اهتمت التقارير الإعلامية الإسرائيلية المنشورة عبر مواقع الإنترنت بخبر وفاة الدكتور عبد الوهاب المسيرى، وأجمعت هذه التقارير "الأولية" التى صدرت عقب إعلان الوفاة، على براعة أسلوبه وامتيازه فى حياته وإنتاجه واحدة من أهم وأبرز الأعمال الأدبية التى أنتجها العرب عن إسرائيل، وهى "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، بالإضافة إلى عدد آخر من الكتب حول إسرائيل والحركة الصهيونية، وهى الكتب التى باتت تمثل مرشداً للعديد من الباحثين والمفكرين العرب حول إسرائيل، وهو ما جعل د. المسيرى واحدا من أهم ثلاثة أدباء اهتمت بهم تل أبيب خلال العقدين الأخيرين، بعد نجيب محفوظ وأحمد فؤاد نجم، اللذين تحظيان أعمالهما وإلى الآن باهتمام الدوائر العلمية والبحثية فى تل أبيب.
وعلى الرغم من غضب العديد من الدوائر اليمينية أو الثقافية الإسرائيلية من المسيرى، بسبب تأليفه هذه الموسوعة، وذلك لعدم اعتماده فى تأليفها على الإسرائيليين أو كبار المفكرين أو العلماء اليهود عبر العالم، والمزاعم التى أوردتها هذه الدوائر حول وجود أخطاء تاريخية ودينية فى الموسوعة، بسبب اعتماده الكبير على المصادر العربية وتجاهل المصادر الإسرائيلية.
لكن العديد من الدوائر الثقافية الإسرائيلية الأخرى، أعربت عن تقديرها واحترامها لـ"المسيرى"، خاصة أن الموسوعة استغرقت منه قرابة ربع قرن(25 عاماً)، وهى مدة كبيرة للغاية تعكس صبرا وجلدا فى دراسة التاريخ والفكر اليهودى.
ويشير التليفزيون الإسرائيلى فى تقرير له إلى أن وفاة د.المسيرى بالفعل، باتت واحدة من أهم الأحداث الفكرية، ليس فقط فى المنطقة بل فى إسرائيل ذاتها، خاصة مع خبرته الواسعة فى مجال الإسرائيليات، وآرائه التى كان يهتم بها الإعلام العربى.
ويضيف التليفزيون أن "المسيرى" بالرغم من تجنبه طريق التطبيع مع إسرائيل أو زيارتها أو التواصل (إلى حد ما) مع كبار الأدباء أو المفكرين بها، ممن كانوا يرغبون فى التواصل معه، خاصة عقب صدور موسوعته، إلا أنه حظى بتقدير الدوائر الإسرائيلية، بمعنى أنه بات مثل العدو الذى يحظى بالاحترام والتقدير، ومثال ذلك نموذج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى أعلن كثير من الإسرائيليين من ذوى الأصول الشرقية، عن حبهم الصريح له، بالرغم من الانتقادات والسياسات الهادفة إلى تدمير إسرائيل والتى كان ينتهجها. وأوضح التليفزيون أنه لن يتكرر بسهولة مرة أخرى على الساحة العربية متخصص مثل د. المسيرى فى الشئون الإسرائيلية.
وتحدث التليفزيون فى نهاية التقرير عن انضمام د.المسيرى إلى حركة كفاية، وهى الحركة التى باتت تحظى بشعبية كبرى بين المصريين، مشيراً إلى أن المسيرى، ورغم مكانته الكبيرة وارتباطه بعلاقات متميزة مع الكثير من نجوم المجتمع المصرى، إلا أنه ظل وفياً لهذه الحركة ولم يتراجع عن الكفاح فيها من أجل التغيير.
من جانبه نشر موقع الأخبار الإسرائيلى عبر الإنترنت خبر وفاة د.المسيرى، وعلق عليه عدد كبير من الخبراء والمتخصصين فى الشئون العربية، حيث قال أحد المعلقين على الخبر "إننا خسرنا خصماً عنيداً مثابراً فى شئوننا الداخلية والتاريخية، وهى الخسارة التى لن تعوض بسهولة". ويقول قارىء آخر إن خسارة د.المسيرى من الممكن أن تبعث السعادة فيمن انتقدوه، ولكنها خسارة لواحد من أهم الأدباء فى المنطقة.
اللافت أن حالة الحزن باتت متجلية فى الوسط العربى فى إسرائيل، حيث أعلنت جمعية الثقافة العربية فى إسرائيل فى الناصرة عن الحداد لمدة ثلاثة أيام، وهو الحداد الذى دفع بالجمعية إلى الاستعداد للتعزية فى د.المسيرى بالقاهرة، خاصة أن كبار العلماء العرب فى إسرائيل احترموا المسيرى، وكانوا يحرصون على التواصل معه، وهو التواصل الذى بات أحد أهم الأهداف، التى يتمنى العرب فى إٍسرائيل القيام بها، خاصة مع قيام بعض المعاهد الثقافية العربية فى إسرائيل بتدريس عدد من أعماله، بل واعتماد بعض من الباحثين والأساتذة العرب فى إسرائيل على أعماله فى أطروحاتهم الفكرية لنيل الشهادات العلمية، وهو ما جعل صحيفة كل العرب توصف الدكتور المسيرى بـ"النور العلمى" الساطع من القاهرة فى أحد أعدادها.
وبالتالى يظهر تعامل الإسرائيليين مع خبر وفاة الدكتور عبد الوهاب المسيرى المكانة التى كان يحظى بها هذا المفكر والعالم، وهى المكانة التى باتت واضحة وتتزايد كل يوم مع الأعمال القديرة التى أنتجها طوال حياته، والتى كان أبرزها موسوعته عن اليهود.
الدكتور عبد الوهاب المسيرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة