رمضان مقبل على الأبواب، ويزاحمه فى الدخول بدء العام الدراسى، ليزيد كل منهما من الأعباء الملقاة على عاتق المواطن المصرى، الذى يعانى من شبح ارتفاع الأسعار ليل نهار دون رحمة، سواء فى أسعار السلع الأساسية أو فى اشتعال أسعار البنزين مؤخراً.
ولكن إلى أى مدى سيتحمل المواطن المصرى كل هذه الضربات المتتالية التى تحيط به من جميع الاتجاهات، وما هو السيناريو المتوقع فى الفترة القادمة.. اليوم السابع أجرى استطلاعاً بين مجموعة من خبراء الاقتصاد والسياسة للوصول إلى إجابة على هذه التساؤلات..
بداية، قال محمود العسقلانى، مدير حركة "مواطنون ضد الغلاء"، إنه سيحدث انفجار مدوى داخل المجتمع سيدفع الجميع ثمنه، واصفاً ارتفاع الأسعار بـ"الغول الرهيب" الذى يلتهم اقتصاد البلاد دون أن يتحرك أحد أو أن ينتج عنه مايعكس مرارة هذا الالتهام، خاصة أن نصف أسعار الغذاء على مستوى العالم انخفضت بنسبة 20%، معللا ذلك بأنها جريمة دولة لأنها أدت لتحويل مجموعة صغيرة من رجال الأعمال إلى ديناصورات تمتص دم الغلابة، خاصة فى ظل افتقار هؤلاء المستثمرين للقدرة على الابتكار.
واعتبر العسقلانى تصريحات رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بشأن الأسعار بأنها صواريخ تحمل الغلاء إلى المصريين، حيث قال "إطلاق رئيس الوزراء لتصريحاته الصيفية فى الإسكندرية أكبر دليل على أن المجتمع سيشهد موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار، لأنه بهذه التصريحات أعطى الضوء الأخضر لرجال الأعمال والشركات التابعة للحكومة بأن ترفع أسعارها". كما أكد العسقلانى أن الحل يكمن فى فرض التسعيرة الجبرية أو تحديد سقف للأرباح، بما يتلاءم مع المنتج وتكلفته وتسويقه.
المزيد من الانفجارات
من جهته، توقع أمين إسكندر ـ أحد قيادات حزب الكرامة ـ المزيد من الانفجارات والاعتصامات والمظاهرات، مشيراً إلى أن الأمور قد تصل إلى حدوث ثورة كبيرة تقلب الأمور رأساً على عقب، أما على المستوى الفردى فستزداد حالات الانتحار والقتل، كما ستنهار عائلات وأسر كاملة، نتيجة أن البلد يفرض قانون السوق والعرض والطلب والنظام الرأسمالى الحر، الذى يساعد على سيطرة حوالى 3% من الأفراد على مقاليد الأمور، معتبراً أن ضعف قوى التغيير فى ظل انهيار الطبقة الوسطى والفقيرة فى التصدى لما يحدث فى المجتمع هو السبب وراء الانهيار الدائم فى معيشة الأفراد، فى مقابل توحش البعض وزيادة البلطجة نتيجة لتزاوج السلطة بالمال وانهيار الدولة فى المقابل.
وأكد إسكندر على أنه من الممكن رصد تلك التغيرات من خلال تمعن أحوال الناس، فمن كان يستطيع الذهاب للمصايف منذ خمس سنوات على الأقل لا يستطيع أن يفعل ذلك الآن، ومن كان يقوم بشراء اللحوم مرتين فى الأسبوع أصبح يشتريها مرتين كل شهر.
وأضاف قائلاً" إنه لا حل لهذه الأزمة إلا بأن يخرج الشعب المصرى من شرنقته ويناضل من أجل نيل حقوقه، فلن يحصل على أى حق وهو جالس فى منزله"، مؤكدا على ضرورة الاعتصام ورفض كل الأساليب التى يسعى بها رجال الأعمال لرفع الأسعار، لأنه لن تتغير الأحوال إلا بتكاتف القوى الوطنية وتعاونها مع بعضها البعض.
تأثير سلبى
الدكتور سمير فياض، نائب رئيس حزب التجمع والخبير الاقتصادى، أكد أن ارتفاعات الأسعار لها تأثير سلبى على كافة جوانب المجتمع المصرى، وليس فقط على الجانب الاقتصادى والاجتماعى، وأضاف قائلاً: إن عجز المواطن المصرى عن تلبية المتطلبات المادية لأفراد أسرته، والتنازل عن الكثير من رغباته ومتطلباته الاجتماعية من مأكل ومسكن ونفقات ومواصلات وعلاج وتعليم، أدى إلى ما شهده المجتمع مؤخراً من احتجاجات عمالية واعتصامات وإضرابات، بالإضافة إلى ظهور التكتلات التى يتم العمل بها للمطالبة بالحقوق بشكل سلمى أو فوضوى يغلب عليه العنف، مما يؤدى فى النهاية لظهور نزاعات طائفية وعرقية، تصل بالبلاد إلى صراع مجهول لا تحمد عقباه.
وأشار فياض إلى أن الفوارق بين الطبقات الاجتماعية جعلت مصر تشغل مكانة منخفضة فى مجال التنمية البشرية، وهو ما يظهر فى الفرق بين فئة تتمتع بالصيف والبحر فى فنادق مارينا، وفئة أخرى لا تعرف كيف تستقبل شهر رمضان والمدارس بنفقاتهما العالية، مؤكداً تأثر الطبقات الاجتماعية الدنيا الموجودة تحت خط الفقر بهذه الارتفاعات بصورة مباشرة بما يجعلها أكثر حقداً على الطبقات الأخرى، فيزداد الاحتقان وعدم الرغبة فى العمل، فيضطرب الاقتصاد والدخل القومى.
الموقف خطير
وختاماً، قال الدكتور حمدى عبد العظيم، رئيس أكاديمية السادات السابق، إن المجتمع المصرى لم يعان منذ 16 سنة من ارتفاع الأسعار كما يعانى الآن. وأكد أن معدلات التضخم وصلت إلى 23%، منتقداً سياسة الحكومة التى لم تدرك بعد خطورة هذا الموقف، الذى قد يؤدى إلى انفجار كبير مثلما حدث فى انتفاضة الخبز فى 18 و19 يناير 1977 بعد إعلان الحكومة رفع أسعار الخبز، والتى راح ضحيتها 70 قتيلاً، قبل أن تتراجع الحكومة عن قرارها.
واعتبر عبد العظيم أن العلاوات الاجتماعية التى تعطيها الدولة بهدف تخفيف العبء الذى يتعرض له المواطن ليست حلاً يعتمد عليه الناس، لأن العلاوات تتآكل دائما مع زيادة معدلات التضخم.
هل يتحمل المواطن المصرى ضربات الغلاء؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة