"مدارس ...مستوصفات ...مراكز دعوية ... مقابر ...دور أيتام ... كله بالمجان" هذه عينة من شعارات الجمعيات الأهليه الدينية فى مصر كبيرها وصغيرها على اختلاف مرجعياتهم الدينية، وعلى الرغم من أن هناك ما يقرب من 22 ألف جمعية خيرية مسجلة فى مصر، فإن المسموح لها بجمع التبرعات لا يتجاوز 22 جمعية فقط بمعدل واحد فى الألف، مما يدفع إلى التساؤل حول مصادر تمويل الجمعيات التى صنفتها الدولة إلى نوعين "المسموح لها بتلقى الدم " و"غير المسموح لها بعدم التلقى"، هذا فى الوقت الذى يوجد فيه جمعيات أهلية يصل إنفاقها السنوى إلى مئات الملايين، فمن أين تحصل على كل هذه الملايين؟
الحاج أحمد رضا – مدير العلاقات العامة بالجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب و السنة، نفى أن يكون للجمعية أى علاقة بالتمويل الخارجى أو علاقة بأى تنظيمات سياسيه لا خارج مصر أو داخلها، موضحا أن تمويل الجمعية هو من مال مصرى خالص يقوم على التبرعات المادية لرجال الأعمال، وأى كلام غير ذلك فإنه مغرض وهدفه الأضرار بأى عمل ناجح، و الجمعية انتشارها يزداد يوما بعد يوم، مشيرا إلى إن الجمعية لا تحصل على الأموال اعتباطا من رجال الأعمال، وإنما بعدما تحدد المشروعات التنموية التى تود تنفيذها عليهم، شريطة أن يشارك رجل الأعمال بنفسه فى مراحل التنفيذ.
ومن خلال استطراده فى الحديث أكد "رضا" أن الجمعية الشرعية ترتبط أهدافها بشقين، أولهما الشق الدعوى الذى يتم من معاهد إعداد الدعاة التى يصل عددها إلى 62 معهدا، يشرف عليها رجال دين أزهريين لا تشوبهم شائبة، أما الشق الثانى فهو شق اجتماعى يتعلق بالعمل الخيرى من خلال تقديم خدمات طبية للمواطنين بأسعار رمزية عبر المراكز الطبية، مثل مستشفى الأطفال المبتسرين ومركز غسيل الكلى الذى يعالج فيه المرضى مجانا مع تقديم عون مادى له بقيمه 10 جنيهات بعد الكشف، بالإضافة للأنشطة الخارجية المتمثلة فى تقديم العون والإغاثة للمسلمين المنكوبين فى الخارج، عن طريق عضوية الجمعية فى المجلس الإسلامى العالمى للعون والإغاثة، بالإضافة إلى مساهمة الجمعية فى حل مشكلة "رغيف العيش" من خلال إنشاء مخابز وتوصيل الخدمات للمنازل، و امتلاك الجمعية 15 ألف "مقبرة شرعية" تعنى بها تلك المقابر التى يتم بناؤها بعيدا عن الطوب الأحمر"الذى دخل بالنار" لأنه لا يعد شرعيا.
من الجمعية الشرعية إلى الجمعية الجعفرية للرعاية الاجتماعية لأبناء الشيخ صالح الجعفرى ذات الطابع التصوفى، نفى عصام أبوالنور سكرتيرها العام هو الآخر أى علاقة لجمعية سيدى "الجعفرى" بمتصوفى الخارج أو الداخل، إلا فى إطار اللقاءات الاجتماعية، الموالد، ومجالس الذكر فى الاحتفالات الدينية، لكن مع ذلك فعلاقة الجمعية بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية، فيها نوع من الوفاق فى إطار تبادل المراسلات فى المناسبات لا أكثر و لا أقل.
وقال "أحنا ناس فى حالنا" و لا نقبل بأى تبرعات من خارج أعضاء لا من رجال أعمال أو غيرهم، موضحا أن نشاط الجمعية ينحصر فى المسجد والمستشفى ومركز لتحفيظ القرآن والمستوصف بأسعار رمزية، لأننا لا نملك أى مراكز دعوية أو شىء من هذا القبيل، لكننا نقوم بإحياء المناسبات وبناء المقابر للفقراء من أبناء الجمعية وغيرها، من خلال التمويل الذاتى من أعضاء وأبناء الجمعية لوجه الله وليس للمتاجرة، حتى إن الجمعية لا تتلقى أى شىء من الوزارة و لا نقدم لها أى طلبات بخصوص طلبات ماليه.
ومن جهته أكد محمد سعيد مدير عام الشئون الاجتماعية لجمعية الشبان المسلمين بـ6 أكتوبر، أن جمعية الشبان المسلمين تخضع للإشراف الوزارى من الجانبين "الإدارى والمالى"، وقال إن الجمعية تمارس نشاطها الشرعى "فى النور"، حتى أن مدارس الشبان المسلمين الخاصة التى تملكها الجمعية تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم، مؤكدا أن الجمعية ليس لها أى انتماء سياسى وكل هدفها هو بناء مجتمع إسلامى متحضر يواجه العالم الخارجى، وأشار إلى اللقاء الذى نظمته الجمعية بين طلابها وطلاب الدانمرك بعد الإساءة للرسول "ص" لتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم عن الإسلام.
وأوضح أن مصادر تمويل الجمعية ذاتيه، من خلال أنشطة الجمعية المتمثلة فى المدارس الخاصة بأنحاء الجمهورية والاشتراكات ودور المغتربين، بالإضافة للإعانات الحكومية من وزارة التضامن التى تصل إلى 6 آلاف و 800 لكل فرع سنويا.
كما نفى أن يكون للجمعية أى علاقة بتنظيمات خارجية أو علاقة بالإخوان المسلمين أو أن تكون الجمعية غطاء لممارسات الإخوان، وهو ما يعتقده الكثيرون فى مصر، وجمعية الشباب المسلمين حضارية نشأت فى العشرينيات رأسها العديد من قادة الفكر، أمثال الشيخ الباقورى و مؤخرا أحمد عمر هاشم، لكن للأسف المجلس الرئيسى تم حله وفرض مجلس افتراضى مؤخرا، لذا تعانى فروع الجمعية مؤخرا من التباعد وعدم الاتفاق.
و لم يكن الحاج عبدالرحمن أحمد رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية بالمطرية، سوى عنصر آخر نافيا تبعية جماعة أنصار السنة المحمدية لأى تنظيمات خارجية، أو تبنيها لأى مخططات سياسية أو تنظيمية.
مؤكدا أنه بالرغم من انتماء الجمعية لجماعة أنصار السنة المحمدية، إلا أن الجماعة لا تتدخل من قريب أو بعيد فى سياسات الجمعية من أجل تطبيق ممارسات معينة.
ويضيف أن أهداف الجمعية تتعلق بشقين، أولهما الشق الدعوى الذى ينادى بالتوحيد الخالص بعيدا عن الشرك والخرافات، التى يزخر بها المجتمع والذى تنشره الجمعية من خلال "مجلة التوحيد"، أما الشق الثانى فهو النشاط الاجتماعى من خلال إنشاء المراكز الطبية والحضانات والمقابر، التى تصل إلى 26 مقبرة على مساحة 60 مترا بطريق السويس، خصصتها المحافظة للجمعية بعد طلب منا والجوامع التى خضع بعضها لوزارة الأوقاف، من أجل مراقبة الشعائر مخالفات، هذا بالإضافة لجدول الخطابة، الذى كان يوزع على 300 فرع بأنحاء الجمهورية، من خلال الفرع الرئيسى، لكنه أصبح الآن تابعا لوزارة الأوقاف أيضا.
ويؤكد عبدالرحمن على أن تمويل الجمعية قائم بذاته ولا يتلقى أى إعانات خارجية عدا كفالة اليتيم فى حدود 60 حالة، يصل لهم التمويل عن طريق المركز العام من جمعية إحياء التراث الإسلامى بالكويت، وأكد أن التبرعات لم تحدث سوى مره واحدة، أثناء بناء المسجد، أما عن التبرعات الأجنبية فلم يحدث هذا مطلقا، لكنه تساءل هل إذا أراد مصرى عادى أن يقدم تبرعا أرفضه؟!
من الجمعيات الإسلامية إلى الجمعيات المسيحية الأهلية، التى نفى البعض ممارستها لأى أنشطة دينية أو دعوية مؤكدا أنها مجرد جمعيات اجتماعية تنموية، بالرغم من انتمائها لطوائف مختلفة "ارذوكسية، كاثوليكية"، بينما لم ينكر البعض الآخر.
من جانبه نفى فيكتور فكرى مدير جمعية كاريتاس مصر قيام الجمعية بأى أنشطة دينية فى مصر، بالرغم من أنها جمعية كاثوليكية لكنها جمعية ذات أهداف تنموية واجتماعية، تقدم خدماتها فى مجال التوعية الصحية والعلاجية بأسعار رمزية، بالإضافة إلى إنشاء الحضانات والمدارس وفصول محو الأمية والقروض الصغيرة لكل المصريين على اختلاف عقائدهم الدينية.
وأوضح فكرى أن مصادر تمويل الجمعية تتعدد ما بين المصادر المالية من الكارتسينات الأوروبية والهيئات المختلفة داخل مصر، مثل الصندوق الاجتماعى والبنك الدولى من خلال وزارة الشئون ومنظمات اليونسكو وغيرها من المنظمات، ومع ذلك ليس لها أى أهداف سياسية أو دينية تسعى لتحقيقها فى مصر، ومن يردد ذلك هم مجموعة أشخاص تعانى من عدم الاتزان تفسر الأحداث تبعا لأهوائهم الشخصية.
"ليس لجمعية التوفيق القبطية أى علاقة بالتمويلات الخارجية التى قد تلجأ إليها بعض الجمعيات المشبوهة، لتحقيق أهداف سياسية غير معلنة وعادة تكون تلك الجمعيات ممن تدعو إلى مبادئ حقوق الإنسان وإعلاء كلمة الحق والمساواة والدفاع عن المظلومين"، هذا ما بدأ به سمير عدلى مدير العام للجمعية، مؤكدا أن تمويل الجمعية يقوم على تبرعات الأعضاء التى حددتها الدولة مؤخرا إلى 24 جنيها سنويا، بعد أن كانت "غير محدده" من قبل بالإضافة للتمويل الذاتى من أنشطه الجمعية، كالمدارس الخاصة التى تملكها والمستشفى الذى أممته الدولة وننتظر الحكم الإدارى فى حق الاسترداد. ويضيف أن الجمعية لها أنشطة اجتماعية أخرى مثل إنشاء المقابر للفقراء من غير القادرين تقدم إليهم مجانا.
ويقول إن الجمعية أرثوذكسية والأرثوذكس هم أصل الأقباط فى مصر، أما الكاثوليك والبروتستانت فهما دخلوا مصر مؤخرا منذ الثمانينيات كجماعات تبشيرية، لكنهم قدموا خدمات إنسانية حتى لا يسألهم أحد عن ماذا يفعلون، وقلت لهم عندما حاولوا خطف رجال "الأرثوذكس" اجذبوا إليكم عابدى الأوثان فى جنوب أفريقيا بدلا من "الخطف" غير المبرر لإخوانكم المسيحيين.
وأكد فكرى رشدى مدير عام جمعية رعاية الأسرة والطفولة أن هدف الجمعية هو القيام برعاية الأيتام فاقدى الأب الواحد أو الأبوين من المسيحيين ورعاية الأطفال وتربيتهم على المبادئ السمحة، دون غرز أفكار معينة مع الحفاظ على حقوقهم الشرعية بالجمعية.
ونفى فكرى حصول الجمعية على أى تمويل من جهات خارجية، موضحا أن كل مصادر الجمعية التمويلية تحصل من خلال اشتراكات الأعضاء وتبرعات أهل الخير، ولا تقوم الكنيسة بإمدادنا بأى مصادر مالية إلا أنها تشارك معنويا بإرسال وعاظ للأطفال.
لمعلوماتك:
◄كانت بداية نشأة الجمعيات الأهلية فى مصر أجنبية، وذلك من خلال الجاليات الأجنبية التى كانت متواجدة فى مصر بغزارة فى القرن الـ19.
◄"الجمعية اليونانية" بالإسكندرية أول جمعية أهلية فى مصر تضم أكبر جالية أجنبية موجودة بمصر فى ذلك الوقت.
◄1878 أول جمعية خيرية إسلامية لتأتى بعد 17 عاما من تأسيس الجمعيات الثقافية.
تمويل الجمعيات الأهلية دائماً محل شك
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة