العهد الأمريكى – الليبى .. عناق المصالح

الجمعة، 15 أغسطس 2008 07:06 م
العهد الأمريكى – الليبى .. عناق المصالح بوش والقذافى.. علاقة جديدة عمرها قصير
أحمد عليبه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعداء الأمس أصدقاء اليوم، ترجمة واقعية لمستوى العلاقات الليبية ـ الأمريكية، التى وصلت نهاية الأسبوع الجارى إلى أعلى مستويات التطبيع الدبلوماسى والاقتصادى بين البلدين، وهى أيضاً ترجمة حرفية لآخر مقولات وزيرة الخارجية الأمركية كوندوليزا رايس "ليس لدى الولايات المتحدة الأمريكية أعداء دائمون"، والتى تحمل بعداً مهما فى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وأول خطوة على طريق العهد الليبى – الأمريكى الجديد.

أول صفحات العهد الجديد سجلت توقيع اتفاقية تاريخية لتسوية كل القضايا والخلافات العالقة بين البلدين، وإغلاق هذا الملف تماما، اتفاق وقعه ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى، ومن الجانب الليبى أحمد الفيتورى مسئول شئون الأمريكتين فى الخارجية الليبية، يتضمن مجموعة من البنود على رأسها دفع تعويضات إلى ذوى الضحايا من الجانبين للحوادث التى وقعت خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضى، وتخويل ليبيا حصانة قانونية أمام القضاء الأمريكى فى مواجهة أى دعاوى قضائية تتعلق بأحداث قبل عام 2006.

العناق الاستراتيجى الجديد بين واشنطن وطرابلس، نتيجة طبيعية كمقدمة لانفراجة بدأت عام 2004 من خلال مبادرة أمريكية بتأسيس مكتب رعاية مصالح فى طرابلس الغرب، ثم موافقة الكونجرس على إنشاء صندوق لتعويض ضحايا لوكيربى عام 2006 – بوساطة بريطانية. وترقى مكتب رعاية المصالح فيما بعد، إلى مكتب اتصال، وانتهى ببعثة دبلوماسية متكاملة يترأسها سفير أمريكى.

خلفية المشهد الآن، تقول إن ثمة تحول فى السياسية الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، قد حدث فعلاً، بتغيير سياسة النهج العدائى فى مواجهة نظم دأبت الولايات المتحدة على نعتها بالديكتاتورية والتسلطية، ووجهت نحوها أصابع الاتهام بدعم الإرهاب، وسجل حافل بانتهاك حقوق الإنسان، لكن ما الذى تغير اليوم؟

أدركت الولايات المتحدة من درسها فى العراق على وجه التحديد، أن فكرة تغيير هياكل النظم الديكتاتورية من خلال إزاحتها، واستبدالها بهياكل أخرى عبر وسائل الديمقراطية، هددت المصالح الأمريكية فى المنطقة، وأدركت أن الغاية التى تحتاجها فى النهاية هى الإبقاء على نظم مستقرة، أفضل من تحملها نيابة عن شعوب المنطقة، دفع تكاليف فواتير التغيير من اقتصادها ودماء جنودها.

فى المقابل، ساعدت اللحظة السياسية الراهنة فى الحالة الليبية، على هذه التسوية، ووصلت بها إلى حد التطبيع رفيع المستوى، فالنظام الليبى أدرك نهاية حقبة القومية العربية، وتغيرت استراتيجيته حيال قضية الصراع العربى ـ الإسرائيلى التاريخية، وبدأ تحولا نحو أفريقيا، ليتلقى فيه النظام الليبى مع الولايات المتحدة من ناحية وليدرك مدى حاجته إليها من ناحية أخرى لبقاء استقراره وفق سياسة المصالح المتبادلة، فقدم أول القرابين، بـ"تفكيك المشروع النووى الليبى" عام 2003 كخطوة أولى على مسار التحول، الأمر الذى قوبل برد فعل إيجابى على الجانب الأمريكى.

فى داخل هذه اللحظة التاريخية أيضاً، ظهر متغير ديناميكى على مستوى الطبقة الحاكمة بتصعيد شخصية لا يمكن تجاهلها فى لعب دور مهم فى مشهد التحول، هو سيف الإسلام القذافى، نجل العقيد القذافى، فهو أول من تبنى هذه السياسات وأشرف عليها، وقدم لها هو الآخر مبادرات محمومة على طريق التوجه نحو الغرب، بدأها بقاعدة المجتمع المدنى، ثم تسوية قضية الممرضات البلغاريات، والتوسع فى تأسيس بعض الصحف، فضلاً عن مؤسسة العلاقات الليبية الأمريكية، التى لعبت دورا مهما على مستوى جماهيرى. ويهدف سيف الإسلام من هذا التحول إلى تحقيق مصلحة رئيسية هى دعم وصوله إلى الحكم وخلافة والده فى المستقبل القريب بدعم خارجى، مختلط بإصلاحات داخلية حتى ولو كانت شكلية.

إذن التقى الطرفان الليبى والأمريكى عند نقطة تماس واحدة هى المصالح، فالإدارة الأمريكية الحالية وهى تلملم أوراقها من البيت الأبيض، تريد تقديم سجلات ختامية مختلفة عن تلك التى ستقدمها بشأن العراق، وفى الوقت نفسه تحقق مصالح اقتصادية بدون تكاليف بشرية واقتصادية، فقطاع البترول الليبى كان على أول قائمة التعاون الاقتصادى بين البلدين، حيث بدأت شركات التنقيب الأمريكية عملها فى ليبيا، ومن المتوقع أن تحقق إنجازات خيالية فى هذا المجال، سواء على مستوى الاكتشافات أو الإنتاج أو الأرباح، خاصة وهى تتمتع بقدر عال من الامتيازات.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة