أحد الكوارث التى يتحملها البرلمان المصرى، هو فشله فى فتح أحد الملفات الشائكة والمتعلقة بموقف مصر الراهن داخل المنطقة العربية، فعلى الرغم من المحاولات التى تعكسها بعض وجهات النظر داخل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، حول استمرار دعم مصر للعديد من القضايا المطروحة على الساحة.. إلا أن سياسة خلط الأوراق التى تتبعها وزارة الخارجية، فجرت العديد من القضايا الراهنة، دفعت ببعض النواب تحت قبة البرلمان بطلب عقد جلسة خاصة، ودعوة وزير الخارجية لمناقشته فى الاتهامات الموجهة إلى وزارته.. فى حين أن سياسة "المحظور" التى يعمل بها مجلس الشعب نجحت فى وأد هذا الملف.. اللهم إلا النائب الدكتور جمال زهران، الذى واصل مسيرته لفتح هذا الملف، من خلال تقدمه بـ 25 بيانا عاجلا واستجوابات و15 طلب إحاطة، حول أزمة السياسة الخارجية المصرية وآخرها هو الطلب الذى تقدم به إلى رئيس المجلس، لعقد جلسة عاجلة للجنة العلاقات الخارجية، لمناقشة المبادرة المصرية والمشاركة فى الاتحاد من أجل المتوسط، والذى عقد بباريس مؤخراً اليوم السابع أجرت حواراً مع الدكتور جمال زهران، أبرز ما جاء فيه اتهام "زهران" لوزارة الخارجية بتبنى سياسة خارجية لخدمة سيناريو التوريث القادم، والذى يقوده جمال مبارك "وشلته" داخل الحزب الوطنى.
سألناه .. عن الدور الذى يلعبه الرئيس الفرنسى "ساركوزى" تجاه هذا الملف؟
للأسف القناع الديمقراطى الذى يتشرف به الحزب الوطنى فى المحافل الدولية، بدأ ينكشف، خاصة بعد أن رفض المرشح المقبل للرئاسة الأمريكية أوباما زيارة مصر والسعودية ضمن جولته التى يقوم بها .. مما يعنى اهتزاز أحد أهم قطبى التوازن السياسى داخل المنطقة العربية.
وما علاقة ذلك بالرئيس ساركوزى ومشاركة مصر فى مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط؟
مصر تبحث عن "مُحلل" غربى، وفى ظل المشكلات التى تواجهها مصر فى علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية، كان لابد من البحث عن غطاء جديد، خاصة وأن العلاقات المصريةـ الفرنسية وطيدة، ومن ثم فإن البحث جرى عن غطاء جديد يكرس فكرة التبعية المصرية للفريق من جانب، ويدفع بملف التطبيع مع إسرائيل من جانب آخر.
لكن الموقف الرسمى المصرى لم يطرح ملف التطبيع مع إسرائيل فى الفترة الماضية. والدليل على ذلك الأزمة التى يواجهها وزير الثقافة فاروق حسنى، منذ أن تم ترشيحه لمنصب اليونسكو؟
تراجع الموقف المصرى تجاه العديد من القضايا العربية أفقدها توازنها داخل المنطقة. والأجندة الغربية المفروضة على مصر تطالب بمواصلة الجهود الرامية لإقامة تطبيع اجتماعى اقتصادى ثقافى مع إسرائيل، وهناك دلائل كثيرة تؤكد موقفى.
وما هى الجدوى التى حققتها مصر إزاء مشاركتها فى مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط؟
ما أذيع من قيام مصر بتنظيم مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط غير صحيح، لأن المشاركة المصرية جاءت وسط تجمع شاركت فيه 44 دولة، تحت رئاسة "ساركوزى".
أذن ما الدور الذى لعبه البرلمان المصرى الأورومتوسطى قبل عقد مبادرة دول الاتحاد؟
عملية برشلونة وتقييمها لم تكن هى السبب الرئيسى لعقد اجتماع البرلمان الأورومتوسطى، ولكنها نقطة البداية التى انطلق منها "البوق" الإعلامى لتضخيم الموقف الرسمى داخل دول الاتحاد من أجل المتوسط.
بصراحة شديدة كيف ترى الموقف المصرى العربى الآن؟
الأوراق مغلوطة. وموقف مصر متأزم، خاصة بعد أن دخلت "الدولة" التى فرضتها عليها الأجندة الغربية، والتى تهدف إلى "تفتيت المنطقة العربية وتقسيمها".
وهل تتحمل الخارجية المصرية جزءاً من هذا الملف؟
مازلت على قناعة بثقل الدور الذى يمكن أن تلعبه الخارجية المصرية، حيال القضايا المطروحة داخل الوطن العربى.
وكيف ترى حال الرأى العام العربى تجاه مصر؟
هناك كثير من الآراء التى تهاجم الموقف المصرى، خاصة بعد التخاذل تجاه العديد من القضايا العربية، وفى مقدمتها الملف الفلسطينى والأزمة اللبنانية.. حتى الأزمة التى تواجهها السودان حالياً والتى تمس الأمن القومى المصرى.
إلا ترى أن هناك تواطؤا من مجلس الشعب لصالح الخارجية المصرية لعدم إحراجها أمام الرأى العام؟
هذا الكلام لا جدال فيه، خاصة وأن كافة الطلبات التى يتقدم بها النواب، لعقد جلسة علنية مع وزير الخارجية، لمناقشة حالة التردى التى تواجهها الدبلوماسية المصرية فى الخارج، لم تحظ بالموافقة من رئيس المجلس.
باعتبارك نائبا معارضا وأستاذا للعلوم السياسة .. هل تؤثر القضية الأمريكية على مخطط التوريث الذى يتبناه الحزب الوطنى؟
السيناريو الذى يشغل الحزب الوطنى الآن هو انتقال الحكم من الرئيس مبارك إلى الابن .. وهذا السيناريو لابد أن تخدمه قوى خارجية .. ومن ثم فالمصلحة الخاصة تقتضى استمرار مصر فى سياسة "الخضوع" والولاء للأجندة الغربية، حتى يمر الموقف بسلام، حتى لو تطلب الأمر تخلى مصر عن ثقلها داخل الوطن العربى.
قال إن مصر تبحث عن "مُحلل" غربى بعد مشكلاتها مع واشنطن..
جمال زهران: الخارجية تمهد لـ"التوريث"
الجمعة، 18 يوليو 2008 08:42 م