا مصر؟
كل العائدين فى مصر يقولون لى إن "البلد خربانه.. كده م الآخر"، فى الحقيقة صرت أشفق على مصر كثيراً، لا تفيق من جريمة إلا وتقع فى براثن أخرى، هل تعتقدون أن القضاء والقدر مهتم بمرمرة حياة المصريين لهذه الدرجة، أو أن الماس الكهربائى مهتم بإضفاء مسحة من الإثارة على حياة شعب من المكدودين وراء أكل العيش.
ليست نظرية المؤامرة، لكنه المنطق الذى يقول، لأن لكل فعل فاعل (ورد فعل قد يكون نارا تحت الرماد)، خلونا فى الفاعل، فلا تقل لى إن كل المتهمين فى قضايا الفتنة الطائفية مختلون يستحقون العلاج، لأن وراء كل خلل نفسى فاعل قد ذهب بعقل مصر وجعلها تأكل لحمها حياً، لا تقل لى إن قائد العبارة الغريق هو وحده من يتحمل مسؤولية غرقها، ولا تقل لى إن حريق مجلس الشورى ليست وراءه مصالح الفاسدين الممهور فسادهم بتقارير لجان تقصى الحقائق والحاصلين على أحكام ببراءات مشكوك فيها، ولا تقل إن الإهمال برئ من إطلاق الماس الكهربائى إذا كان قد تحرك من مكمنه أصلاً، ولا تقل إن نقص إجراءات السلامة فى واحد من أعرق المبانى الحكومية فى مصر لم يكن مسئولاً... ثم لا تقل لى أيضاً إن لنا حكومة مثل بقية خلق الله قادرة على إدارة شئون بلادنا، كى ينام المصريون لأسبوع واحد فقط بلا كوابيس الغرق والحرق والقتل العمد الذى بلا عقاب، حيث إنه مكلل بحظر النشر.
يحدثنى أصدقائى كثيراً عن صراع رجال الأعمال، وما قد يفعلونه ببعضهم بعضا من أجل قطعة نفوذ زائدة، أعرف هذا، فبلدنا ماشاء الله لم يعد فيها سوى رجال الأعمال، وهم قادرون على إعادة تعمير ما خرب بالحريق بتبرعات وصلت لعشرين مليون جنيه فى آخر ما نشر، طيب من سيعوض مصر عن وثائق تاريخية هامة، وتقارير وثيقة الصلة بقضايا آنية مازالت مفتوحة وتنتظر الكلمة الأخيرة.
بالمناسبة كلما مرت بمصر كارثة يختلق البعض نظرية مفادها أن بطل الكارثة السابقة هو فاعلها للتغطية على أخبار جريمته، ذلك هو ما يندرج فعلا تحت نظرية المؤامرة، لكنها مؤامرة خرجت من حلق ممرور لشعب غلبان لا يمر شهر إلا ويشهد كارثة جديدة، فضلاً عن قبوله بكارثة العيش فى بلد أصبحت تشبه المفرمة، تفرم أبناءها الكادحين بالغلاء والفساد وقمع الحريات.
إذا كان القضاء والقدر هو من فعلها، أو الماس الكهربائى، وإذا كانت كل قضايانا تنتهى لهذا أو ذاك، أضف إليهم المخبول الشهير والغريق المرحوم، فمن سيقف فى قفص الاتهام، ومن سيحاكم، ومن سيدون اسمه فى تقارير النيابة، ومن سيستحق العقاب.
وإذا كانت مصر لا تجد مسئولاً تحاسبه عن توريد أدوات طبية فاسدة قد تزهق الأرواح، وعن غرق العبارة الذى يحصد بلا منافس جائزة إزهاق الأرواح، وعن حوادث القطارات التى صارت روتينا عاديا فى حياتنا، وعن حوادث العنف الطائفى التى يراق فيها الدم مقدسا، وعن حريق مجلس الشورى الذى لا يقل فداحة عن كل ما سبق، فكيف يمكن أن نتصور أننا لا نستحق كل هذه الكوارث، وأن غداً لن يشهد كارثة جديدة طالما أن الفاعل مضمون ومعروف سلفا، وهو القضاء والقدر، أعتقد أن القضاء والقدر قد سئم منا وسيهجر مصر بحثا عن بلد آخر أهدأ من حيث معدل ارتكاب الجرائم الغامضة، ولاسترضائه أنا أقترح إقامة نصب باسم الفاعل المجهول نكرم فيه هذا القضاء والقدر على خدماته الجليلة فى إخفاء الحقائق، وحماية الفاسدين والفاعلين... فعل.. يفعل.. فاعل.. ولا بد من فاعل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة