"الطبعة الثانية التى لم تطبع من البديل" .. كان العنوان الرئيسى الذى طالعتنا به النسخة الإلكترونية من جريدة البديل فى موقعها على الإنترنت الأربعاء، مؤكدة أن الأهرام اعترضت على عناوين الطبعة الثانية من الجريدة الصادرة صباح الأربعاء، ورفضت طباعتها، لإشارة المانشيت الرئيسى فى العدد إلى كون حريق مجلس الشورى "كان بفعل فاعل".
وفيما أكد خالد البلشى، مدير تحرير جريدة البديل، استخدام مطابع الأهرام أسلوبا أمنيا فى منع طبعتها الثانية، بواقع إملاءات وتدخلات الرقابة على المطبوعات، نفى محمد تيمور عبد الحسيب مدير عام مطابع مؤسسة الأهرام، هذا الحديث جملة وتفصيلا، مؤكدا أن عدم طباعة "البديل" فى ثوبها الثانى ليلة حريق مجلس الشورى، حدث بسبب خطأ إدارى، "وأن حديث مسئولى جريدة البديل تضخيم للأمور".
من جهة جريدة البديل، يسرد القصة خالد البلشى مدير التحرير، قائلا: إنه بعد الانتهاء من إعداد الطبعة الأولى للجريدة، وإرسالها لمطابع الأهرام، "بلغنا نبأ حريق مجلس الشورى، فاتصلنا بإدارة مطابع الأهرام، وطلبنا منهم التوقف عند رقم معين من النسخ لحين إعداد الطبعة الثانية، وإرسالها لهم، فوافقوا وطلبوا منا إرسال فاكس يتضمن طلبنا بوقف الطباعة، على أن ترسل لهم الطبعة الثانية بحد أقصى العاشرة مساء، على أن نرسل لهم فى اليوم التالى طلبا رسميا لضيق الوقت".
وأضاف مدير تحرير البديل، أنهم فى الساعة التاسعة والنصف من مساء الثلاثاء (ليلة الحريق)، كانوا قد انتهوا من إعداد الطبعة الثانية من الجريدة، "وأرسلناها إلى مطابع الأهرام، وفى الحادية عشرة مساء، فوجئنا بأن المطابع امتنعت عن طباعة الطبعة الثانية، ورد علينا المشرفون على الطباعة قائلين "مش حنطبع حاجة عشان المهندس تيمور ما أصدرش أوامر لنا".
أشار البلشى إلى أنهم فى "البديل" حاولوا الاتصال بالمهندس تيمور، لكنه "فص ملح وداب" وفشلنا فى الوصول إليه إلى أن وصل الوقت إلى الساعة 12 ليلا، "ولما فقدنا الأمل فى الطبعة الثانية طالبناهم باستكمال نسخ الطبعة الأولى فرفضوا أيضا".
وقال البلشى إنها ليست المرة الأولى التى تتعرض لها البديل للتعنت من قبل إدارة مطابع الأهرام، وإن هذا سبق وتكرر معهم من قبل وآخرها كان عدد "البديل" الصادر الاثنين الماضى، بعد أن تصدر مانشيت الصفحة الأولى فى الجريدة خبر استقالة الرئيس الباكستانى برويز مشرف بمانشيت "عقبال عندنا"، فتم تأخير طباعة العدد، وقبلها بفترة قصيرة كانت إدارة التوزيع فى الأهرام تتعنت معنا وعطلت توزيع "البديل" فى محافظات الصعيد لمدة 15 يوما، وعندما تقدمنا بشكوى قالوا إن السبب فى تأخير تسليم الجريدة، واعتبر البلشى أن ما حدث رسالة تهديد للجريدة.
وأضاف أن السبب الحقيقى فى مثل هذه الحالات يتمثل فى تدخل الأمن للرقابة على محتوى المطبوعات التى تتم طباعتها بالأهرام، بهدف عرقلة طباعة ما لا يرضى عنه. وردا على حديث "البديل"، نفى المهندس محمد تيمور عبد الحسيب مدير عام مطابع مؤسسة الأهرام، أن يكون ما حدث مع جريدة البديل كان من باب المنع أو محاولة التضييق عليها، مؤكدا أن "البديل" تطبع يوميا 25 ألف نسخة يوميا، وتمت طباعة 18 ألف نسخة، ثم طلبوا أن يتم إيقاف الطباعة لحين إعداد الطبعة الثانية.
ويضيف تيمور، أنه لم يكن يتبق لـ "البديل" من عدد النسخ وقت طلب إدارتها إيقاف الطباعة، سوى 7 آلاف نسخة فقط، "وكنا سننفذ لهم رغبتهم لولا حدوث خطأ إدارى لدينا، تسبب فى تعطيل تنفيذ ذلك، وقد اتصلت بنفسى بالدكتور محمد السيد سعيد رئيس تحرير البديل واعتذرت له".
ونفى عبد الحسيب أن تكون هناك أى جهة تتدخل فى طباعة الصحف لدى "الأهرام"، نافيا تماما حديث مدير تحرير "البديل" المتعلق بحجب الجريدة، قائلا إنه مجرد تضخيم للأمور، وأن ما حدث لجريدة البديل يحدث مع الكثير من المطبوعات.
مصدر مسئول بجريدة الدستور أكد على وجود مشكلات فى إدارة مطابع الأهرام التى تتعمد فى أوقات كثيرة تأخير بعض الصحف - منها الدستور- لأسباب غير منطقية أو مفتعلة، كتأخير طباعة الجريدة رغم وصولها قبل صحف أخرى.
وأضاف المصدر ذاته وجود مشكلات أخرى تتعلق فى الغالب بالطبعات الثانية للصحف، حيث تشترط المطابع على الصحف تحديد حاجتها لطبعة ثانية عند طباعة الطبعة الأولى، "وقد نفاجأ قبل الطباعة بتأكيد مسئولى المطابع على عدم وجود ورق".
ووصف مصدر "الدستور"، ما يحدث من "الأهرام" بأنه "تلاكيك" لتبرير مشكلة إدارية كبيرة فى المطابع، لا يجدون لها ضحية غير الصحف الخاصة، ونفى أن يكون للأمر علاقة بمحتوى الجريدة، وكذلك علاقة الأمن بمثل هذا الأمر.
من جانبها أعربت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فى بيان صادر عنها الأربعاء، عن رفضها وإدانتها "لرفض مسئولى مطابع الأهرام طباعة الطبعة الثانية من جريدة البديل، بسبب تغطية الجريدة واقعة حريق مبنى مجلس الشورى، التى تضمنت عناوين رئيسية تتضمن أقوال خبراء بأن الحريق قد تم "بفعل فاعل".
وقال جمال عيد، المدير التنفيذى للشبكة، إن منع طباعة جريدة أو تعطيلها يعد "إخلالا بواجب وتعاقد مطابع الأهرام مع هذه الصحف، فضلا عن أنه أسلوب غير مباشر وغير أمين، ويوضح أن الرقابة تستتر خلف هذا المنع".
يذكر أن مطابع مؤسسة الأهرام مسئولة عن طباعة نحو 75 % من الصحف المصرية. وفى كل الأحوال، سواء كان حجب "البديل" مقصودا أو غير ذلك، فقد نشرت الجريدة ما لم يتم نشره على موقعها الإلكترونى، لتؤكد شبكة "الإنترنت" فائدتها فى تحدى الأجهزة الرقابية التى لا تستطيع غلق كل المنافذ، خاصة الصحف الإلكترونية، التى يتسع انتشارها بشكل ملحوظ، وتبشر بأن تصعد للمرتبة الأولى قبل الصحف المطبوعة.
مدير مطابع الأهرام "فص ملح وداب"
طبعة "البديل" الممنوعة .. حجب بنيران "الشورى"
الأربعاء، 20 أغسطس 2008 10:19 م