منال العيسوى

سكسونيا الحب

الثلاثاء، 19 أغسطس 2008 12:09 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جوابات قديمة للبيع ... صور قديمة للبيع .. حبيبة قديمة للبيع. مفردات وتفاصيل كثيرة ارتبطت بعلاقات الحب، المشروع منها وغير المشروع، لتحمل مجموعة من الوريقات مشاعر راقية وكتير من الذكريات، حين ينفصل المحبون، ويطالب كلا منهما الآخر بخطاباته وصوره ليحتفظ بها بين "خلجاته" .. ويظل بينه وبين نفسه يخرجها من مخبأها ويجلس معها يستعيد أجمل ما فيها من ذكريات، قد يتكئ على وسادته ويبتسم، ابتسامة المشتاق، ويشد وثاق الشريط الأحمر، وينفرط عقد الذكريات ورق وصور.

ينثر المحب ذكرياته من ورود ذابلة وصور وخطابات تحمل بين طياتها أبيات شعر للعشاق، قد يشبه عينيها ببريق السيف وخدودها بسيل الدم كما كان يصف عنتر عبلة، قد تذكره بعض الصور ببيت المحب، كما كان يذكر جبل "التوباد" قيس بحبيبته ليلى، قد يرى وجه حبيبته فى عصفور مغرد، مثلما كان يرى قيس ليلى فى الغزال الشارد.
ربما يتوقف عند بعض الأبيات التى نظمها لها بروح المحب ويدرك ساعتها أنها قد تكون قصيدة نونية كالتى كتبها ابن زيدون فى ولادة بنت المستكفى، قد يستكين فى النهاية ويلملم ذكرياته ويوثقها بنفس الشريط الأحمر لتكون بمثابة مجلد "طوق الحمامة" لابن حزم أروع ما كتب عن الحب ومشاعره.

أما الآن أصبح الحب على طريقة "الميزدات" والإنترنت ..علاقات من الحب قد تنتهى أو تكتمل، لكنها فى أسوأ الأحوال إذا انتهت تضع المحبين فى مشكلة، كيف يستردون خطاباتهم المدونة على الشات؟ .. هل سيطلبونها محملة على فلاشة أو على "سى دى هات"؟

تفاصيل صغيرة جعلت من مشاعر الحب أشبه بالزى القديم عفى عليه الزمن .. جعلته أشبه بطلبات "التيك أواى".. هناك بعض العلاقات قد تنجح والكثير منها ينتهى. لكن تظل روح الحب مخنوقة بعادم الأجهزة الإلكترونية، وجمود الآلة التى تربط بين قلبين.. قد تلتهب المشاعر عبر شات متبادل، بأسماء وهمية وتفاصيل كاذبة وصور ليست لأصحابها، تتأجج المشاعر وسرعان ما تغفو وتفقد بريقها بمجرد إغلاق الجهاز، وتنتهى بفصل الكهرباء، لتبقى شحنة المشاعر باردة خاوية.

بعضهم قد يحتفظ بنص الحوارات عبر الشات، لكن إذا اشتاق إليها وهذا قلما يحدث، يجدها مجرد كلمات جوفاء تفقد إحساس المحب بها، فلم تعد فيها رائحة المحب أو قطرات من دموع الحبيبة، ولم يعد بين طياتها بعض الورود الذابلة التى اقتطفها فى لقاء خلسة بإحدى الحدائق، أصبحت أيقونة الوردة الإلكترونية جزءاً من تفاصيل الشات بين المحبين تختفى بانتهاء الحوار، وحتى بعد طباعته يظل مكانها خاويا.

وتظل فى النهاية كل المفردات جزءاً من مفردات يومية وتفاصيل نحياها يغمرها جمود التكنولوجيا رغم سرعته، ويضفى عليها صفة "الزئبقية" التى لا تستطيع سوى الإمساك بها إلا فى الأحلام.. لتستكمل الحياة دورتها بلا روح ولا نبض.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة