يقول أشقاؤنا المنايفة إن فلانا "يهرتل"، أى يقول أى كلام، وعليه فنقول إن بوش عندما طالب بالإفراج عن أيمن نور كان يهرتل!. فلا نظن أن سعادة الرئيس الأمريكى يعنى ما يقول، ومعلوم أنه فى سابقة أخرى وضع الأمريكان العقدة عند المنشار، فتم الإفراج عن الدكتور سعد الدين إبراهيم، بحكم من محكمة النقض، رد الاعتبار للرجل بعد اتهامه بالعمالة والتخابر مع دول أجنبية!
لكن الأمر مختلف فى قضية أيمن نور، ليس لأن الرئيس الأمريكى المذكور، تحول إلى بطة عرجاء، لا قدر له ولا وزن، فقد أوشك على أن يحصل على استمارة "6"، ولكن لأنه وعندما كانت طلباته أوامر، لم يكن جادا، بل كان يأكل بعقولنا حلاوة، تماما مثل قوله، عبر الحيزبون كونداليزا رايس، إنه سينحاز للشعوب بالعند فى الحكام!.
ولو رجعنا إلى موقفه من أيمن نور لاكتشفنا أنه عندما طالب بالإفراج عنه فى بداية قضيته، كان هذا ذرا للرماد فى العيون، ونزولا على ابتزاز الصحافة له، فقد كان لتوه قد فرغ من خطاب الاتحاد، الذى أعلن فيه أنه سيفرض الإصلاح على المنطقة، إن لم يكن طوعا، فسيكون كرها، وبعد ذلك جرى لنور ما جرى، وجاءت افتتاحية "الواشنطن بوست" تشير إلى أن خطاب الرئيس الأمريكى يتعرض لامتحان عسير فى مصر، فهز طوله وتدخل، وهزت صاحبته طولها وقالت أنها تشعر بالقلق، وحاول أهل الحكم أن يلفوا ويدوروا، وعندما وجدوا أن الأمر لا يقبل فصالا، كان الإفراج على ذمة القضية!.
بعدها كان حكم الحبس، وكان الموقف الأمريكى الرسمى، هو لإبراء الذمة، فقد أجريت الانتخابات فى الأراضى الفلسطينية، وفازت حركة حماس، وأجريت الانتخابات البرلمانية فى مصر، وفاز الإخوان المسلمون بـ88 مقعدا، وأعلن رئيس الوزراء أحمد نظيف أنه لولا التزوير لكان للقوم 40 مقعدا آخرين، ونجحت جماعتنا فى أن يؤكدوا لواشنطن أن الديمقراطية الحقيقية من شأنها أن تدفع بالإسلاميين لسدة الحكم، مما يعرض المصالح الأمريكية للخطر، فغض بوش وصاحبته الطرف عن التزوير الفاضح للانتخابات، والتعديل المفضوح للدستور، والزج بأيمن نور فى السجن!.
ومن جانبهم فقد نزل سهم الله على قومنا فلم يعودوا يتحدثون عن الإصلاح، بعد أن صدعوا رؤوسنا بأنهم مصلحون بالفطرة، وليس نتيجة ضغط البيت الأبيض عليهم، وعادت ريمة لعادتها القديمة!. بوش ليس معنيا بحرية الشعوب، فهو الراعى الرسمى للديكتاتوريات فى المنطقة، لكنه كان يستخدم قضية الحرية ليعطى مبررا لغزوه للعراق من ناحية، ولابتزاز الأنظمة العربية ليحملها على أن تدفع برجالها إلى بغداد ليضحوا بأنفسهم نيابة عن الجنود الأمريكان، فتم استخدام قضية الديمقراطية للتدليس، لكنه غرق فى المستنقع العراقى، ولم يحقق هدف الحرب على أفغانستان، وقد أخرجت إيران له لسانها، فضلا عن أن الديمقراطية لن تأتى له بالمتأمريكين، ولكن ستأتى بخصومهم، لذا فقد "كفى على الخبر ماجور"! وظلت الإدارة الأمريكية تتعامل مع قضية أيمن نور من باب أننا فعلنا ما علينا، فماذا نفعل فى مواجهة الاستبداد العربى!.
وتم استخدام هذا الموقف للإساءة للرجل والتعامل معه على أنه عميل أمريكى عتويل، وكان الأوجب أن يصمتوا ويتركوه لحاله. مؤخرا تم الإفراج عمن قضوا نصف العقوبة بقرار رئاسى، وذلك بمناسبة ذكرى ثورة يوليو، وبقى نور فى السجن، وبعد أن فات الميعاد "تمطع" بوش طالبا بالإفراج عنه.. كأنه كان نائما واستيقظ. نصيحتى للرئيس الأمريكى أن ينقطنا بسكوته!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة