ثورة 23 يوليو شرارة الثورات العربية

الثلاثاء، 22 يوليو 2008 09:48 م
ثورة 23 يوليو شرارة الثورات العربية ثورة يوليو فجرت ثورات العالم الثالث
كتب رائد العزاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثورة 23 يوليو 1952، كانت من حيث الموقع الجغرافى فى بلدٍ يتوسط الأمة العربية ويربط مغربها بمشرقها، وكانت من حيث الموقع القارى صلة وصلٍ بين دول العالم الثالث فى أفريقيا وآسيا، وكانت من حيث الموقع الزمنى فى منتصف القرن العشرين الذى شهد متغيرات واكتشافات كثيرة فى العالم وحروباً وأسلحةً لم تعرف البشرية مثلها من قبل، كما شهد القرن العشرين صعود وأفول ثوراتٍ كبرى وعقائد وتكتّلات ومعسكرات.. وشهد أيضاً اغتصاب أوطان واصطناع دويلات.

كذلك، فإن ثورة 23 يوليو، من حيث الموقع الفكرى والسياسى، كانت حالة ثالثةً تختلف عن الشيوعية والرأسمالية، قطبى العصر الذى تفجرت فيه الثورة، فقادت "ثورة 23 يوليو" ثورات العالم الثالث من أجل التحرر من كافة أنواع الهيمنة وبناء الاستقلال الوطنى ورفض التبعية الدولية.

إن ثورة يوليو وأحداثها غزيرة، لأنها ارتبطت بمرحلة من التطور فى مصر والعالم العربى، تصاعدت فيها موجات التحرير من الاستعمار والرغبة فى الاستقلال، وهو ما عملت الثورة على تدعيمه ومساندته، فأيدت حركات التحرر العربى وغيرها فى العديد من البلدان العربية، كان أبرزها:

العراق
كان لحركة الضباط الأحرار التى قادت ثورة يوليو 1952 دور بارز فى قيام ثورة يوليو 1958 فى العراق، والتى قادها ضباط عراقيون أطاحوا بالنظام الملكى ورئيس الوزراء نورى السعيد الذى كبل العراق بحلف بغداد الاستعمارى.

وقدمت ثورة يوليو يد العون لعبد الكريم قاسم قائد الانقلاب فى العراق ورفاقه، غير أنن انحرف بمبادئ ثورة العراق وألقى بالقوميين والأحرار فى السجون، ما دفع عبد الناصر الى اتخاذ موقف رافض لسياسة قاسم، حتى أنه كانت ينعته بـ ( قاسم... مقسم العراق) فقام تحالف بين القوى القومية الناصرية وحزب البعث وقيام ثورة 8 فبراير 1963م، إلا أن انفراد البعثيين بالسلطة وإقصاء القوميين العرب الوحدويين الناصريين عن السلطة وإبعادهم عن الساحة العراقية ولّد صراعاً جديداً دفع بانشقاق حزب البعث على نفسه. مما سهل على الضباط القوميين إسقاط قيادة سلطة البعث فى أول نوفمبر 1963م. واستجاب الرئيس عبد الناصر لدعوة العراق لتحقيق أضخم إنجاز وحدوى مع العراق وسوريا، بعد تولى الرئيس العراقى المشير عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية العراقية، بما يسمى باتفاق 16 أبريل 1964، إلا أن خيبة القوميين الوحدويين جاءت ثانية على يد عبدالسلام محمد عارف، فبدأ الصراع بينهما، مما كلف التيار القومى العربى الكثير، وخاصة الناصريين، وتعطيل المشروع النهضوى والوحدوى. إن انتكاسة أول مشروع توحيدى للأمة العربية كانت بإعلان قوى الردة انفصال سوريا عن مصر. واحتدام الصراعات بين القوى القومية العربية دفعت ثمنه الجماهير القومية العربية غالياً عامة، والشعب العراقى خاصة، وتميزت فترة الستينيات فى العراق بانكفاءة قومية وسقوط حلم التيار العروبى بالوحدة العربية.

الجزائر
كان لثورة يوليو دور بارز فى مساندة ثورة الجزائر وتبنى قضية تحرير الشعب الجزائرى فى المحافل الدولية، ومدت ثورة يوليو يد العون المادى والعسكرى والسياسى للثوار الجزائريين، حتى تحقق حلم الجزائريين بالتحرر من الاستعمار الفرنسى بعد 150 عاماً من الاحتلال، دفعت فيه الجزائر أكثر من مليون شخص ثمنا لهذا الدور.
يقول هوار بو مدين فى أحد خطاباته إن جيش التحرير الجزائرى كان يتلقى العون من دولة عربية واحدة هى مصر، التى كانت على اطلاع باللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية فى اجتماعى 10 و24 أكتوبر 1954 بالجزائر من طرف لجنة الستة. حيث ناقش المجتمعون الخطوات الأولى لقيام حركة تحرير الجزائر، ضد الاحتلال الفرنسى، بعلم مباشر لشعبة شمال أفريقيا فى جهاز المخابرات المصرى. وتركزت النقاشات حول نقطتين:

إعطاء تسمية للتنظيم الذى كانوا بصدد الإعلان عنه ليحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل، وقد اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطنى وجناحها العسكرى المتمثل فى جيش التحرير الوطنى. وتهدف المهمة الأولى للجبهة فى الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية بقصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسى.

تحديد تاريخ اندلاع الثورة: كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954 كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال فى عطلة نهاية الأسبوع، يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحى، وضرورة إدخال عامل المباغتة. وقد بثت إذاعة صوت العرب نبأ اندلاع الثورة الجزائرية وأيدتها مصر.

اليمن
قدمت ثورة يوليو وزعيمها جمال عبد الناصر كل سبل الدعم لليمن من اجل التحرر والانعتاق من ربق التخلف والطغيان والاستبداد والتعسف والقهر الأمامى الاستعمارى والذى لم يتوقف على الدعم المادى والمعنوى بل والمباشر بالعتاد والرجال منذ لحظة تفجر الثورة اليمنية "26سبتمبر و14 اكتوبر" لقد قاتل الجيش المصرى إلى جانب الجيش اليمنى معمداً العلاقات الأخوية التاريخية بالدم وما كان للنظام الجمهورى أن ينتصر والاستعمار أن يرحل من ارض اليمن لولا ذلك الدعم الشامل من مصر عبد الناصر ليسقط عشرات الشهداء من أبنائها دفاعاً عن حق الشعب اليمنى فى التحرر والحرية حتى ترسخ النظام الجمهورى وتحقيق الاستقلال الناجز الذى بدأ الطريق صوبه بشكل جدى من ذلك اليوم الذى ألقى جمال عبد الناصر عند زيارته لليمن خطابه فى مدينة تعز مطالباً بريطانيا بالرحيل من اليمن والقضاء على فلول عهود العصور الظلامية المدعمة خارجياً من جهات أرادات إبقاء شعبنا مكبل العقل والروح والجسد بالجهل والفقر والمرض فى غياهيب عصور تجاوزها العالم منذ أمد بعيد فكان انتصار الثورة اليمنية "26سبتمبرو14 اكتوبر" بعد العدوان الأسرائيلى على الأمة العربية عام 1967.

السودان
كان موضوع السودان هو نقطة الخلاف الدائمة بين المفاوضين المصريين والبريطانيين لمدة تزيد على الثلاثين عامًا، فمصر تعتبر السودان جزءا منها لا يمكن التنازل عنه، وبريطانيا تريد فصل الاثنين، لذلك رأى رجال الثورة حل مشكلة السودان حتى يتمكنوا من التفاوض مع الإنجليز للجلاء عن مصر، فوافق الزعماء السودانيون على هذا الأمر، ودمجت الأحزاب السودانية التى تنادى بالاتحاد مع مصر فى الحزب الوطنى الاتحادى.
وأعطى للسودانيين حق تقرير مصيرهم، إما بالاتحاد مع مصر أو الاستقلال، إلا أن سياسة بعض رجال الثورة خاصة صلاح سالم المسئول عنه الملف السودانى، أدت إلى سقوط وزارة إسماعيل الأزهرى المؤيدة للاتحاد مع مصر، وتألفت وزارة جديدة كانت تطلب الاستقلال، وبذلك انفصل السودان عن مصر.

المغرب
دافعت مصر يوليو 1952 عبر بيان رسمى عن قرار سلطات الاحتلال الفرنسية بعزل ملك المغرب محمد الخامس، حيث دعا زعيم حركة التحرير المغربية علال الفاسى إلى بداية مرحلة الكفاح المسلح الذى لن ينتهى إلا بعودة الملك إلى المغرب، وهو ما تحقق فعلا بعد أن لعب الرئيس عبد الناصر دورا فى دعم وتأييد العمل المسلح ضد الفرنسيين.

وتبقى القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائلى وخسارة العرب لحرب 1948 هى المحور الأساسى لقيام ثورة 23 يوليو، ولهذا قدمت الثورة الكثير للقضية الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية مالا وجهدا ودعما على كافة المستويات، ويكفى أن نذكر أن آخر جهود دعم لقضية فلسطين قام بها زعيم ثورة 23 يوليو، هو مؤتمر القمة العربى من 26 ـ 28 سبتمبر 1970، وكان بسبب أحداث سبتمبر الأسود عندما اصطدم الجيش الأردنى بقوات منظمة التحرير الفلسطينية، تلك الصدامات التى راح ضحيتها الكثير من الجانبين، ليختتم قائد ثورة 23 يوليو مسيرته النضالية والسياسية فى تمام الساعة 5 من مساء يوم 28 سبتمبر 1970 تاركا وراءه أمة تمزقت أكثر مما كانت عليه فى أيامه وشعوبا عربية تحلم بالوحدة التى لم يحققها عبد الناصر، لكنه يراها وهو فى جوار ربه فى عيون تلك الشعوب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة