تحدثت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية الثلاثاء، عن أوضاع اليساريين فى مصر الآن، ودورهم فى الحياة السياسية، من خلال استعراض مسار حياة المواطن إبراهيم حمودة الذى كان يسارياً فى شبابه.
يقول حمودة: الحكومة تضغط علينا، فليس لدى وقت كى أقرأ أو أفكر، إنها كارثة، وهو تعذيب لى، أشعر أنى مصاب بالانفصام بدون الكتب والأفكار، لكننا أصبحنا مشغولين جداً بكسب العيش من أجل البقاء، وليس لدينا وقت كى نفكر.
وقالت الصحيفة: إبراهيم حمودة كان يسارياً فى بداية حياته، وهذا يعنى أنه آمن بالقائد الاشتراكى العظيم، وصاحب الحلم العربى جمال عبد الناصر، ضابط الجيش الذى استطاع أن يحقق الاستقلال لمصر ويصبح رئيسها. لكن رؤية عبد الناصر فشلت، وبعده اغتيل الرئيس أنور السادات بسبب توقيعه معاهدة السلام مع إسرائيل، وبعده استقر نظام الدولة البوليسية التى طاردت اليساريين والإسلاميين والليبراليين والقومين وكل المعارضين السياسيين، وألقت بهم فى السجون.
ويستطرد حمودة: عبد الناصر جعلنا نؤمن بأننا قادرون على إلقاء إسرائيل فى البحر، وجعلنا نؤمن بأننا أمة عظيمة، لكن كل هذا أصبح كذبة كبيرة.
واليساريون لديهم ذكريات قاسية، فحمودة نشأ فى حى السيدة زينب الفقير بالقاهرة، وكان فى صبابه وشبابه، يجمع القمامة، ويُعطى فصولاً دراسية عن الأدب، ويدرس بالجامعة، ويقرأ لكارل ماركس، ويشارك فى المسيرات المعادية للحكومة، ويساعد القادة اليساريين على الاختباء عندما تقترب الشرطة، وتم اعتقال حمودة أربع مرات، كانت الأولى عشية مظاهرات الخبز عام 1977.
ويضيف حمودة: لقد اعتدت على الاختباء كثيراً، ولم يكن عصر المعلومات قد حل بعد، وكان على أن أقرأ الكثير من الكتب للحصول على قدر ضئيل من التفاصيل، يبدو الإيمان بالتغيير أمراً حالماً الآن، فعلى الرغم من استخدام الغاز المسيل للدموع فى الشوارع، وارتفاع الضجيج خلف قضبان السجون فى الماضى، إلا أن الإيمان بالتغيير كان ممكناً، مهما كانت شراسة المواجهة مع العسكريين.
قالت "لوس أنجلوس تايمز" إن حمودة لا يشعر بأن التغير ممكن هذه الأيام، ولا يتعلق الأمر بأنه أصبح أكبر فى السن، فبينما كان يتحدث، كانت أكبر الصحف المستقلة فى مصر "المصرى اليوم" تستعد لنشر تقرير عن القانون الجديد الخاص بوسائل الإعلام الذى ينظر فيه الحزب الوطنى الحاكم، والذى سيحد من حرية التعبير على الإنترنت، والتلفزيون والراديو والفيس بوك، وعلى كل رسالة معارضة للحكومة يتم إرسالها عبر التليفون المحمول.
ويرى حمودة الذى يمتلك شركة معدات كهربية يعمل بها ثمانية موظفين، أن الرئيس مبارك عمل على هدم النشاط السياسى فى مصر، وقسم المجتمع إلى أغنياء وفقراء، واعتبر أن هذا العصر هو الأسوأ على الإطلاق، ولا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من هذا، وسعى مبارك إلى تشتيت انتباهنا بإغراقنا فى محاولة كسب العيش لدرجة أنه لم يعد لدينا وقت أو طاقة لفعل أى شىء آخر واختتم حمودة حديثه قائلاً: لقد فقدنا جيلا شابا من اليساريين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة