دائما وأبدا تجدون إلى جانب الذين يقدمون عروضا سحرية على خشبة المسرح فتاة أو أكثر تتألق تشكيلة التدويرات والتكويرات فى أجسادهن عبر المفقود من ملابسهن، أو مضغوطة تنتظر الانفجار تحت الموجود من ملابسهن، وبين تألق التدويرات والتكويرات وتمنى انفجار المضغوطات ينصب تركيز المتفرجين تاركين المجال للمحتال الذى يدعى أنه ساحر ليستخدم خفة يده فى إخراج الأرنب من البرنيطة، وهو ما يؤدى بالمتفرجين إلى حالة استفاقة لحظية ليصفقون للمحتال أو الساحر، الذى يحقق شهرة ويربح مالاً، فى حين تظل صاحبة التكويرات والتدويرات مجهولة ومنسية ولا تحصل على شىء يــُذكر مقابل ما يحصل عليه الساحر، مع أنها هى الأساس وهو ليس بساحر ولا يحزنون .
ومن الواضح أن منهج توظيف التدويرات والتكويرات فى عروض السحر الوهمية تحول إلى منهج عام فى الفن والإعلام العربى المطبوع منه والمرئى، فقد عايشنا عشرات الصحف والمجلات التى تحقق انتشارا واسعاً بسبب وجود تدويرة أو تكويرة فى صدر الصحيفة أو مؤخرتها " أقصد الصفحة الأخيرة "، ويفرح رئيس تحرير التكويرات والتدويرات ويباهى بنجاحه المهنى، مع أنه نجح بالتكويرة والتدويرة وليس بالعمل الصحفى أو التحريرى، لأن المشترى هنا ليس بقارئ للصحف ولكنه "متأمل" لإعجاز التدوير والتكوير فى الجسد الأنثوى.
وفى الإعلان كما فى الإعلام تم تطبيق المنهج بنجاح، حتى أن إحدى الشركات الحكومية سابقا قدمت إعلانا لجهاز كمبيوتر بالتقسيط، وكان الجزء الأساسى فيه هو استعراض طابور مؤخرات أنثوية فى لقطة مقتبسة من إعلان لبان شهير، وتسألنى عن العلاقة بين الكمبيوتر واللبان أحيلك على منتجى إعلانات المؤخرات، ويا حبذا لو تسألونهم ماذا يقول المخرج للممثلة وللمصور، وما هى المفردات المستخدمة ليقوم المصور بعمل زووم للمؤخرات، وبالمرة اسألوا المنتج ما هى نسبة ارتفاع المبيعات وما هو دور الإعلان التدويرى والتكويرى فى تسويق السلعة المباعة.
وفى الفن وتحديدا فيما كان يعرف بالغناء وتحول لاحقاً إلى "البادى شو" أو استعراض الجسد، على حد تعبيرهم وتعبيرهن، امتزج جسد الساحر مع تشكيلة التدويرات والتكويرات وأصبحت المطربة تقوم بالوظيفتين معا وتحقق نفس النتيجة، فالفيديو كليب أو الأداء اللايف يعتمد على إظهار التكويرات والتدويرات دون إظهار الصوت أو الكلمات أو حتى اللحن، وبالتالى ينبهر المتأمل فى إعجاز التدوير والتكوير بما حررته المؤدية من جسدها، وتحقق انتشاراً وشهرة تعتمد على إمكانيات طبيب التجميل وجودة السيلكون المستخدم وليس على حلاوة الصوت أو جمال الكلمات أو اللحن، ومع ذلك فهى تباهى بنجاحها كمطربة، مع أن من نجح هو خراط البنات سواء كان قام بدوره فى موعده الطبيعى أو قام بذلك فى وقت متأخر وفى غرفة العمليات.
ولا يختلف الحال كثيراً فى حالة المطرب المذكر، فهو يعوض ما ينقصه بالاستعانة بمنظومة من التكويرات التدويرات تقوم بنفس الدور والوظيفة فى إلهاء المشاهد عن رداءة صوته وغياب الكلمة واللحن، والغريب هنا أن مطربا مثل إيهاب توفيق أعلن من قبل ولأكثر من مرة أنه محبط مما وصفه بالعرى، ولذلك فهو مبتعد عن الساحة الفنية، ولكنه فاجأنا بكليب يحتوى على كمية من التدويرات والتكويرات تفوق كمية نفس النوع فى كل كليبات رائدة فن المؤخرات السيدة روبى، رضى الله عنها.
وأنا هنا لا أعترض على حق المواطن فى استعراض " أى حتة " من جسده أو جسد الموديل، ولكنى أطالب بتسمية الأشياء بأسمائها, فعندما تقدم لنا مطربة مثل رولا سعد برنامجا ركيكا ومملا على قناة الحياة اسمه الحياة حلوة، وتعتمد فيها على منهج التدويرات والتكويرات، فلا يمكن اعتماده كبرنامج مسابقات فهى لا تقدم شيئا يـُذكر كمذيعة أو إعلامية، وليس فى البرنامج سطر واحد يندرج تحت بند المعلومات، ولذلك فهى أو القناة مطالبان بتعديل وصف البرنامج من برنامج إلى ترويجية للإعلان عن ورشة خراطة بنات تستخدم نوعا جيدا من السليكون.
وبمناسبة اقتراب شهر رمضان الكريم، شهد رمضان الماضى طوفان من التكويرات و التدويرات فى مسلسلات رمضان، التى تم تصوير أغلبها فى قرى سياحية لإضافة خلفيات تكويرية وتدويرية تخفف وطأة ترهل وتكوم تكويرات وتدويرات نجمات وصلن إلى وزن الطن، ولن تنجح ورشات الخراطة فى العالم فى شد ما ترهل منهن، ولو قررت إحداهن الاستعانة بالسليكون لاشتكى العالم من نقصه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة