"سنوفر".. قرية تعيش على القمامة وتكره التعليم

السبت، 16 أغسطس 2008 02:55 م
"سنوفر".. قرية تعيش على  القمامة وتكره التعليم القمامة صنعت الأثرياء فى القرية وتركت أطفالها فريسة لأمراض الكبد
كتبت رباب الجالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على بعد 3.5كيلو متر من محافظة الفيوم تقع قرية "سنوفر"، التى يبلغ عدد سكانها 25 ألف نسمة، بمجرد أن تدخلها تجد شوارع ضيقة مملوءة بالقمامة، ورائحة كريهة تخرج من المنازل تشبه رائحة الأدوية، وفى نهاية البلدة تصطدم بتلال من القمامة.

وربما لا تتعجب من تلك المشاهد عندما تعلم أن مهنة أهالى هذه القرية هى التجارة فى القمامة ومخلفات المستشفيات، حيث يقومون بجمعها من المستشفيات والقرى المحيطة وتخزينها بمنازلهم، ثم يجعلون أطفال القرية يعملون وسط هذه المخلفات لعزل البلاستيك عن الورق عن المعادن مقابل أجر يومى، خمسة جنيهات، مما جعل هؤلاء الأطفال يتسربون من مدارسهم مبكرا، للنبش فى هذه القمامة التى تحتوى على مخلفات المستشفيات، مثل أكياس الدم وأنبولات الحقن، ثم فى المساء يقومون بحرق هذه المخلفات فى وسط البلدة، لتكوين كتلة كبيرة من البلاستيك، ثم يبيعونها للمصانع لإعادة تصنيعها.

لدى وصولى إلى قرية "سنوفر" المنكوبة قابلتنى أم سامح، التى لم أكشف لها عن شخصيتى، لأننى علمت أن تجار القمامة المحترمين لا يحبون"الجورنالجية"، فأخبرت أم سامح أننى طالبة بالجامعة وأريد عمل بحث عن تجارة المخلفات، وبالفعل اصطحبتنى فى رحلة حول البلدة، وقالت لى نريد من المسئولين أن يرحموا أولادنا من الهلاك، الذى نعيش فيه فأنا لدى ثلاثة أولاد، وكلنا مصابون بفيرس "سى"، وهو حال معظم أطفال البلدة الذين يعانون الأمراض، بسبب انتشار المخلفات والقمامة فى بلدتنا، فأنا لدى جارتى تخزن القمامة فوق منزلها، لأنها تتاجر فى القمامة مثلها مثل غيرها من أهالى البلدة، مما تسبب فى إصابتنا بالأمراض، هذا بالإضافة إلى أن الكثير من أطفال القرية تركوا المدارس مبكرا، للعمل فى هذه المهنة، وتؤكد أم سامح أن الأطفال كثيرا ما يتعرضون لإصابات أثناء عملهم، ومن هذه المواقف أن طفلا وقع وسط القمامة، فهشمت قطعة زجاج رأسه.

وقال الدكتور منصور على منصور أستاذ بجامعة الأزهر وأحد أبناء القرية "إننا نعيش فى بلدة حلت عليها اللعنة، فهى محرومة من كل الخدمات، فشوارعها ضيقة، وبسبب غياب المسئولين يتعدى الناس بالبناء فى الشوارع، كما لا يوجد صرف صحى ولا إسعاف ولا مطافئ، وحتى أن وجدت فالشوارع لا تسمح بدخولها.

ويضيف دكتور منصور، انفجرت منذ أيام ماسورة مياه أمام منزلى، وظلت لمدة أيام واتصلت بالنجدة كثيرا، وبعد وصول السيارة لم تستطع المرور من الشارع، بالإضافة لوجود المواشى والقمامة أمام المنازل وأمام المدارس، وعلى الرغم من أن منازلنا بنيت حديثا وبناءها جيد، إلا أن الثعابين والأفاعى تعشعش فيها.

وعن تجارة القمامة قال د. منصور، هناك أشخاص أبتليت بهم قرية "سنوفر"، وسبق وتقدمنا بشكوى إلى رئيس الوحدة المحلية بهوارة المقطع، ويضيف الدكتور منصور: طلب منا توقيع مذكرة جماعية وهو ما يعنى الاصطدام بالتجار وحدوث بلبلة وفتنة فى القرية.

وإمعانا فى الإهمال، الذى تعيشه القرية رزقت القرية بمفتش صحة ليس له علاقة من قريب أو بعيد بما يحدث من مخالفات صحية، وهناك أيضا طبيبة الوحدة الصحية التى لا تتدخل فى شئ، ورغم تعدد حالات الأطفال الذين أصيبوا لم تكلف نفسها أبدا بعمل مذكرة أو نقل الوضع للمسئولين، رغم خطورة الوضع والذى هو من صميم دورها الطبى، خاصة أنها ترى المدارس محاطة بأسوار من القمامة، بالإضافة إلى أن الأطفال يلعبون بمخلفات المستشفيات، مثل أكياس الدم والمحاليل وزجاجات الدواء والحقن، ولم تحاول أبدا أن تتساءل: كيف تصل مخلفات المستشفيات إلى هؤلاء التجار.

والكارثة الأخرى فى "سنوفر"، هى تلك السحابة السوداء الليلية، التى تعلو سماء القرية والقرى المجاورة لها مساء كل يوم، فتجار القمامة يقومون مساء كل يوم بحرق المخلفات الذين قاموا بجمعها وتحويلها إلى كتل من البلاستيك لنقلها للمصانع.

أما أسامة محمد فهيم (مدرس) وعضو مجلس محلى الفيوم عن القرية فيقول "فى سنوفر نشعر أننا نعيش فى عالم آخر لا أحد يشعر بنا ولا مسئول يتدخل لحل مشاكلنا، عفوا أقصد كوارثنا، فالقرية بمنتهى البساطة، هى بلدة مليئة بالقمامة والمخلفات ينتشر فيها الناموس وأطفالها تركوا المدارس، ورغم أننى عضو مجلس محلى قرية، إلا أننى لا أستطيع حل المشكلة، لأننى أتحدث، ولكننى لا أجد سوى صدى صوتى، فرغم أننا هنا بالقرية معرضون للأمراض وانتشار الأوبئة، لكن ليس هناك أى تجاوب لحل تلك المشكلة.

ويقول هانى محمد، عمدة سنوفر، القرية تعانى الكثير من المشاكل، منها مشكلة الصرف الصحى، التى بدأ يتذكرها المسؤلون هذه الأيام وضيق الشوارع وإعادة رصف الطريق بين سنوفر والفيوم، وعدم وجود صناديق للقمامة واستدرك، قائلا "لا عفوا تذكرت أن صناديق القمامة أصلا تفرغ فى سنوفر".

وعلى النقيض تماما يقول وائل محمد دسوقى، مدرس، أمين الإعلام عن مركز الفيوم بالحزب الوطنى، إن قرية سنوفر خالية من المشاكل، وبالنسبة لمن يقومون بوضع القمامة أمام منازلهم، فهذه مشكلة بسيطة ورئيس الوحدة المحلية يحرر لهم محاضر وغرامات أن تكرر ذلك أمام المنازل.

أما الأستاذ توبة طه رئيس لجنة البيئة بالمجلس الشعبى المحلى لمركز الفيوم، فقد أظهر عدم اهتمامه بالموضوع أصلا، وأنه لا يعلم شيئا عن هذه المشكلة، ولم يسبق طرحها من قبل، وقد حاولنا مرارا وتكرارا الاتصال برئيس الوحدة المحلية بهوارة المقطع التابعة لها قرية سنوفر فى أوقات العمل الرسمية، ولكن لم نجده بالوحدة.

والطريف فى قصة قرية سنوفر، أن تجار "الزبالة" الذين أصبحوا من الأثرياء فى البلدة شديدو الفخر والإعجاب بأنفسهم، لدرجة ترديدهم فى أفراح أولادهم "إحنا بتوع الزبالة.. إحنا المعلمين".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة