نبرة الصوت المميزة، والضحكة المجلجلة، والعيون التى تلمع باستمرار، وروح طفل مشاكس وعنيد.. كانت تلك الصفات تتأكد لى فى كل مرة ألتقى فيها الأستاذ لإجراء حوارات صحفية، أو أثناء جلسات الأصدقاء أو داخل إحدى مواقع التصوير.
شاهين تركيبة إنسانية متفردة قد نتفق أو نختلف مع أفلامه، ولكن لا نستطيع أمام دفئه الإنسانى إلا أن نعشقه، وأذكر فى إحدى المرات أننى سألته، لماذا تدخن السجائر بشراهة وأنت ممنوع عنها، صرخ فى وجهى بطفولة شديدة "هو أنت أمى! أنت مالك، أنا أجمد منك".
لم تكن شخصيته فقط هى المميزة، ولكن طريقة نطقه لبعض الكلمات و"أباحته" المحببة التى لا تشعرك أبدا بالخجل، لأن الذى ينطق بها شاهين ابن الإسكندرية، تلك المدينة المتنوعة شديدة الثراء فى تركيبتها "الكوزموبوليتانية" والتى انعكست على تركيبة شاهين الشخصية وسينماه الجوادة السخية التى تغلى بالمشاعر والأحاسيس، والفياضة بمشاريع من أجل عالم أفضل وشجاعة أكبر فى التصدى للظلم.
ويكفى عندما أطلق صرخته فى حدوتة مصرية، قائلا على لسان المطرب محمد منير "لا يهمنى اسمك، لا يهمنى عنوانك، لا يهمنى لونك، ولا ميلادك، مكانك، يهمنى الإنسان ولو مالهوش عنوان".
شاهين ليس صاحب مدرسة سينمائية مميزة فقط، بل هو المخرج المؤلف الأول فى السينما العربية، الذى ذهب إلى ما ذهب إليه فللينى وبازولينى وبوب فوس، سواء وافقت أم اختلفت معه، كما أنه ورغم ذاتيته المندفعة، لم يتخل طوال مشواره عن هموم العامة وعن التزامه بالقضايا العربية وصاحب مواقف واضحة سياسية وفنياً، كما أنه من القلائل الذين كسروا التابوهات فى السينما العربية.
الأستاذ الذى وصفه النقاد بالعبقرية، فى إحدى حواراته صرح بأن العبقرية من وجهة نظره هى "أن تجعل نفسك مستعدا لالتقاط الفكرة من رأسك إذا جاءت، وألا تسأل كيف وأين يأتى الحب، وألا تجعل هناك وسيطا بينك وبين ربك، وعن نفسى أنا لدى حوار يومى بينى وبين ربى، أسأله كل ما أريد وأناقشه، هكذا أنا أخذ كل شئ ببساطة".
◄تاريخ مصر فى سينما يوسف شاهين
◄خدعوك فقالوا: أفلامه ليست مفهومة
◄هاملت .. حلم الأستاذ المراوغ
◄شاهين.. راقص من طراز خاص
◄مناضل امتلك نبض الشارع
◄محطات إنسانية فى مكتبه ومنزله
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة