أولمرت .. عاصفة الرشوة تهدد بكنسه من السلطة

الأربعاء، 16 يوليو 2008 02:07 م
أولمرت .. عاصفة الرشوة تهدد بكنسه من السلطة إيهود أولمرت - AFP
كتب حاتم عطية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من كون إسرائيل دولة عدوانية، تحيك الممارسات القمعية والعنصرية بشكل يومى ضد الشعب الفلسطينى، إلا أنها تطبق المبادئ البديهية للديمقراطية والقانون بداخلها، ولا تفرق بين أى مواطن خضوعاً للديموقراطية والقانون، وإن كان هذا المواطن هو رئيس الوزراء أو الرئيس الإسرائيلى شخصياً، وهذا ما حدث مع رئيس وزرائها إيهود أولمرت، منذ الإعلان عن تورطه فى قضايا تتعلق بالفساد والرشوة أواخر 2007.

أولمرت..والفضيحة
بدأت فضيحة إيهود أولمرت، عندما نشرت الصحافة الإسرائيلية أواخر العام الماضى، تفاصيل الاتهامات الموجهة إلى أولمرت التى أفادت بتلقيه رشوة مالية كبيرة من رجل الأعمال اليهودى الأمريكى موريس تالانيسكى المقيم فى نيويورك والملقب فى إسرائيل بـ"الممول النيويوركى".

ومع بداية العام الجارى، بدأت الشرطة الإسرائيلية فى اتخاذ الإجراءات الرسمية ضده، ومنذ ذلك الحين تم توجيه هذه الاتهامات إلى أولمرت الذى خضع إلى عدة استجوابات "محاكمات"، من قبل الشرطة والقضاء الإسرائيلى. بعد ذلك بأسابيع خضع أيضاً رجل الأعمال موريس تالانيسكى للاستجواب بشأن قضية منحه رشوة لأولمرت، وأكد تالانسكى، الشاهد الرئيسى بالقضية، أمام محكمة القدس أنه قدم لأولمرت مبالغ نقدية كبيرة عدة مرات، موضحاً أن هذه المبالغ كانت لتمويل الحملة الانتخابية له فى عامى 1991 و1992.

وقال الراشى الكبير إن أولمرت طلب منه هذه المبالغ بنفسه، مشيراً إلى أنه أعطاه أولاً مبالغ شخصية، ثم من تبرعات جمعها له فى أمريكا، وأنه لم يعط أموالاً لأولمرت وحده، وإنما أعطى إسحاق رابين رئيس الوزراء الأسبق أيضاً، مبلغ 5 آلاف دولار منذ 25 عاماً.

وأرجع تالانيسكى معرفته بأولمرت إلى أيام حرب الخليج 1990-1991 عندما كان وزيراً للصحة، وعضواً فى حزب الليكود، مشيراً إلى أنه أحبه كثيراً، لذا قرر مساعدته، وإعطاءه أموالاً أكثر من مرة عام 1998، تتراوح قيمتها كل مرة بشكل عام بين 3 آلاف و8 آلاف دولار نقداً.

وأقر كذلك أن مجموع المبالغ التى أعطاها لأولمرت، لتمويل حملته الانتخابية الأخيرة، بلغت 100 ألف دولار، مشيراً إلى أنه – أى أولمرت "كان يحب الحياة المترفة الفاخرة".

أولمرت من القمة إلى الهاوية
ومنذ شهادة تالانسكى، التى كانت بالفعل ضده، يواجه أولمرت احتمالات كثيرة بإقالة حكومته، بعد أن هددت عدة أحزاب إسرائيلية وسياسيين بالانسحاب منها، ومنهم من انسحب بالفعل، مثل إفجادور ليبرمان وزير التهديدات الاستراتيجية وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، بجانب مطالبات إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل المستمرة لأولمرت بالاستقالة.

كما دأب باراك على تقليب الرأى العام فى إسرائيل ضد أولمرت، على الصعيد السياسى والجماهيرى، داعياً إلى إجراء انتخابات مبكرة عامة للكنيست، كما حدد باراك عدة خيارات لأولمرت بينها الاستقالة أو تعليق مهامه مؤقتاً، وهو الأمر الذى رفضه أولمرت، مفضلاً استمراره فى منصبه واستكمال التحقيق معه.

وأجمعت معظم أحزاب إسرائيل على وجوب استقالة أولمرت من منصبه بسبب تورطه فى هذه القضية، مؤكدين أنه غير جدير بالاستمرار فى منصبه، لأنه غارق فى الفساد حتى النخاع، ولأنه غير قادر على إدارة البلاد ومعالجة أموره الشخصية فى آن واحد.

وأخيراً، وفى نهاية التحقيقات مع أولمرت، اعترف هو نفسه بتلقيه أموالاً بشكل غير قانونى من تالانسكى لتمويل الانتخابات، وذلك دون إيضاحات أو أدلة دامغة، كما اعترف بتلقيه أموالا أيضاً عندما كان عمدة مدينة القدس، وعندما شغل منصب وزير الصناعة والتجارة والعمل، رافضاً اعتبار مسألة تلقيه الأموال بالرشوة.

يذكر أنه تم تسليط الضوء أيضا أثناء التحقيقات مع أولمرت، على تلقيه هو وزوجته رشوة من رجل الأعمال مايكل كدورى صاحب أحد أفخم الفنادق فى أمريكا، وذلك أثناء تولى أولمرت منصب وزير الصناعة والتجارة والأشغال، حيث نزلا فى الفندق المذكور لدى افتتاح أحد المعارض.

وكان المسئولون فى مكتب كدورى ـ وهو الرابع فى قائمة أغنياء هونج كونج وصاحب شبكة فنادق ـ، قد تحدثوا مع مرافقى أولمرت عشية وصوله إلى نيويورك. وتقرر فى أعقاب ذلك التعامل معه كـ "شخصية مهمة جداً" ولاحقاً جرى نقل أولمرت إلى شقة فخمة فى الفندق، والتى يبلغ سعر الليلة الواحدة فيها 2600 دولار، ثم تدخل كدورى لمنح أولمرت تخفيضاً خاصاً بقيمة 8400 دولار، وقدر الحساب النهائى لإقامة أولمرت وزوجته فى الفندق بـ 2200 دولار دفعتها شارون تسور ناشطة حزب الليكود المقربة من أولمرت ورئيسة جمعية international watch media، التى تهدف إلى مساندة إسرائيل فى الإعلام الأمريكى.

وأوائل الأسبوع الجارى، خضع أولمرت مجدداً لاستجواب الشرطة الإسرائيلية بسبب شبهات جديدة تتعلق بالاحتيال تدور حوله، وليس فقط الفساد، ونشرت الشرطة ووزارة العدل بياناً مشتركاً، يشير إلى شبهات جديدة تحوم حول أولمرت، تتعلق بعمليات تزوير حول تمويل رحلات قام بها قبل توليه رئاسة الحكومة فى يناير 2006، بصفته رئيساً لبلدية القدس ثم وزيراً للتجارة والصناعة.

وأشار البيان إلى أن هذه المبالغ كانت تحول جزء منها إلى حساب أولمرت الخاص من أجل تمويل رحلات خاصة إلى الخارج قام بها هو وعائلته، ولا يزال التحقيق فى هذه القضية مستمراً، مع وجود جهود تبذل من جانب آخر كى ينتهى التحقيق سريعا بسبب خطورته على اولمرت، خاصة أن هذه الشبهات تتعلق بالتزوير وخيانة الأمانة ومخالفات فى تمويل حملاته الانتخابية.

المرشحون لخلافة أولمرت
رغم الموقف الداعم لأولمرت فى قضيته من قبل معظم وزراء حزب "كاديما" الذى يرأسه أولمرت، ومن بينهم رئيس هيئة الأركان السابق شاؤول موفاز ووزير المواصلات الحالى، ووزير الداخلية مائير شيطريت ووزير الإسكان زئيف بويم، إلا أن هذا الموقف المساند له تغير بنسبة 90 درجة، بعد تأكيد الاتهامات الموجهة إليه، وأدت إلى تورطه فى النهاية.

وأكد مقربون منه أنه لا يقوى على الترشيح مرة أخرى للانتخابات، التى ستجرى فى سبتمبر المقبل، لهذا يتنافس المرشحون المحتملون لخلافة أولمرت فى رئاسة حزب كاديما، الذى يؤدى بدوره للترشيح لمنصب رئيس الوزراء، خاصة بعد أن أصبح رحيل رئيسه الحالى مؤكداً. وفى مقدمة المرشحين لرئاسة حزب كاديما، وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفى ليفنى ووزير النقل شاؤول موفاز ووزير الأمن الداخلى آفى ديختر ووزير الداخلية مائير شيطريت.

وتشير استطلاعات الرأى التى أجريت أخيراً فى إسرائيل، إلى تقدم تسيفى ليفنى تتقدم على موفاز وديختر وشيطريت لتكون رئيسة لحزب كاديما، وأيضاً رئيسة وزراء إسرائيل القادمة، وهذا لتمتعها بقدر كبير من الذكاء الدبلوماسى النابع من منصبها كوزيرة خارجية تتمتع بالكاريزما، بجانب الدهاء أيضاً لكونها عميلة سابقة للموساد فى أوروبا. وأوضحت الاستطلاعات أيضاً أن 79% من الإسرائيليين، يرون ضرورة فى أن يقدم أولمرت استقالته من رئاسة الحكومة، وإخلاء مكانه لمن سيفوز برئاسة كاديما.

إيهود أولمرت _ سيرة ذاتية
ولد إيهود أولمرت فى إسرائيل بمدينة بينيامينا عام 1945، ، بدأ خدمته العسكرية فى كتيبة 13، لواء جولانى عام 1963، وأصيب خلال الخدمة، مما أدى إلى تأجيل خدمته العسكرية، وأكمل خدمته فى 1971 كمراسل عسكرى لجريدة "باماحانيه" العسكرية، بعد ذلك حصل أولمرت على درجة البكالوريوس فى علم النفس والفلسفة من الجامعة العبرية بالقدس، ثم حصل على بكالوريوس آخر فى الحقوق ليمارس بعدها مهنة المحاماة.

بدأ أولمرت عمله السياسى منذ انتخابه، وهو فى سن الثامنة والعشرين ليكون عضوا للكنيست، ليتطور دوره كعضو ناشط فى عدة لجان بالكنيست فى 1973. وفى الفترة ما بين 1979 و1982، تطوّع أولمرت فى جيش الدفاع وتخرج من دورة الضباط، كما تطوّع فى الخدمة العسكرية فى قوات الاحتياط فى لبنان، وابتداء من عام 1988، أصبح أولمرت وزيراً لشئون الأقلّيات، ثم وزيراً للصحة ثم رئيساً لبلدية مدينة القدس.

وفى انتخابات الكنيست عام 2003، خدم أولمرت كرئيس لمقرّ الانتخابات عن حزب الليكود، وتمّ انتخابه القائم بأعمال رئيس الحكومة ووزير الصناعة والتجارة والتشغيل ثم وزيراً للمواصلات ثم وزيراً للمالية. وفى 2006، ساند أولمرت أريئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل السابق، فى الإعلان عن تأسيس حزب كاديما. ومنذ يناير، 2006 تولى أولمرت رئاسة الحكومة بعد الأزمة الصحية التى تعرض لها أريئيل شارون، وأصبح أولمرت رئيس وزراء إسرائيل بشكل رسمى بعد إجراء انتخابات عامة فى الكنيست فاز بها حزب كاديما برئاسة أولمرت.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة