أسامة غريب

من مصر الغرقانة إلى ممدوح إسماعيل ..مبروك

الخميس، 31 يوليو 2008 07:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل هناك ما يثير الدهشة فى الحكم ببراءة ممدوح إسماعيل؟، لا أعتقد أن الخبر كان مفاجئاً، فقد دأبت السلطة فى مصر على تحدى الناس و استفزازهم بأقصى ما تستطيع، و لم تكف فى أى وقت عن توجيه الضربات الغليظة إليهم بمنتهى القسوة، وهى آَمنة من أى رد فعل، بسبب التأكد التام من قدرة الناس على احتمال الإهانة لآخر مدى، واليقين بأن الانفجار الذى يحذر منه البعض بين الحين والاًخر، هو ضرب من الخيال، وأن هذا الشعب مزود بطبقات سميكة من الجلد، تجعله لا يشعر أن النار مشتعلة فى لحمه منذ سنوات!.
لو أردتم أمثلة توضيحية، سأقول لكم ببساطة، هل نسيتم كل الانتخابات الماضية وما حدث فيها؟ هل نسيتم الدائرة الشهيرة بمحافظة البحيرة، عندما شهدنا لجان انتخاب وصناديق وعملية فرز وجمع للأصوات ونتيجة واضحة مؤكدة، وتهنئة يتلقاها الفائز باكتساح ثم فجأة تأتى المكالمة الغامضة من اللهو الخفى، فيتم إهدار العقل والتضحية بالمنطق وتكذيب ما رأته الأعين وسمعته الآذان ويتم الإعلان عن فوز من تم سحقه بالضربة القاضية ولمست أكتافه أرض الحلبة ورضى بالهزيمة واستسلم لها.. فى واقعة سرقة بالإكراه مثيرة للحنق والقهر والكمد. ماذا فعل الناس بعد أن رأوا بأنفسهم أن الرجل الذى منحوه أصواتهم قد خسر الانتخابات وأن الشخص الكريه الذى رفضوه قد صار نائباً لهم؟.
وهل تذكرون الوزير، الذى نصب ابنه على الناس واستولى على فلوسهم..هل جرى معه تحقيق؟، هل خرج من الوزارة؟، هل تم تقديم ابنه للمحاكمة؟ طبعاً لم يحدث..و الناس انصرفت إلى شأنها ونسيت الموضوع.
و لهذا فإن القوم يعلنون تحديهم للشعب ويقولون له: نحن غاصبون ومنتهكون ومخالفون للقانون وللمنطق و للأعراف، وسنفرض عليكم ما نشاء، وأعلى ما فى خيلكم..إركبوه!.
وهذا المعنى قد تم تدشينه منذ عدة سنوات، وقد بدأ على استحياء فى البداية، ثم لبس ثوب الفجور، بعد أن أيقنوا من نجاعة نتائجه..فعلى سبيل المثال نتابع منذ سنوات مسلسل بيع مصانع وشركات القطاع العام، والقاصى والدانى قد سمع عن حجم الخراب الذى أصاب الصناعة المصرية وحجم الفساد الذى شاب عمليات البيع، ورغم علم الجميع أن تشغيل المصانع وتدعيمها وتحسين الإدارة هى الأشياء الواجبة وليس البيع، الذى لا يجب أن يصير هدفاً تنشأ من أجله وزارة، بالرغم من هذا فإن العمال الذين منهم من تم إلقاؤه فى الشارع ومنهم من ينتظر، نجد قياداتهم تردد بثقة أن بيع المصانع هو فى مصلحة العمال!..هل رأى أحد فى الدنيا قيادات نقابية عمالية تؤيد بيع المصانع وتشريد العمال ولا تكف عن ترديد: أن هذا يتم لصالح العمال؟ و هذا طبعاً ليس بهدف إقناع أحد، فمن المجنون الذى يتصور أن باستطاعته جعل العمال يتحمسون لبيع المصانع التى يأكلون منها، لكن الهدف الحقيقى من تكرار هذه المقولات هو الكيد للعمال وتحديهم وإغاظتهم وإشاعة الوهن واليأس فى نفوسهم وإمساك العامل من رقبته وخنقه وهم مستمتعون بعذابه وضامنون أنه لن يتذمر ولن يثور.
وتعرفون طبعاً الحديث الدائم عن الديمقراطية التى يرفل فى نعيمها الشعب المصرى، فى الوقت الذى يبيتون لعمل قانون للبث الفضائى، الغرض الوحيد منه هو خنق المظهر الوحيد للشكل الديمقراطى فى حياتنا، مع محاولة إفهامنا أن هذا يتم من أجل مزيد من الحرية والديمقراطية، والحقيقة هى عكس ذلك تماماً، لكن الغرض هو أن يستسلم الناس لليأس وأن يشعروا بقلة الحيلة وانعدام القدرة وأن قوة قاهرة ليس لها دفعاً تتحكم فيهم وتقرر لهم وتحاول إهانتهم وتثبيت الشعور بالدونية لديهم، دون خشية من غضب أو رفض أو تمرد.
و متى كان الميت يتمرد؟!






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة