بمناسبة احتفالية 20 عاماً على ابن خلدون:

صعود وهبوط سعد الدين إبراهيم

السبت، 05 يوليو 2008 10:12 م
صعود وهبوط سعد الدين إبراهيم سعد الدين إبراهيم
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الاحتفال بالعشرية الثانية"، فى إشارة إلى مرور عشرين عاماً على إنشاء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، لم تكن هى الملاحظة الوحيدة التى استوقفتنى، فى تلك الاحتفالية ولكن ثلاثة "أعلام مصرية"، وضعت بطول البناية المخصصة كمقر للمركز بلغ طول الواحد منها ما يزيد على 15 متراً تقريباً، لفتت نظرى ونظر المتابعين للاحتفالية، لماذا هذه المبالغة فى التوشح بالأعلام العريضة للوطن؟ أهو نوع من إعلان الوطنية لعيون المشككين فيها؟ ربما.

الملاحظة الثالثة، كانت الموسيقى المؤلفة من مزيج من عدة تترات لأعمال درامية شهيرة، تدور حول ملاحم بطولية خاصة برجال المخابرات المصرية مثل إعدام ميت، ورأفت الهجان. ويبدو أن تلك الأعمال جرى اختيارها بعناية فائقة، لإيصال رسالة لنفى الشائعات، التى تتردد حول المركز وأنشطته، بالإضافة إلى الدعاوى القضائية الأخيرة التى طالت رئيس المركز.

شهد الدكتور سعد الدين إبراهيم، حالات من الصعود السياسى، سواء عندما تولى مسئولية اتحاد طلاب المصريين المغتربين بأمريكا، ثم قربه من النظام الحاكم فى مصر، حين كان يسدى بخدمات جليلة إلى الحكومة المصرية، ومنها تقريب الآراء بين الإدارة الأمريكية، والحكومة المصرية، بل تردد أنه كان يتولى فى فترة ما، الرد على الرسائل المتبادلة بين الجانبين. زاد صعود نجم أستاذ الاجتماع بالجامعة الأمريكية، الدكتور سعد الدين إبراهيم، لدرجة أنه كان مشرفاً على رسالة الماجستير الخاصة بالسيدة سوزان مبارك، حرم رئيس الجمهورية.

أما مجلس أمناء المركز، فقد كانت الحكومات المتعاقبة تضعه نصب أعينها هى والعديد من أجهزتها، وتم اختيار عدد من أعضاء مجلس الأمناء، كلفوا بحقائب وزارية، شديدة الأهمية منهم الدكتور على الدين هلال الذى تولى مسئولية وزارة الشباب، ثم أمانة الإعلام بالحزب الوطنى الحاكم، والدكتورة أمينة الجندى وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية، أما أصحاب المناصب المهمة بالدولة، فكان منهم الدكتور حسام بدراوى رئيس لجنة التعليم بالحزب الوطنى، والبرلمانى السابق، الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الحالى، والدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات.

عقد مركز ابن خلدون على مدار 20 عاماً أكثر من 200 مؤتمر وندوة وحلقة نقاشية، شارك فيها أكثر من 5 آلاف شخص من النشطاء فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة للديمقراطية، كما نشر المركز أكثر من 200 كتاب، إلى جانب تقاريره السنوية عن حالة المجتمع المدنى والتحول الديمقراطى فى الوطن العربى، وعن حقوق الأقليات، ومع حلول عام 1995 قرر المركز القيام بأول عملية مراقبة انتخابية لبرلمان 1995، ويرجع له الفضل فى تعميم تلك التجربة فى العديد من الأقطار العربية.

مراقبة مركز ابن خلدون لانتخابات1995، أوجد حالة من فقدان المشروعية لأية انتخابات لا تجرى فى ظل رقابة من قبل منظمات المجتمع المدنى، وربما كان ذلك سبباً رئيسياً، بالإضافة إلى مقال حول توريث الحكم فى الجمهوريات العربية نشر بمجلة المجلة تحت عنوان "الجملوكية: مساهمة العرب لعلم السياسة فى القرن الحادى والعشرين"، ربما كان ذلك سبب انقلاب الدولة على مركز ابن خلدون ورئيسه، ففى نفس اليوم التى نشرت به المقالة 30 يونيه 2000، ألقى القبض مساء نفس اليوم على الدكتور سعد الدين إبراهيم ومعه 27 من الباحثين بالمركز، ليبدأ عهد جديد للدكتور للمركز ورئيسه وسلسلة من القضايا والملاحقات بدعاوى من أشخاص، يصرون على أنه عميل للغرب مرة، وللأمريكيين مرة أخرى.

بعد المحنة الأولى التى قضى خلالها، الدكتور سعد الدين إبراهيم ثلاثة سنوات بالسجن، إلى أن برأته محكمة النقض، يتعرض الدكتور سعد لمحنة أخرى بدأت فى مؤتمرين الأول عقد بمدينة الدوحة والثانى استضافته العاصمة التشيكية براغ، خلال شهرى مايو ويونيه 2007، اشتعل على إثرهما الغضب الحكومى، وتبنت عدة صحف محسوبة على الحكومة المصرية، حملة ضخمة للهجوم على الرجل واغتياله إعلامياً. على إثر هذه الحملة، اختار الدكتور سعد الدين إبراهيم الإقامة بين الدوحة وأنقرة على مدار الـ13 شهراً الماضية، متخوفاً من الحضور إلى مصر حتى لا يواجه بسيل من الدعاوى القضائية التى تلاحقه.

الغريب أن الدكتور إبراهيم، كان قد أكد قبل أيام استعداده للحضور إلى القاهرة، مشترطاً ضمانات من الخارجية المصرية أو النائب العام بعدم التعرض له، ولكن لم يستجب لطلبه، مما يعنى محاصرته بأحكام قضائية قد تؤدى إلى بقائه داخل السجن بقية حياته، وهو ما أدركه الدكتور إبراهيم مفضلاً الحرية مع المنفى على السجن داخل الوطن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة