كعادة مصر فى تكريم نجومها بعد الموت، جاء تكريم المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين، وفقاً للكاتب البريطانى براين ويتكر فى جريدة الجارديان.
ربما قصد براين ويتكر، أن طوفان الثناء والمديح الذى قدمته وسائل الإعلام المصرية على اختلافها، للمخرج الكبير يوسف شاهين خلال الأسبوعين الماضيين، إثر وفاته، جاء على طريقة "كل نبى لا يكرم فى أهله"، أو ربما قصد أيضاً أن مصر كعادتها لا تكرم العباقرة إلا بعد موتهم، أى أن هؤلاء العباقرة لا يحصدون ثمرة تكريمهم لأنهم يكونون فى عداد الأموات، بينما يتم تأبينهم فى الحياة.
يقول برين ويتكر إن تكريم شاهين جاء متأخراً إلى حد ما، فلقد توفى فى 27 يوليو دون أن يستمتع بهذا الثناء، ويتساءل الكاتب ماذا سيكون شعور شاهين إذا كان قادراً الآن على سماع هذا الثناء، فهل سيكون مرتاباً منه أم مستمتعاً به؟
ويضيف الكاتب البريطانى أن يوسف شاهين ليس مجرد أعظم مخرج مصرى، لكن يمكن القول إنه أعظم مخرج فى تاريخ السينما العربية، فلقد أخرج ما لا يقل عن 40 فيلماً، لكن فيلمه "باب الحديد" المعروف بالإنجليزية باسم "محطة القاهرة"، هو أفضلهم بالنسبة له.
ورغم أن شاهين كرم فى الكثير من المحافل والمهرجانات الدولية وحصل على الكثير من الجوائز العالمية وأكبرها جائزة مهرجان كان الخمسينى، إلا أنه لم يكرم فى مصر سوى منذ عام فقط، حينما بلغ الـ81 من عمره، "ففى الأنظمة السلطوية لا يتم تكريم الفنانين العظماء سوى بعد موتهم".
ولم تعلن جائزة يوسف شاهين إلا بعد أن تأكدت السلطات من أنه سيقبلها، فلقد واجهت الدولة من قبل عدة مشكلات فى هذا الصدد، وأكثر هذه المشكلات شهرة وإحراجاً ما فعله الروائى صنع الله إبراهيم عام 2003، حينما أُعلن فوزه بجائزة القاهرة للإبداع الروائى التى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة، لقد صعد فوق المنصة ليعلن: "أنا لا يساورنى الشك فى أن كل مصرى هنا يدرك حجم الكارثة التى تواجه بلدنا، فالأمر لا يتوقف على تهديد إسرائيل لحدودنا الشرقية أو الاختراق الأمريكى لنا أو ضعف سياستنا الخارجية، بل امتد الأمر على جميع مناحى حياتنا، فلم يعد لدينا مسرح أو سينما أو بحث علمى، فكل ما نمتلكه هو فقط الاحتفالات والمؤتمرات والأموال غير المشروعة، لا يوجد لدينا صناعة أو زراعة أو صحة أو عدالة، وأصبح الفساد والنهب ينتشران فى كل مكان، وكل شخص ينتقد هذه الأوضاع لا يجد سوى الضرب والتعذيب. والآن أود شكر من اختارنى لهذه الجائزة، لكن على أن أؤكد أننى لا أستطيع قبول هذه الجائزة من حكومة لا تملك مصداقية منحها".
وهنا يستعير الكاتب البريطانى قصة صنع الله إبراهيم، قائلاً: إن تكريم الفنانين بعد موتهم يعد أفضل من تكريمهم وهم أحياء، بالنسبة للحكومات "الدكتاتورية"، حسب وصف الجارديان، خاصة إذا كانوا مشاغبين ضد النظام.
وأضاف الكاتب نقلاً عن محمود لوزى الذى كتب بالأهرام منذ عام، "أن من المعتاد فى مصر أن يتم التقليل من إنجازات الكتاب والفنانين وكتاب المسرح بعد موتهم، ومن أمثال هؤلاء نجيب سرور رائد المسرح المصرى فى فترة الستينيات والسبعينيات".
الجارديان: لماذا لا تكرم مصر عباقرتها وهم أحياء؟
يوسف شاهين مرة أخرى .. نبى للفن لم يكرمه أهله
الثلاثاء، 19 أغسطس 2008 02:26 م
صورة ضوئية من تقرير براين ويتكر فى صحيفة الجارديان البريطانية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة