فتحى الشوادفى

التخطيط والتخبيط الرياضى

الجمعة، 15 أغسطس 2008 12:08 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما انشغل العالم بمتابعة أولمبياد بكين وقدرة البشر على التحدى، فُرض علينا فى مصر الانشغال بصراع نادى الأهلى مع الفضائيات الخاصة واتحاد الكرة المصرى، على نقل مباريات كرة القدم المملوكة للنادى الأهلى من وجهة نظر مجلس إدارته، ومثلها مثل كل الأزمات التى شهدتها الرياضة المصرية، فإن الأزمة الجديدة كشفت لنا مدى التخبط الذى نعيشه فى شتى المجالات، ومن بينها الرياضة، وأكدت أننا أبعد ما يكون عن الحرفية والتخصص، وأن القائمين على الرياضة هم أسوأ من أنجبتهم الملاعب وأكثرهم انتهازية.

والفارق بين ما نراه فى بكين وما انشغلنا به فى مصر، هو الفارق بين الرياضة كما يجب أن ينبغى والرياضة على طريقة السبهللة والتخبيط واخطف واجرى، ورب صدفة خير من ألف إدارة وتخطيط، فالرياضة كما ينبغى لها أن تكون جعلتنا نشاهد أبطالا تجاوزت أعمارهم الثلاثين أو حتى الأربعين عاماً، مثل دارا توريس السباحة الأمريكية الحاصلة على فضية التتابع فى 100 متر حرة، وجعلتنا نشاهد أبطال أطفال، فى حين عجزت رياضتنا فى الحفاظ على أبطال فى عز شبابهم ومطلع حياتهم، مثل نهلة رمضان ومحمد حسان فى رفع الأثقال وعجزت رياضتنا فى الحفاظ على أبطال الملاكمة والتايكوندو والمصارعة.

الفارق بين ما نراه فى بكين وما انشغلنا به فى مصر، هو الفارق بين التخطيط والتخبيط، والفارق بين احترام قيمة الدولة واحترام قيمة الجنيه والدولار، فالدولة المضيفة خططت ونفذت وأنفقت ما يزيد عن اثنين وأربعين مليار دولار، من أجل أن تقول للعالم نحن هنا وبدأ أبطالها فى حصد الذهب مبكراً لكى يقولوا للعالم إننا دولة كبرى، أما نحن فنتقاتل من أجل حصة إعلانات وكبشة عمولات يحصل عليها اتحاد الكرة الفضائى، الذى يعد أغلب أعضائه مسئولين عن الرياضة فى القنوات الفضائية وهو ما يعنى أن اتحاد الكرة يبيع المباريات لاتحاد الكرة.

الفضائيات المصرية الخاصة أو المملوكة لمصريين، صدعتنا بدورها فى خدمة الرياضة ودورها الريادى فى الحفاظ على قيمة ودور مصر، ولكنها لم ترسل مندوبا واحدا لأولمبياد بكين ولا تهتم به ولا تذيع فعالياته، وخرج علينا المتحدثون باسمها بعبارات كبيرة أتحدى أن يكون واحد منهم يفهم معناها، فالبعض ردد مثل البغبغان إن عدم إذاعة مباراة الأهلى والأولمبى يتعارض مع الدستور المصرى لأنه يتعارض مع حق المعرفة، ولم نسمع لأى من المتحدثين أو القنوات صوتا فى كل قضايا الحريات وحرمان المواطن من المعرفة ومن رغيف العيش.

القنوات الفضائية لا يحكمها إلا السعى وراء الربح، ولذلك فهم يسترخصون وخاصة المعلقين والمحللين ولا يفكرون فى منافسة القنوات العربية الأخرى مثل الجزيرة والايه ار تى والشوتايم، وبنت وجودها فقط على الدورى المصرى وبالتحديد مباريات الأهلى، حيث الإعلانات أكثر والسعر أرخص فى حماية أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة الفضائى، والذين يستغلون مناصبهم فى تحقيق الربح حتى لو كان الثمن صناعة التعصب والتطرف والسب والقذف العلنى، ونشر الغباء الكروى وتحريض أعضاء الأندية على ممارسة البلطجة حتى أن أحدهم دعا أعضاء نادى الزمالك، وعلى الهواء مباشرة بمنع دخول مرتضى منصور النادى بالقوة.

أزمة إذاعة المباريات أعادت التأكيد على خيبتا الثقيلة، من حيث غياب القواعد والقوانين المنظمة لمثل هذه الصراعات، وأكدت أن قانون "الدراع" هو القانون الأقوى فى مصر، وأننا أساتذة فى تفصيل القوانين التى تخدم أشخاصا أو مصالح البعض. أما الرياضة وقيمة مصر واسمها فلا أحد يذكره لا بين شوطى مباراة غير مذاعة، لأن مصر ليست وطنا وليست غاية، وأنها مجرد وسيلة نلجأ إليها لزيادة حصتنا من الإعلانات، ولتمكين شخص ما من منصب ما وأحيانا للانتقام من شخص آخر.

والمجلس القومى للرياضة ورئيسه حسن صقر نموذج يحتذى به فى التخبيط الرياضى، وأكبر دليل على ذلك أنه قبل أشهر من بداية الأولمبياد، وبدلاُ من التركيز على المشاركة فيه وعلاج القصور، فاجأنا بقوانين شغلت الرأى العام والاتحادات المشاركة ودخل فى صراع مع الجميع فى النوادى الاتحادات، بسبب قانون الانتقام من مرتضى منصور وإبعاده عن نادى الزمالك، فكانت النتيجة أن خسرنا أبطال الدورة الماضية وسيخسر معركته فى الزمالك.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة