لماذا يكره المسلمون أمريكا.. هل هى ثقافة أم سياسة خارجية؟، وهل يكره المسلمون شخص الأمريكان أم أفعالهم؟
كل هذه التساؤلات طرحها تحليل لمواقف الرأى العام الإسلامى منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر، والذى يرى أن السياسة الخارجية هى انعكاس للثقافة الداخلية.
لهذا الاستنتاج آثار مهمة على النقاش حول السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب، حيث يقول المعنيون بالسياسة الخارجية الأمريكية "إننا نخوض حرباً ثقافية بين الحداثة والإسلام الراديكالى، الذى يستوجب التعاون العسكرى والدبلوماسى". وعلى العكس يرى غير المعنيين أن السياسة الخارجية الأمريكية، تمثل حافزاً غير مقصود للمسلمين، وخاصة لدى العرب المعاديين لأمريكا، الذين يكنون عداء للشعب الأمريكى والثقافة الأمريكية.
اظهر استطلاع رأى أجرته جامعة ميريلاند الدولية على دول مصر والمملكة العربية السعودية والأردن والمغرب والإمارات العربية المتحدة فى مارس 2008، أن 83% من المستطلعين لديهم نظرة سلبية حول الولايات المتحدة، وكشف الاستطلاع أن 80% من المستطلعين، كونوا اتجاهاتهم عن الولايات المتحدة على أساس السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، فى حين ذهب نحو 12% فقط إلى أنهم مقتنعون بالقيم الأمريكية.
وكشف الاستطلاع عن وجود صورة ذهنية سيئة عن الولايات المتحدة فى البلدان العربية، فعلى سبيل المثال تواجه الحرب على الإرهاب، معارضة شديدة داخل الدول الإسلامية، وذلك كتعبير عن معارضتهم لأمريكا، ووجد الاستطلاع أن 59% من المصريين، يعتبرون السياسة الأمريكية فى فلسطين ولبنان والقيم الأمريكية معادية لهم.
ويتفق العديد من الأكاديميين الغربيين على أن الاتجاهات السلبية التى يكنها المسلمون نحو السياسة الخارجية الأمريكية، تحظى باهتمام أكثر من اتجاهاتهم السلبية نحو الشعب الأمريكى والثقافة الأمريكية. وكانا خبيرا السياسة بيتر فوريا وراسل لوكاس كتبا العام الماضى، أن الجماهير العربية دائماً ما تقيم بلدان العالم على أساس سياستها بالشرق الأوسط.
ووفق دراسة أجرتها جامعة ميريلاند فى 2007، فإن معظم المسلمين يريدون انسحاب القوات الأمريكية من جميع الدول الإسلامية المتواجدة بها، كما يريد معظم المسلمين أن تنأى الولايات المتحدة بمصالحها وموالاتها لإسرائيل بعيداً عن علاقتها مع الفلسطينيين، مطالبين بأن توقف واشنطن تحيزها لإسرائيل فى معالجة القضية الفلسطينية، وأكدت الدراسة أن المسلمين لا يثقون فى نية أمريكا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويعتبر النموذج الفلسطينى والعراقى، محك اختبار لتشكيل أراء إيجابية أو سلبية عن الدول الأجنبية لدى العرب، لذا أظهرت دراسة 2007 أن الاتجاهات العربية الإيجابية نحو الولايات المتحدة ضئيلة للغاية، بينما جاءت الاتجاهات الفرنسية الإيجابية نحو الولايات المتحدة، تشمل نسبة عالية من المواطنين.
وأخيراً أكد كل من فلوريا ولوكاس، أنه لا يوجد دليلاً على أن العرب مستاءون من هوية الأمريكان، وهو ما أكده الخبير والمحلل السياسى مارك تيسلر فى تحليل نشر له عام 2002، حيث أشار أن مئات المواقف التى أعرب عنها المجيبون على الاستطلاع، حينما سئلوا عن التعليم الأمريكى والعلوم والسينما والتليفزيون والشعب الأمريكى، تؤكد أن الكراهية التى يكنها المسلمون للأمريكان لا علاقة لها بالتنافر الثقافى بينهما.
