إسلام عزام

"دبور" فيلم للمثقفين الجدد فقط

الأحد، 17 أغسطس 2008 12:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الميزة فى فيلم" دبور" الذى قام ببطولته النجم الصاعد أحمد مكى، أنه فيلم يعكس تصورات ومنطق جيل الشباب حاليا، وللدقة هو يعبر عن قطاع من الشباب الذى يرتاد الكافيهات فى المناطق الراقية، ويسهر فى مراقص عديدة صارت منتشرة فى مصر، ويذهب صباحا لممارسة الرياضة فى الأندية وصالات الجيم الخمس نجوم. ولا يجد غضاضة فى التعامل مع بعض أنواع المخدرات بدرجات لا تصل للإدمان أبدا. إنهم طبقة جديدة من الشباب المصرى تلقوا تعليما فوق المتوسط، ويتحدثون لغتين على الأقل، ومهتمون بمنافذ تجمع بين الثقافة والتكنولوجيا معا، والأبرز أنهم فى الأساس ينتمون للعالم الافتراضى على النت، ربما أكثر من انتمائهم للعالم الواقعى من حولهم.

هيثم أو إتش دبور، تلك الشخصية التى ظهرت على هامش الأحداث فى حلقات الست كوم الكوميدية "تامر وشوقية"، وحققت نجاحا مبهرا فى فيلم مرجان أحمد مرجان مع النجم عادل إمام.كان متوقعا بكل تأكيد أن نجد من يتحمس لإعداد فيلم خاص بهذه الشخصية على حدة، لكن مالم يكن متوقعا أبدا هو كيفية تقديم هذا الفيلم، التى جاءت للأسف كتجربة سينمائية مخيبة للآمال نوعا ما، رغم النجاح الجماهيرى الساحق للفيلم.

تلك الخيبة كان سببها الرئيسى أن مكى كان قد قدم من قبل كمخرج ومشارك فى الكتابة لفيلم لطيف هو "الحاسة السابعة "، من بطولة أحمد الفيشاوى، وبقدر ما حمل هذا الفيلم أسلوبا إخراجيا شديد التحرر والحداثة على ما اعتدناه فى السينما المصرية، يأتى الفيلم الذى قام ببطولته مكى وأخرجه له أحمد الجندى مستسلما لعيوب السينما المصرية فى الإخراج. فالبطل يتحرك وتتحرك الكاميرا حوله فقط بهدف تصويره دون أى جهد فى تقديم أبعاد أخرى للمشهد المصور أمامنا.

ليس هذا وحده، فالأخطر أننا لا نستطيع التحديد على وجه الدقة من هو صاحب الفضل فى الترسيخ لمبدأ الاقتباس و التمصير دون الإشارة للأصل أو المصدر. الأمر فى منتهى الغرابة حقا، لقد أصبحت قاعدة عامة فى السينما المصرية لا يجد أحد غضاضة فى استخدامها دون أن يلتفت أن ذلك يمكن أن يقع تحت مسمى السرقة مثلا. ذلك أن فيلم "اتش دبور" والذى نسبت فكرته لبطله أحمد مكى اعتمد نفس فكرة فيلم أمريكى ليس شهيرا، ولم يقم ببطولته نجوم معروفون، دارت أيضا أحداثه حول التنافس بين شركتين لمنتجات التجميل، والذى يدفع للتلاعب بالمنتجات وبالتالى إفلاس إحدى الشركتين، التى يتوفى صاحبها فيما تحاول ابنتاه المرفهتان تماما السعى لكشف أبعاد المؤامرة، ثم النجاح فى النهاية فى الإطاحة بصاحبتها، التى تحمل دوافع أكثر من مجرد المنافسة على احتكار السوق.

لا أعرف كيف يقبل شخص موهوب أن ينسب لنفسه مجهود آخرين، حتى وإن كانوا غير معروفين.للأسف لقد تمت صناعة فيلم "اتش دبور" بمنطق تحايلى، وهو ما يضيف لضعفه اتهامات أخرى تحمل أبعادا أخلاقية.المدهش أن صناع الفيلم لم يكونوا فى حاجة لكل هذا من أجل صناعة فيلم ناجح بالمعيار الجماهيرى، لأنهم من الأساس يعتمدون على شخصية نجاحها مضمون، فهيثم دبور شخصية حققت رصيدا لدى الجمهور من قبل ..

على كل حال، فإنه من المهم جدا الإشارة لما تمثله هذه الشخصية التى يمثل شكلها الخارجى "إفيه" قائما بذاته .بشعرها المستعار وطريقتها فى الحركة والحديث واختيار الملابس. أما على مستوى المضمون، فإن التناقض الواضح بين منطق هيثم دبور فى الحياة والمنطق السائد فى الحياة نفسها يشكل "إفيه" آخر.

لن تكون مبالغة إذا ما أكدت أنه علينا الانتباه لهذه الطبقة من الشباب التى يشير هيثم دبور إليها. فرغم فجاجة الإشارة، لأنه ليس كل أبناء هذه الطبقة يشبهون دبور خارجيا ، إلا أنهم جميعا يتشاركون فى طريقة التفكير. فهو من قبيل الاستسهال المشين أن يتم التعامل معها على أنها طبقة تنتمى لأولاد الأثرياء بكل ما يحمله هذا التعبير من دلالات نمطية لدى البعض منا .فهم ليسوا مجرد أولاد أثرياء، بل إنهم المثقفون الجدد فى مجتمعنا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة