استضافت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين الثلاثاء، السفير والأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالى، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان فى ندوة بعنوان "حقوق الإنسان بين الواقع والمأمول".
أبدى نقيب الصحفيين فى كلمته الافتتاحية، استياءه من اعتصام عدد من نشطاء حركة 6 أبريل على سلم النقابة فى نفس توقيت الندوة، تضامناً مع معتقلى الحركة الذى لم ينفذ حكم المحكمة بالإفراج عنهم، مما أدى إلى تأجيل الندوة ساعة كاملة لتأمين دخول غالى للنقابة، ثم توجه النقيب للقاعة بسؤال "ما دورنا كصحفيين فى الدفاع عن حقوق الإنسان، هل ينبغى علينا الوقوف أمام سلم النقابة وتعطيل الصاعدين إليها؟ كنت أتمنى أن يصعد المعتصمون من على السلم إلى هنا، ليسألوا السيد غالى عما حدث لزملائهم بدلاً من تعطيله بهذا الشكل"، ثم انتقل بالسؤال إلى الدكتور بطرس غالى...
نقيب الصحفيين: دائماً ما تقول إن قضية حقوق الإنسان فى مصر ثقافية وإن ثقافة الشعب المصرى لا تستوعبها.. فهل يصح أن نتخذ موضوع الثقافة كمبرر لعدم احترام حقوق الإنسان؟
غالى: هناك صعوبات كثيرة فى تطبيق حقوق الإنسان فى مصر، لأن هناك مواجهة بين الحركة الأصولية وبين الحكومة، وهذا قاصر على مصر، وقد عاصرت ذلك فى دول مختلفة مثل كمبوديا والسلفادور وموزمبيق ويوجوسلافيا، فالمشكلة الأساسية هى أيهما أهم، تحقيق العدالة أم تحقيق السلام، وأحياناً كثيرة يكون هناك تعارض بينهما. فنحن أحياناً يجب أن نتجاهل حقوق الإنسان ونتسامح مع جرائم حقوق الإنسان حتى يستتب السلام، أما بالنسبة لموضوع الثقافة فعندنا فى مصر من 30 إلى 40% أمية، وهذه عقبة كبيرة لأن المواطن العادى لا يهتم بحقوق الإنسان لأن "أكل العيش" أهم بالنسبة له من ممارسة حقوقه السياسية، وهذا غير قاصر علينا فالولايات المتحدة عملت جوانتانامو، إذن المصالح السياسية وأمن الدولة له الأولوية، والحكومات تنظر بعدم ارتياح لمنظمات حقوق الإنسان، وتصفها بأنها "مابتفهمش فى السياسة وبتعطل شغلنا" وثقافة حقوق الإنسان هنا ستأخذ وقتاً، فتجارة الرقيق انتهت بعد 200 سنة والصحفى لكى يصبح صحفياً متميزاً يحتاج إلى 40 سنة على الأقل، وهذه الأمور تأخذ وقتاً. ثم حتى لو وصلنا إلى هدفنا المنشود، نظل مهددين بأن تحدث انتكاسات، علينا أن نكون مستعدين لها.
نقيب الصحفيين: هل تريدنا أن ننتظر 40 سنة أخرى حتى تحترم حقوق الإنسان فى مصر؟
غالى: لو قرأتم التقارير الصادرة عن المجلس القومى لحقوق الإنسان، ستجدون أننا نبذل جهود مهمة فى الإشارة إلى بعض الانتهاكات، وفى الدفاع عن حقوق الإنسان فى مجالات هامة ومتعددة.
القاعة: ما مدى مشروعية المطالبة بمثول البشير أمام المحاكمة الدولية؟
غالى: يجوز توجيه تهمة لرئيس دولة طبقاً للقانون الدولى ومجلس الأمن مخول بذلك.
القاعة: ما المعوقات التى تعوق المجلس القومى لحقوق الإنسان لتحقيق تقدم ما على صعيد الدفاع عن حقوق الإنسان فى مصر؟
غالى: الصعوبات نفسها التى تواجه أغلب دول العالم، وهو أيهما أهم الحقوق السياسية والمدنية أم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فالصعوبات متعددة ومختلفة والرأى العام غير مدرك لذلك.
القاعة: ما موقف المجلس القومى لحقوق الإنسان من اعتقال أعضاء حركة 6 أبريل من الشباب من دون ذنب؟
غالى: لم يتقدم لنا أحد بشكوى فى هذا الشأن، والمجلس لا يتحرك إلا بشكوى مكتوبة.
القاعة: ألم يطلع المجلس على الأخبار فى الصحف، ألا يعتبر المجلس الصحف السيارة كمصدر للمعلومات؟
غالى: الصحف تختلف وتبالغ وتتناقض، ونحن لا نتحرك إلا بشكوى مكتوبة.
القاعة: لكن هناك منظمات أجنبية نددت باعتقالهم، ومن بينها منظمة العفو الدولية، فكيف لا يتحرك المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
غالى: كما قلت لكم المجلس لا يتحرك بدون شكوى مكتوبة. وهناك عشرات الحوادث تتم فى مصر والعالم، ومن ضمن القيود المفروضة على المجلس، أنه لا يستطيع العمل من دون شكوى مكتوبة.
القاعة: قررتم من قبل عقد اجتماعات طارئة للنظر فى بعض القضايا الطارئة واتخاذ موقف، فلماذا لم يعقد أى من هذه الاجتماعات رغم أن هناك عديداً من القضايا الطارئة التى ظهرت على الساحة فى الفترة الأخيرة؟
غالى: أعضاء المجلس هم فقط المخولون باتخاذ القرار فى هذا الشأن، ولم يطلب منى أى من الأعضاء عقد اجتماع طارئ، والأمر ليس بيدى وحدى.
القاعة: ما علاقة المجلس بالمنظمات غير الحكومية التى تعمل فى الدفاع عن حقوق الإنسان؟
غالى: عندما أنشئ المجلس كان هناك حوالى 20 منظمة غير حكومية تعمل فى الدفاع عن حقوق الإنسان. وفى البداية نظرت لنا هذه المنظمات نظرة متشككة وبعدم ثقة وحاولنا التواصل معهم، وعقدنا بالفعل عدداً من الاجتماعات والمشروعات بالتعاون معهم وتغير الوضع الآن.
القاعة: عملت مقارنة ظالمة بين مصر وبعض دول العالم الأخرى كالسلفادور وكمبوديا فى موضوع الصراع بين الأصوليين وبين الحكومة كسبب فى تعطيل حقوق الإنسان. لكن مصر دولة مستقرة والصراع هنا غير مسلح، ومقارنة حضرتك غير عادلة؟
غالى: قلنا هذا الكلام على مدى أربع سنوات، لكن المشكلة أن الحرب الباردة كانت لها أبعاد أيديولوجية وآثار لازالت مستمرة حتى الآن.
القاعة: لماذا نجحت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية فى تحقيق الديمقراطية فى أوروبا الشرقية، بينما لم تنجح فى العالم العربى؟
غالى: لأن أوروبا الغربية مهتمة بشرق أوروبا أكثر من اهتمامها بدول الجنوب، وهذا الأمر مطروح على ساحة النقاش الدولية وأثير فى قمة الاتحاد من أجل المتوسط الأخيرة فى فرنسا.
القاعة: ما موقف المجلس القومى لحقوق الإنسان من جرائم النشر وحبس الصحفيين؟
غالى: موقفنا واضح ونحن نرى أنه لا ينبغى معاقبة الصحفيين بالحبس بسبب آرائهم، ونرى ضرورة الدفاع عن حقهم فى التعبير. لكن المشكلة أنه لا أحد يقرأ تقاريرنا.
القاعة: لماذا لا يوجد تعاون بين المجلس القومى لحقوق الإنسان وبين الصحفيين ممثلين فى النقابة؟
غالى: هذه الندوة بداية التعاون بين النقابة وبين المجلس، وسوف يستمر هذا التعاون ويتطور بلا شك.
القاعة: منظمات حقوق الإنسان بما فيها المجلس القومى، تتلقى تمويلات من الخارج، ألا يؤثر ذلك على سيادة الدولة المصرية؟
غالى: العولمة تفرض تدخل أجهزة أجنبية فى مصر كما فى غيرها من دول العالم. كما تتيح لنا أيضاً التدخل فى شئون الدول الأخرى فمثلاً رفضنا لمعسكر جوانتانامو ليس هذا تدخلاً فى شئون الولايات المتحدة؟ إذاً التدخل الخارجى ظاهرة جديدة لكن لا مفر منها وعلينا أن نعزز نفوذنا فى الخارج أيضاً ليصبح لنا صوت.
القاعة: ما علاقة الصحافة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان؟
غالى: الصحافة يجب أن يكون لها دوراً هاماً جداً فى دعم المجلس القومى لحقوق الإنسان. والمجلس بحاجة إلى الصحافة ليجابه أجهزة الدولة التى تقبل المجلس على مضض، وكذلك المجتمع لأنه خاضع لأفكار سلفية، فالمجتمع السلفى يهدر حقوق الإنسان وحقوق المرأة. لكن للأسف الصحافة حاربت المجلس، والمجلس ليس وراءه رأى عام يقوى موقفه ويعضده ويعطيه الثقل اللازم للتأثير.
القاعة: ما معايير المجلس فى التعامل مع الولايات المتحدة؟
غالى: التدخل عنصر أساسى فى الحياة السياسية وعلينا أن نحتويه ونستوعبه ولا نخشاه ونستعد له.
القاعة: المجلس القومى متهم بأنه يحصل على تمويلات مشروطة من الخارج وخاصة من الولايات المتحدة؟
غالى: غير صحيح والتمويلات التى نتلقاها غير مشروطة، ونتلقى أيضاً تمويلات من جهات محلية.
القاعة: لماذا يميز المجلس بين الصحفيين العاملين فى الصحف القومية والعاملين فى الصحف الخاصة؟
هنا يتدخل النقيب: نحن حريصون فى علاقتنا بالمجلس على أن نطالبه بعدم التمييز بين الصحفيين وهو يحترم ذلك ويراعيه.
القاعة: المجلس متهم بالحصول على تمويلات من المعونة الأمريكية؟
غالى: الحكومة نفسها تحصل على تمويلات من المعونة الأمريكية، "فإحنا نرفض ليه".
القاعة: أعضاء المجلس متهمون بالحصول على سيارات جيب شيروكى كجزء من تمويلات أمريكية، بحجة أنها تساعدهم فى عملهم للدفاع عن حقوق الإنسان؟
غالى: لو عرضوا عليك تاخد عربية ها ترفض.
القاعة: ما رأيك فى الحكم ببراءة ممدوح إسماعيل؟
غالى: لم أقرأ حيثيات الحكم.
القاعة: متى تنتهى الأوضاع السيئة لحقوق الإنسان فى مصر؟
غالى: وضع حقوق الإنسان ليس مؤلماً زى مانتو فاكرين، وهناك مناطق ضوء كثيرة جداً.
القاعة: لماذا يستقبل المجلس السفيرة الأمريكية؟
غالى: لو جاءنا سفير السعودية برضو هارحب بيه. لكن لا يوجد تعاون بين المجلس وبين حكومات أجنبية.
وقال غالى فى نهاية الندوة، أن ظاهرة المجالس القومية لحقوق الإنسان، أقلقت الكثير من الحكومات لذلك حولناها إلى مجالس استشارية، والأمر ليس قاصراً على مصر وحدها.
وأضاف: مصر تاريخها عريق فى الدفاع عن حقوق الإنسان فى العالم، لأننا كنا مشاركين فى صياغة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان سنة 1948 ومثلنا السيد محمود عزمى وكان ضمن الوفد الأساسى، لكن حقوق الإنسان فى العالم كله شهدت انتكاسة أثناء الحرب الباردة، استناداً للفقرة 2 فى المادة 7 فى الإعلان العالمى التى تشير إلى عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وعندما انتهت الحرب الباردة، انفردت الولايات المتحدة بالسلطة فى العالم وإرادات تحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان على طريقتها، وبالتالى عاد دور الأمم المتحدة مرة أخرى للظهور لكن بشكل هامشى، لأن الولايات المتحدة تتدخل بنفسها فى الشئون الداخلية لكل دول العالم، لكن الأمم المتحدة مع ذلك، لعبت دوراً فى السيطرة على العديد من الصراعات مثلما حدث فى كمبوديا.
غالى: أكل العيش أهم للمواطن من ممارسة حقوقه - تصوير إيمان شوقت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة