سفير د.عبدالله الأشعل

خيارات السودان فى التعامل مع "الجنائية الدولية"

الثلاثاء، 29 يوليو 2008 12:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ صدور إعلان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية فى 14/7/2008 بأنه سيطلب من المحكمة إصدار أمر اعتقال للرئيس السودانى، والسؤال الملح يدور حول خيارات السودان فى التعامل مع هذه الأزمة، خاصة إذا وافقت المحكمة على طلب المدعى العام متجاهلة كافة الانتهاكات القانونية بهذا العمل .

ويبدو لنا أن الاستهداف السياسى للسودان هو الذى دفع إلى توظيف مجلس الأمن ثم المحكمة الجنائية الدولية كأدوات ضغط على السودان، فإذا استجاب توقفت الضغوط، أما إذا أصر على الصمود فإن هذه الضغوط ممكن أن تتفاقم. فكيف يتعامل السودان مع هذه الأزمة التى قذفت بها واشنطن وإسرائيل فى طريق السودان بشكل مفتعل وظاهر، وبعد أن قرر السودان الثبات على موقفه ومقاومة هذا الابتزاز .

الخيار الأول هو الخيار القانونى، ويقوم على تقييد موقف المحكمة بغض النظر عن الدوافع السياسية الكامنة وراء هذا الموقف. هذا الخيار مفيد فى التحرك الدبلوماسى والإعلامى، ويمكن أن يتخذ الخيار القانونى صوراً متعددة، منها الطعن فى موقف المحكمة برمته فى مذكرة إلى مجلس الأمن والأمين العام استباقاً لأى موقف من المحكمة والمجلس . ونرى فى هذا الصدد أن السودان يجب أن يظهر للعالم انحياز المجلس وتجاهله لدعوة الاتحاد الأفريقى لوقف إجراءات الدعوى ضد الرئيس السودانى، وتجاهل الأمانة العامة للأمم المتحدة لأحكام القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة ونظام روما نفسه، حيث دبرت واشنطن ضمن حملتها على السودان لإصدار القرار 1593 بفتح الجبهة الجنائية ضد المسئولين السودانيين.

أما الصورة الثانية من الخيار القانونى، فهى السعى لدى الجمعية العامة لكى تطلب رأياً استشارياً من محكمة العدل الدولية، على أساس أن المخالفات القانونية لنظام المحكمة ولأحكام القانون الدولى ولحكم محكمة العدل الدولية ومبدأ الحصانة الذى أكده الحكم، قد أضرت بالسودان، وأصبح هذا الحكم والمبدأ الذى تضمنه وكذلك الفرق بين الدولة الطرف وغير الطرف فى المعاهدات الدولية مناقضاً لمبدأ إغفال الحصانة من أجل عدالة جنائية متحررة وفق المادة 27 من نظام المحكمة. أما الصورة الثالثة، فهى دراسة رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد الدول التى تساند التمرد باعتباره مساندة لمحاولات النيل من الوحدة الإقليمية والاستقلال السياسى للسودان.

الخيار الثانى، هو الخيار الدبلوماسى من خلال السعى فى اتجاهات متعددة لتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا وجنوب أفريقيا ومع الأمم المتحدة، رغم مواقفها غير المشجعة ضد السودان، فضلاً عن توثيق العلاقة مع الاتحاد الأوروبى، والعمل الدبلوماسى المكثف فى الإطار العربى والأفريقى . الخيار الثالث، هواتخاذ خطوات محسوسة لإفساد مزاعم الأطراف المعادية للسودان تجاه دارفور، حتى رغم الاعتقاد بأن استمرار المؤامرة على السودان من دارفور سوف يعيق أو يحيد مثل هذه الجهود، ولكن المساندة العربية والأفريقية لتعزيز الثقة فى إجراءات السودان يمكن أن تساعد فى جدوى هذه الإجراءات، خاصة فى المجال القضائى .

إن أكبر ما يهدد السودان من دارفور ليس فقد دخول المحكمة الجنائية فى هذه المؤامرة، ولكن تسليح المتمردين واستمرار تشاد جزءاً من المؤامرة ضد السودان، والكيد المتبادل بسبب استمرار التوتر فى دارفور . وأخيراً، فإن السودان بحاجة إلى مساندة جادة من العالم العربى، خاصة وأن الدوائر اليهودية لا تكف عن مساندة الاضطراب فى دارفور . بل إن مصر، أكبر المتضررين من نجاح المؤامرة على السودان، يجب أن تكون طرفاً مباشراً لصد هذه المؤامرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة